في الذكرى الـ39 لاندلاع الحرب الأهلية اللبنانية.. صور الحرب السورية تنعش ذاكرة اللبنانيين

تحل في وقت يتنافس فيه الزعيمان المسيحيان عون وجعجع اللذان شاركا بالحرب على الرئاسة

صورة أرشيفية للحرب الأهلية اللبنانية تعود إلى سنة 1976 في منطقة بحمدون بجبل لبنان (أ.ب)
TT

غصت مواقع التواصل الاجتماعي في الـ24 ساعة الماضية بمئات الصور المأخوذة بين الأعوام 1975 و1990 خلال فترة الحرب الأهلية اللبنانية.

نساء متشحات بالسواد يركضن في الشوارع، جثث أطفال بين ركام أبنية بيروت وأمراء الحرب وراء متاريسهم يديرون معاركهم الدموية.. مشاهد قارنها ناشطون بصور حديثة من حلب وحمص وريف دمشق بمسعى لتذكير الرأي العام العربي والدولي بأن ما عايشه لبنان قبل 39 سنة تعيشه سوريا حاليا، فلا اللبنانيون تعلموا من تجربتهم ولا جيرانهم أخذوا العبر.

وتداول الناشطون صورا على موقع «تويتر» لأطفال قتلوا في المعارك المحتدمة منذ أكثر من ثلاث سنوات في سوريا، وكتبوا عليها «بالأمس أطفال لبنان واليوم أطفال سوريا». وقتل خلال الحرب الأهلية اللبنانية التي اندلعت في 13 أبريل (نيسان) 1975 واستمرت 15 سنة نحو 200 ألف شخص، بينما أصيب زهاء مليون بجراح وشرد قرابة 350 ألفا وفقد 400 ألف آخرون.

وتورطت في الحرب اللبنانية كل الفصائل السياسية اللبنانية بالإضافة إلى الفصائل الفلسطينية وجهات خارجية وخاصة سوريا وإسرائيل. وتصادف الذكرى الـ39 للحرب هذا العام، مع الاستعدادات للانتخابات الرئاسية اللبنانية التي يتنافس بشكل أساسي خلالها الزعيمان المسيحيان رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» ميشال عون ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، واللذان يعدان مشاركين أساسيين في الحرب الماضية.

وتساءلت غادة رزق، 48 سنة: «أي منطق هذا الذي يقول إنه علينا بعد مرور 39 سنة الاختيار بين أميرين من أمراء الحرب كي يتولى أحدهما رئاسة الجمهورية؟!»، مشيرة إلى أنه «إذا كان لبنان لم يخرج من هو أكفأ وأكثر استحقاقا بالمنصب الأول في الجمهورية من جعجع وعون فنحن في مأساة كبرى!».

وقالت رزق لـ«الشرق الأوسط»: «أمراء الحرب لا يتقنون إلا الحرب ولا مكان لهم في زمن السلم، وبالتالي إذا وصل أي منهما إلى سدة الرئاسة فلا شك أننا عائدون إلى زمن الحرب المريرة». ويأسف الشباب اللبناني الذي لا يعرف عن الحرب إلا ما يسرده له آباؤه وأمهاته، لعدم استخلاص زعمائه الحاليين الذين عايشوا الحرب وشاركوا فيها، العبر لتجنيب البلاد دوامة جديدة من العنف.

وفي هذا الإطار، عد ياسر العلي (26 سنة) أن كل ممارسات الطبقة السياسية الحالية تنذر بإمكانية اندلاع الحرب في أي لحظة، خاصة أن كل عناصر هذه الحرب باتت موجودة، لافتا إلى أن «الاحتقان الطائفي في ذروته كما أن هناك أكثر من 460 ألف لاجئ فلسطيني وما يفوق المليون لاجئ سوري». وقال العلي لـ«الشرق الأوسط»: «السلاح موجود والمقاتلون حاضرون وحدودنا مفتوحة والحرب قد تطرق أبوابنا في أي لحظة».

ما يتخوف منه العلي ينتظره ماهر (46 سنة) وهو مقاتل سابق على أكثر من جبهة خلال الحرب الأهلية، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «في السابق قاتلنا إسرائيل ودافعنا عن مبادئنا بالدم، وللأسف لم تخرج هذه الحرب إلا مقاتلين تبوأوا مراكز رفيعة في الإدارات العامة وحتى أصبحوا نوابا ووزراء!».

ويؤكد ماهر أنه سيسعى في أي حرب مقبلة لكسب الأموال وتحقيق المكاسب، «فكل فريق في الحرب يكون له دولته، ومرحلة الحرب هي الأمثل لكي يصبح الفرد مليونيرا».

ويتطلع أهالي 17 ألف مفقود لبناني خلال الحرب إلى معرفة مصير أبنائهم قريبا، بعدما أصدر مجلس شورى الدولة المتخصص بالرقابة على مشروعية الأعمال الإدارية للسلطات العامة، مطلع الشهر الماضي، قرارا يضمن حق أهالي 17 ألف لبناني مفقود بالاطلاع على نتائج التحقيقات التي أجرتها لجنتان شكلتهما الحكومة اللبنانية لتحديد مصيرهم.

وقد جرى تشكيل اللجنة الأولى في عام 2000، وهي تلقت ملفات من الأهالي على مدى ستة أشهر وأعلنت في تقريرها أن ثمة 2.046 حالة من المفقودين وأن أيا منهم لم يكن على قيد الحياة ونصحت عائلاتهم بإعلان وفاة المفقودين، من دون تقديم أي دليل على الوفاة، وبالتالي فإن معظم العائلات لم تتجاوب مع الطلب الرسمي اللبناني. أما اللجنة الثانية والتي تشكلت في عام 2001، فعملت لمدة 18 شهرا ونظرت في نحو 900 حالة ولكنها لم تصدر أي تقرير يلخص نتائج تحقيقاتها.