مجلس الأمن يناقش غدا قرار محاسبة النظام السوري.. والجربا يبحث تليين الموقف الصيني

مروة: الـ«فيتو الروسي» متوقع واتخاذ القرار خطوة متقدمة لإسقاط الأسد

TT

يناقش مجلس الأمن غدا الثلاثاء مشروع قرار فرنسي، يدعو لمحاسبة الرئيس السوري بشار الأسد كمجرم حرب على انتهاكات ترقى إلى مستوى «الجرائم ضد الإنسانية» وإحالتها إلى المحكمة الجنائية الدولية، وذلك استجابة للطلب الذي قدمته قبل يومين المفوضة السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان نافي بيلاي. وذلك بموازاة إعلان الائتلاف الوطني السوري المعارض عن بدء رئيسه أحمد الجربا زيارة رسمية إلى الصين اليوم، تهدف إلى محاولة إحداث «تمايز بين الموقفين الروسي والصيني».

وفيما لا تتوقّع المعارضة أي جديد على صعيد مجلس الأمن في ضوء التمسّك الروسي بـ«الفيتو» الذي يحول دون اتخاذ قرار قوي، يرى عضو الائتلاف الوطني رئيس المكتب القانوني في المجلس الوطني السوري هشام مروة أنّ اجتماع مجلس الأمن، الذي أتى بعد تقرير بيلاي ليؤكّد كذلك ما كشف عنه في نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي ما يعرف إعلاميا بـ«تقرير سيزار»، حول تورط نظام الأسد بقتل 11 ألف معتقل تحت التعذيب، هو «خطوة جيدة».

ويرى مروة في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أنّ المجتمع الدولي كان يفترض أن يقوم بهذا التحرك قبل ذلك، لا سيّما في ظل تمادي النظام بجرائمه وصولا إلى استخدام السلاح الكيماوي إضافة إلى العمل على تمديد شرعيته في الانتخابات الرئاسية المقبلة، سائلا: «كيف يمكن لدول تحترم القانون الدولي أن تسكت على كل هذا الذي يحصل في سوريا وضدّ الشعب؟».

ويتزامن موعد جلسة الأمن مع بدء، أحمد الجربا، رئيس الائتلاف الوطني المعارض على رأس وفد من الائتلاف زيارة رسمية إلى الصين اليوم، بحسب مصادر من الائتلاف. وقال هادي البحرة، سكرتير الهيئة السياسية في الائتلاف، إن الهدف من الزيارة هو «فتح قنوات التواصل مع الصينيين ومحاولة إحداث تمايز بين الموقفين الروسي والصيني».

وأشار البحرة إلى أن الهدف أيضا أن يعرف الصينيون طبيعة الأوضاع في سوريا وحقيقتها، وتطلعات الشعب السوري لتغيير مواقف الصين، والتي ظهرت بوادرها بتصويتها لصالح القرار 2139. وذلك بعد استخدام بكين لحق الرفض (الفيتو) في ثلاث مناسبات سابقة أمام مجلس الأمن لمنع صدور قرار يدين نظام الأسد.

من جانبه، يأمل مروة، في حال تعثّر الوصول إلى نتيجة إيجابية في اجتماع مجلس الأمن غدا، أن يجري اتخاذ قرار في الجمعية العامة للأمم المتحدة من خارج مجلس الأمن لإحالة الأسد إلى محكمة الجنايات الدولية، وتجاوز بذلك الشلل الذي يصيب مجلس الأمن، مشيرا إلى أنّه في حال، وإن كان الأمل ليس كبيرا، اتخذ قرار تحويل جرائم النظام إلى محكمة الجنايات الدولية، فسيكون هزيمة كبيرة للرئيس السوري وخطوة متقدمة نحو إسقاطه.

وسيخصص اجتماع مجلس الأمن، الذي دعت إليه فرنسا، لمناقشة أعمال التعذيب والإعدام في سجون النظام السوري، ولا سيّما ما يسمّى تقرير «سيزار» الذي وثّق آلاف حالات المعتقلين في السجون السورية، وعدته الحكومة السورية «مسيّسا».

وكانت فرنسا قد دعمت مشروع قرار إحالة جرائم النظام السوري إلى محكمة الجنايات الدولية، بتقرير «سيزار» الذي تضمن 55 ألف صورة لـ11 ألف معتقل، تثبت جرائم النظام وأساليب تعذيبه في سجونه السرية في سوريا، وقد أظهر جثثا ملطخة بالدماء عليها آثار تعذيب وتجويع لأشخاص كانوا قيد الاعتقال، كما ظهرت على جثث أخرى علامات الشنق والخنق بأسلاك معدنية، أو صعق بالكهرباء.

وفي حين كانت بعض الدول الغربية تسعى منذ فترة إلى إحالة ملف سوريا على المحكمة الجنائية الدولية الذي يصطدم دائما بعرقلة روسية، قال دبلوماسي أوروبي إن «مشروع القرار الفرنسي المتعلق بإحالة سوريا على المحكمة الجنائية الدولية نوقش بين الدول الغربية الدائمة العضوية وهي فرنسا، والولايات المتحدة، وبريطانيا، وسيوزع على باقي أعضاء مجلس الأمن بعد جلسة الثلاثاء».

وكانت مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية فاليري آموس قد أكّدت في بيان أصدرته الأسبوع الماضي أن طرفي النزاع في سوريا يرتكبان انتهاكات لحقوق الإنسان، لكنّ القوات الحكومية تتحمل المسؤولة بشكل أكبر. وعدت أنّ الاعتداءات على المدنيين، هي جرائم حرب، قد ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية، مشيرة إلى أنّ «استخدام السيارات المفخخة، والبراميل المتفجرة، والقصف الجوي والمدفعي على المناطق المدنية من دون تمييز بين الأهداف العسكرية، والمدنيين هي انتهاكات للقانون الدولي الإنساني».

وقلّلت بيلاي حينها من اتهامات المندوب السوري الدائم لدى الأمم المتحدة السفير بشار الجعفري لها بالانحياز، منددة بـ«الإخفاق في حماية الحكومة السورية مواطنيها»، وأكّدت أنّ «هناك مؤشرات لارتكاب جرائم بالغة الخطورة في سوريا»، مطالبة إحالة الملف على المحكمة الجنائية.

وكان المدعي العام الدولي السابق في الأمم المتحدة، ديفيد كراني، الذي لعب دورا أساسيا مع اثنين آخرين من المدعين العامين الدوليين، بوضع «تقرير سيزار»، الذي صدر شهر يناير الماضي، أنّ سوريا «مثال تقليدي» لبلد ارتكبت فيه «جرائم ضد الإنسانية» لم يسبق لها مثيل منذ معتقل «أوشفيتز» النازي في بولندا.

و«سيزار» هو الاسم المستعار لشرطي سوري، انشق عن الجيش السوري حاملا معه أدلة بشأن عمليات التعذيب التي ترتكب في سوريا، أبرزها شريحة إلكترونية تتضمن نحو 55 ألف صورة لـ11 ألف معتقل قضوا في السجن بين 2011 و2013.

وأكّد كراني أنّه قام مع خبراء خصوصا من الأطباء الشرعيين وتقنيين متخصصين بالتدقيق في هذا النوع من الأعمال، وتفحصوا منها ستة آلاف صورة، كانت كفيلة باقتناعهم بأن 11 ألف شخص تعرضوا للتعذيب والتجويع حتى الموت، والإعدام في مراكز وأماكن اعتقال تابعة للنظام.