انتهاء الحملة الانتخابية في الجزائر بتلاسن بين معسكري بوتفليقة وبن فليس

المرشح المستقل: الشعب يرفض الرئاسة مدى الحياة والتوريث

مؤيدون للرئيس الجزائري خلال اللقاء الانتخابي الأخير في الجزائر مساء أمس (رويترز)
TT

انتهت حملة انتخابات الرئاسة الجزائرية أمس، على وقع تراشق لفظي حاد بين الرئيس المترشح عبد العزيز بوتفليقة وخصمه اللدود علي بن فليس الذي صرح للصحافة بأنه سيقاتل «ضد التزوير من أجل حماية الأصوات التي ستمنح لي». ويلتقط المترشحون الخمسة، ومن ناب عن بوتفليقة، أنفاسهم لمدة ثلاثة أيام قبل الموعد الحاسم المنتظر الخميس المقبل.

ونفت «مديرية حملة المترشح الحر علي بن فليس»، أمس في بيان، اتهامات وجهت لها من طرف «مديرية المترشح الحر عبد العزيز بوتفليقة»، مفادها أن «ممثلي بن فليس يمارسون عنفا لفظيا وجسديا ضد ممثلينا وضد الصحافيين الذين يغطون أنشطتنا، في الكثير من الولايات». واتهمت أيضا بـ«تهديد الولاة في حال خسر في الانتخابات». وجاء في البيان: «إن الافتراءات ضد مساندي ومناصري السيد بن فليس، في الكثير من مناطق البلاد، تهدف في الحقيقة إلى إخفاء عجز الرئيس المترشح عن تعبئة الجماهير. فهي تهدف إلى حجب واقع يتميز برفض الفساد الذي أسس لعمل الدولة في السنوات الأخيرة».

وأضاف البيان أن بن فليس «يدرك كل التلاعبات التي تحاول عبثا تشويه رسائله الواضحة، حول مسألة التزوير، ويغتنم هذه الفرصة ليؤكد مرة أخرى مضمون وروح تصريحاته: نعم لقد وجه نداء لأعوان الدولة، من الوالي مرورا برئيس الدائرة ورؤساء البلديات والأعوان المكلفين بالاقتراع. فقد طلب من هؤلاء أن يعوا ثقل المسؤولية الملقاة على عاتقهم، بخصوص نزاهة وشفافية الاقتراع. وأكد لهم أنهم يبغضون في قرارة أنفسهم التزوير، إدراكا منهم أن الله يرفضه والأخلاق ترفضه، والقانون يعاقب مرتكبيه. وناشد فيهم حسهم بالشرف الشخصي والعائلي، لأنه يعلم علم اليقين أنهم غالبا ما يتصرفون عكس إرادتهم بفعل التهديدات والابتزاز».

وكان موضوع «التزوير» والتنديد به، حاضرا في كل التجمعات التي عقدها بن فليس خلال 21 يوما من الحملة. وصرح للتلفزيون الحكومي بأن الولاة، الذين يمثلون الحكومة على المستوى المحلي، «يتحملون المسؤولية التاريخية إن تورطوا في تزوير الانتخابات». وتسبب هذا التصريح في إثارة حفيظة الموالين لبوتفليقة، فعدوه «تهديدا صريحا بالخروج إلى الشارع إذا مني بن فليس بالهزيمة».

وفاجأ بوتفليقة الجزائريين مساء أول من أمس، في نشرة أخبار التلفزيون الحكومي، وهو يندد بتصريحات بن فليس. فقد ذكر عندما استقبل وزير خارجية إسبانيا خوسيه مانويل مارغالو، أن «أحد المترشحين يهدد الولاة والسلطات ويحذرهم بأن يحافظوا على أبنائهم وعائلاتهم.. ماذا يعني هذا؟ إنه إرهاب عبر التلفزيون». ولم يذكر بوتفليقة بن فليس بالاسم، ولكن كل المتتبعين فهموا أنه يستهدفه.

يذكر أن بن فليس ترشح ضد بوتفليقة في انتخابات 2004. ومن المفارقات أنه كان مدير حملته في انتخابات 1999، ثم عينه أمينا عاما بالرئاسة ثم مديرا للديوان بها، وبعدها رئيسا للحكومة.

وقال بوتفليقة أيضا إن الحملة الانتخابية «كانت شرسة؛ إذ تخللها تحريض على العنف وتصرفات غير ديمقراطية بتاتا». وبدا الوزير الإسباني مندهشا لحديث بوتفليقة عن شأن داخلي لا يخص زيارته، ثم قال له: «لاحظنا أنها كانت صعبة للغاية، ولكن هل تعتقد أنها كانت سيئة لهذه الدرجة؟». والأغرب فيما جمع بوتفليقة من حديث مع رئيس الدبلوماسية الإسبانية، أن الرئيس الجزائري أبلغه بأنه تابع باهتمام أطوار مباراة في كرة القدم جمعت نادي برشلونة بأتليتكو مدريد الأسبوع الماضي! وقال إن إقصاء النادي الكتالوني «كان مفاجأة». وفهم مراقبون هذه «الحركة» من جانب بوتفليقة، بأنه «أراد إشهاد العالم على أنه ضحية عنف منافسه الأبرز، وأن التزوير الذي يحذر منه بن فليس لا أساس له».

يذكر أن بوتفليقة لم يظهر إطلاقا خلال الحملة، التي خاضها بدلا منه مدير حملته عبد المالك سلال الذي أنهى مهامه في رئاسة الوزراء لهذا الغرض. ويعتقد على نطاق واسع بأن بوتفليقة سيفوز في الانتخابات، بحجة أنه مستفيد من دعم العسكر.

وصرح بن فليس لوكالة الأنباء الألمانية، بخصوص حظوظه في أن يصبح رئيسا: «لست واثقا من الفوز أو عدم الفوز، أنا واثق من شيء واحد هو إرادة الشعب.. أنا أعلم أن نسبة كبيرة من الشعب الجزائري، تدافع عن برنامجي وتصوت له، وهذا الشعب الذي تعود من قبل على الأمر الواقع المتمثل في التزوير المفضوح، في اعتقادي أنه هذه المرة لن يقبل بالتزوير ولن يقبل الاعتداء على إرادته». وأعرب عن اطمئنانه بشأن حديث قائد أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح، عن «عزم الجيش أن يكون محايدا في الانتخابات»، في إشارة إلى ما نقلته عنه لويزة حنون مرشحة اليسار للرئاسة، بأن «العسكر سيقفون على نفس المسافة إزاء المترشحين». وكان ذلك خلال لقاء جمعهما في فبراير (شباط) الماضي. ومعروف عن صالح أنه من أشد الموالين للرئيس المترشح. وأضاف بن فليس: «الشعب الجزائري يطلب التغيير السلمي، ولا يريد الرئاسة مدى الحياة ويرفض التوريث.. النظام القائم الآن من قبل الرئيس المترشح يريد الإبقاء على الأوضاع كما هي، وعدم قيام نظام ديمقراطي تعددي».