الإفراج عن وزير الداخلية ومدير الأمن الرئاسي السابقين في تونس

اتهام القضاء العسكري بالانحياز

TT

غادر عدد من رموز النظام السابق وقياداته الأمنية السجن أمس، بعد ثلاث سنوات قضوها على خلفية اتهامهم بإطلاق الرصاص على المتظاهرين خلال أيام الثورة التونسية.

وأقرت محكمة الاستئناف العسكرية حكمها الابتدائي القاضي بالسجن المؤبد في حق الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي، فيما خففت الحكم الصادر ضد رفيق بلحاج قاسم وزير الداخلية السابق من 12 سنة سجنا إلى ثلاث سنوات، وحكم على أحمد فريعة آخر وزير داخلية في عهد بن علي بالسجن سنتين، مع وقف التنفيذ. وأفرج عن قاسم وعلي السرياطي المدير العام السابق للأمن الرئاسي، ولطفي الزواوي المدير العام السابق للأمن العمومي، وجلال بودريقة العميد السابق في وحدات التدخل، وعادل التيويري المدير العام السابق للأمن الوطني، بعد قضائهم عقوبة السجن في حدود ثلاث سنوات تنتهي اليوم الاثنين 14 أبريل (نيسان) الحالي، وهي مدة الحكم الذي أصدرته الدائرة الجنائية بمحكمة الاستئناف العسكرية بتونس في حق الموقوفين في قضايا شهداء تونس العاصمة وصفاقس وتالة والقصرين والكاف وتاجروين والقيروان الذين سقطوا خلال الاحتجاجات التي سبقت الإطاحة بنظام بن علي يوم 14 يناير (كانون الثاني) 2011.

وأكد عدد من المحامين الذين انتصبوا في تلك القضايا في تصريحات صحافية أن جميع الأحكام تغيرت بين جلسة قضائية وأخرى، ومرت من تهم تتعلق بالقتل المتعمد إلى القتل بفعل الخطأ في أقصى الحالات. واتهم المحامون القضاء العسكري بتكييف القضية والحكم بناء على تهم بعيدة عن القتل والقتل المتعمد، وتوجيهها نحو اتهامات فرعية على غرار «عدم أخذ القيادات الأمنية الاحتياطات اللازمة عند مواجهة الاحتجاجات».

وقررت المحكمة العسكرية رفع المنع من السفر عن جميع المتهمين، وعلى الفور وبعد الإعلان عن تلك الأحكام أعلن شرف الدين القليل أحد أعضاء هيئة الدفاع عن ملف الشهداء والجرحى، عن توجه جماعي نحو الطعن في الأحكام الصادرة عن المحكمة العسكرية لعدم الاقتناع بمدى تناسبها مع «هول» الجرائم المرتكبة.

وخلفت الأحكام الصادرة ليلة السبت الماضي والقاضية بتقليص العقوبة من 20 سنة إلى ثلاث سنوات سجنا فقط عاصفة من الانتقادات في صفوف عائلات الضحايا وبين هيئات الدفاع. وزاد رفض المتهمين الاعتذار لعائلات الشهداء توتر الأوضاع، وأثار موجة من الانتقادات وصلت إلى حد اتهام القضاء العسكري بتبرئة النظام السابق وتبييض سيرة رموزه السياسية وقياداته الأمنية التي تقف وراء إطلاق الرصاص على المتظاهرين بين 17 ديسمبر (كانون الأول) 2010 و14 يناير 2011.

وفي هذا السياق، انتقد محمد جمور المتحدث باسم حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد (الحزب الذي كان يتزعمه شكري بلعيد) وهو ضمن هيئة الدفاع عن ضحايا الثورة لـ«الشرق الأوسط»، الأحكام الصادرة عن القضاء العسكري ووصفها بأنها تمثل «وصمة عار على جبين القضاء العسكري»، وعد تلك الأحكام «اغتيالا ثانيا للشهداء والجرحى». وأضاف متهكما: «لم يبق لنا إلا أن نطلب العفو من بن علي وزوجته»، وأشار إلى ما عده «مسلسلا لتبرئة النظام السابق من كل الجرائم المرتكبة إبان الثورة».

وفي سياق رد فعل على تلك الأحكام التي قالت هيئة الدفاع عن شهداء وجرحى الثورة إنها «مخففة إلى حد كبير»، أعلن عدد من المحامين عن انسحاب جماعي من جميع قضايا شهداء وجرحى الثورة بينهم محمد جمور. وشكك المرصد التونسي لاستقلال القضاء (مستقل) في استقلالية المحاكم العسكرية، وقال أحمد الحمروني رئيس المرصد لـ«الشرق الأوسط» إنه يدعو إلى إعادة المحاكمات والحكم على المتهمين باستعمال الذخيرة الحية ضد المتظاهرين المسالمين بما يتناسب والجرائم المرتكبة.

ووفق نص الأحكام الصادرة بحق المتهمين، فإن عددا آخر منهم سيطلق سراحه يوم 14 مايو (أيار) المقبل، وهو ما سيعيد الجدل إلى المربع الأول.