استقالة مفاجئة لرئيس الحكومة الليبية بعد تعرضه لاعتداء مسلح وتهديده بالقتل

السفيرة الأميركية في طرابلس تلتقي ممثلين عن التيار الإسلامي

TT

انقلب المشهد السياسي أمس في ليبيا رأسا على عقب مجددا، بعد استقالة رئيس الحكومة المكلف عبد الله الثني، إثر تعرضه لهجوم مسلح شنته بعض كتائب الثوار مساء أول من أمس في العاصمة الليبية طرابلس لمطالبته بالإفصاح عن حقيقة بنود قيل إنها سرية في الاتفاق الذي أبرمته الحكومة مع ما يسمى المكتب السياسي لإقليم برقة لإعادة فتح حقوق وموانئ النفط المغلقة في شرق البلاد.

ولم يعلن المؤتمر الوطني العام (البرلمان) الذي يعد أعلى سلطة دستورية في البلاد، حتى مساء أمس، أي موقف رسمي من استقالة الثني، ولم يؤكد قبولها أو رفضها. وقالت مصادر ليبية رفيعة المستوى لـ«الشرق الأوسط» إن كتائب الثوار هاجمت مقر إقامة الثني برفقة أسرته واتهمته بالكذب بشأن حقيقة الاتفاق المبرم مع إبراهيم الجضران زعيم المحتجين المسلحين في إقليم برقة. وأوضحت أن هجوم الكتائب التي يعتقد أنها تابعة لغرفة ثوار ليبيا كان بسبب هذه الاتفاقية، حيث طالبوه بالإفصاح عن بقية البنود غير المعلنة منها.

وعلمت «الشرق الأوسط» أن الثني قدم خطاب استقالته رسميا إلى المؤتمر الوطني صباح أمس بعدما أجرى سلسلة من اتصالات هاتفية مع بعض معاونيه خلصت إلى ضرورة استقالته من منصبه. وقال أحمد الأمين الناطق الرسمي باسم حكومة الثني لـ«الشرق الأوسط» في تصريحات خاصة عبر الهاتف من العاصمة الليبية إن الثني تقدم بخطاب الاستقالة إلى المؤتمر الوطني من خلال البريد، نافيا عقد اجتماع غير معلن بين الثني ونوري أبو سهمين رئيس المؤتمر.

وأعلن الثني اعتذاره عن قبول تكليفه بتشكيل الحكومة، مؤكدا استمراره وأعضاء الحكومة في تسيير الأعمال إلى حين اختيار شخصية وطنية مناسبة لتولي مهام رئاسة الحكومة. وأرجع الثني في بيان مفاجئ نشره الموقع الرسمي للحكومة الليبية على شبكة الإنترنت استقالته إلى حرصه على مصلحة الوطن، وعدم جر الأطراف المختلفة إلى اقتتال ليس فيه طرف رابح، مؤكدا أنه لا يقبل بأن يكون سببا في اقتتال الليبيين بسبب هذا المنصب.

وكشف عن تعرضه هو وأسرته إلى ما وصفه باعتداء غادر الليلة قبل الماضية بإطلاق الرصاص الذي روع الآمنين في المنطقة السكنية وعرض حياة بعضهم للخطر.

وعبر الثني عن تمنياته للمؤتمر الوطني لاختيار الشخصية الوطنية المناسبة لتولي مهام رئيس الحكومة المؤقتة وأعضائها لخدمة ليبيا.

من جهتها قالت مصادر أمنية طلبت حجب هويتها لـ«الشرق الأوسط» إن المسلحين هاجموا منزل الثني في حي الأكواخ بوسط العاصمة طرابلس وجردوا حراسه من السلاح واعتدوا عليه بالسب والألفاظ البذيئة، مشيرة إلى أن المسلحين طالبوا الثني بتقديم استقالته وهددوه بالتصفية الجسدية وقتل وخطف أفراد أسرته إذا لم ينصع إلى مطالبهم.

وأوردت مصادر مقربة من الثني تفسيرا آخر لاستقالته، حيث أوضحت أنه رفض البقاء في منصبه بعد تعرضه لضغوط عنيفة من أعضاء المؤتمر الوطني وقادة بعض فصائل الثوار المسلحة لتعيين بعض المحسوبين عليهم في مناصب وزارية في حكومته الجديدة، مشيرة إلى أنه أيضا تعرض للضغط بسبب قرار بتعيين صلاح بادي أحد المحسوبين على التيار الإسلامي المتطرف، مديرا لجهاز الاستخبارات العسكرية في الجيش الليبي.

وكان مقررا أن يقدم الثني حكومته الجديدة إلى المؤتمر الوطني لاعتمادها خلال اليومين المقبلين، علما بأن المؤتمر صوت لصالح تعيينه رئيسا دائما للحكومة بأغلبية ضعيفة في جلسة مثيرة للجدل حضرها نحو 71 عضوا فقط من إجمالي عدد الأعضاء الـ200. وعين المؤتمر أول الأمر وزير الدفاع عبد الله الثني رئيسا مؤقتا للوزراء بعد أن صوت على حجب الثقة عن سلفه المقال علي زيدان، وكلفه بتصريف أعمال الحكومة لمدة أسبوعين حتى يجري اختيار رئيس جديد للحكومة خلال هذه المدة.

في غضون ذلك واصلت ديبورا جونز السفيرة الأميركية لدى ليبيا لقاءاتها المثيرة للجدل مع المحسوبين على التيار الإسلامي في ليبيا، حيث التقت أمس محمد صوان رئيس حزب العدالة والبناء، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، بعد يومين فقط على لقاء مماثل جمعها مع عبد الحكيم بلحاج رئيس حزب الوطن والقائد السابق للجماعة الليبية المقاتلة في مقر إقامته بأحد فنادق العاصمة طرابلس. وقال بيان لحزب الإخوان إن صوان أبلغ السفيرة الأميركية أن حزبه ليس مهتما بالمشاركة في الحكومة بقدر اهتمامه بنجاحها واجتياز ليبيا للمرحلة الحرجة التي تمر بها، مبينا أن بلاده ضاعت عليها فرص كثيرة من خلال إخفاق الحكومات السابقة. وبعدما وصف مرحلة رئيس الحكومة السابق علي زيدان بأنها كانت من أصعب المراحل التي مرت بها ليبيا، أبلغ صوان شكره للولايات المتحدة والمجتمع الدولي على موقفه الرافض لبيع النفط خارج شرعية الدولة.