أرثوذكس الأردن وفلسطين يخشون تهويد ممتلكات الكنيسة في القدس

يطالبون بتعريبها وتخليصها من «السيطرة اليونانية»

TT

يدرك المسيحيون الأرثوذكس في الأردن وفلسطين أن المطالبة بتعريب الكنيسة المقدسية (التي ينتمون إليها) من السيطرة اليونانية، أمر غير وارد في الوقت الحاضر، لكنهم يطالبون بالشراكة في إدارة كنيستهم.

وكان المئات من أبناء الطائفة الأرثوذكسية في الأردن اعتصموا في عطلة نهاية الأسبوع الماضي أمام كنسية الروم الأرثوذكس في منطقة الصويفية بعمان، احتجاجا على سياسات بطريرك القدس والأردن ثيوفيلوس الثالث. وطالب المعتصمون بتعريب الكنسية من قبضة اليونان «التي تأمر وتنهى»، على حد وصفهم.

وشكوا من أن البطريرك ثيوفيلوس «يتعامل مع أراضي المقدسات في القدس وكأنها ملكه»، متهمين سلفه، إيرينيوس الأول، بأنه «باع جزءا من ممتلكات الكنيسة الأرثوذكسية في القدس إلى يهود».

وللكنيسة الأرثوذكسية أو البطريركية الأرثوذكسية المقدسية قصة طويلة، فهي كنيسة عربية، وأتباعها عرب يمتد تاريخهم إلى ما قبل الفتح الإسلامي. لكن قيادتها - وعلى مدى أكثر من قرن - كانت من قبل الرهبان اليونانيين، وعلى رأسهم بطريرك يوناني ينتخب دائما من قبل مطارنة جميعهم يونان، ويحصلون على الجنسية الأردنية بسبب وجودهم في الموقع الكنسي. وارتبطت الكنيسة العربية تبعيا بالكنيسة الأرثوذكسية اليونانية بموجب امتياز منحتها إياه الدولة العثمانية.

ويبلغ عدد أتباع هذه الطائفة في الأردن وفلسطين نحو 200 ألف، وهم يشكلون غالبية الرعايا المسيحيين في الأردن، وتبلغ نسبتهم من سكان المملكة نحو 3 إلى 4 في المائة.

وتبرز أهمية الكنيسة الأرثوذكسية المقدسية، التي يحكمها قانون أردني خاص يسمى «قانون بطريركية الروم الأرثوذكس المقدسية»، الصادر في عام 1958، من كونها تمتلك أوقافا كنسية كثيرة في القدس العربية وفلسطين المحتلة، لم تستطع يد الاستيطان تهويدها لوضعها الديني، وهي تشمل مساحات شاسعة من الأراضي والعقارات خصوصا في المدينة المقدسة، علاوة على الأماكن المقدسة عند المسيحيين في القدس.

وفي الآونة الأخيرة، خاصة في عهد البطريرك السابق الذي نُحّي على خلفية اتهامات ببيع أراض كنسية وعقارات في القدس إلى تجار يهود، توالت الاتهامات من عدد كبير من أبناء الطائفة الأرثوذكسية في الأردن وفلسطين للقائمين على شؤون الكنيسة من المطارنة اليونان بعدم المحافظة على أملاك الكنيسة الأرثوذكسية في القدس.

ويقول المعتصمون في عمان إن اليونان تقبض على الكنيسة الأرثوذكسية، وحسب بيان للأمين العام للجنة التنسيقية لشبيبة الأرثوذكس في الأردن، مازن مريبع، فإن الأرشمندريت خريستوفورس عطا الله، رئيس دير السيدة العذراء ينبوع الحياة في منطقة دبين بالأردن، جرد من كل شيء، وهو مهدد الآن بنفيه إلى خارج الأردن، لا لشيء فقط، لأنه صوت الحق الذي سعى نحو نهضة أرثوذكسية روحية شاملة في الأردن.

وأضاف البيان أن «الأب عطا الله شأنه شأن جميع القديسين نال العقاب والإقصاء»، وطالب البيان أبناء الطائفة الأرثوذكسية بالمشاركة في الاعتصامات حتى تعريب الكنيسة. وطالب المعتصمون من الحكومة الأردنية تنفيذ القانون رقم «27» لسنة 1958، بحيث يأخذ الأرثوذكس العرب حقهم في إدارة شؤونهم، مطالبين بفتح باب الرهبنة لأبناء العرب الأرثوذكس، ووقف بيع وتأجير أوقاف الكنيسة الأرثوذكسية المقدسية إلى جهات استيطانية إسرائيلية، تسعى إلى تهويد الأراضي الكنسية.

كما طالب المتحدثون في الاعتصام بفتح مدارس إكليريكية (لاهوتية) لتعليم أبناء الطائفة العقيدة المسيحية، والاعتراف بدير السيدة العذراء (ينبوع الحياة) للراهبات في دبين، ودير القديس يوحنا المعمدان للرهبان على نهر الأردن، وتمكين أبناء وبنات الرعية من التعرف على ثقافة الكنيسة الأرثوذكسية. كما طالبوا بضرورة إقامة مشاريع تنموية تشغيلية وخدمية لخدمة أبناء الرعية، والتوقف عن التهكم على عروبتهم وهويتهم.

وكان الأرثوذكس في الأردن نفذوا سلسلة اعتصامات سابقة أكدوا على أهمية تعريب الكنيسة الأرثوذكسية في الأردن وفلسطين التي يسيطر عليها الآن 110 من الرهبان اليونانيين الوافدين، وهم يؤلفون غالبية أعضاء المجمع المقدس (وبعضهم لا يتقن اللغة العربية على الرغم من أن القانون يشترط ذلك)، وهم الذين ينتخبون البطريرك الذي يرأس الكنيسة ومقره الرئيس في القدس، وهو أيضا يوناني.

النائب السابق الدكتور عودة القواس يرى أن الأولوية اليوم هي لإصلاح الكنيسة الأرثوذكسية في الأردن وفلسطين عبر حركة تصحيحية للإصلاح، وليس لتعريب الكنيسة.

ويشير قواس، وهو مسيحي أرثوذكسي، ومن القيادات السياسية، إلى وجود مشكلة قديمة وتاريخية، وهي أن غالبية أعضاء المجمع المقدس للكنسية في الأردن وفلسطين هم يونان، إضافة إلى البطريرك. وقال قواس في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن هناك سلبيات في إدارة الكنيسة نطالب بتصحيحها عبر حركة تصحيحية وإشراك العلمانيين في إدارة شؤون الكنيسة.

ويقول قواس: «هدفي ليس أن يكون هناك بطريرك عربي، بل أن تكون هناك شفافية في إدارة الكنيسة وأملاكها، عبر إشراك العلمانيين في الإدارة للحفاظ على أملاك الكنيسة، خاصة في القدس الشريف».

ويضيف أن مراقبة إدارة الكنيسة هي الكفيلة بالمحافظة على أملاك وعقارات الكنيسة في القدس، والحيلولة دون انتقالها إلى اليهود.