قادة معارضون يطيلون أمد المعارك للحصول على المال من الجهات الداعمة

أنباء عن مخطط يقضي بتسليم أحياء حمص القديمة للقوات النظامية

TT

يتجنب بعض قادة كتائب المعارضة في سوريا حسم المعارك التي يخوضونها ضد القوات النظامية والمماطلة في القتال لأطول وقت ممكن بهدف ضمان استمرار الأموال التي يتلقونها من قبل الجهات الداعمة، ما حوّل هؤلاء القادة إلى أصحاب ثروات مالية ضخمة، وفق ما يؤكد ناشطون معارضون.

وتشير خريطة النزاع العسكري في مختلف المناطق السورية إلى وجود جبهات مشتعلة بين القوات النظامية والمعارضة منذ أكثر من سنة من دون أن يتمكن أي طرف من حسمها لصالحه. وغالبا ما تتوفر الشروط للمقاتلين المعارضين «كي يحرزوا تقدما ويستولوا على مواقع النظام»، بحسب ما يقول نقيب منشق رفض الكشف عن اسمه لـ«الشرق الأوسط»، موضحا أن «أوامر القادة تمنع تنفيذ أي هجوم حاسم ضد عناصر النظام في بعض النقاط الساخنة لتظل المعارك عبارة عن كر وفر».

ولا يتردد الضابط السابق في الجيش الحر بـ«اتهام بعض قادة المجموعات بالخيانة»، مشددا على أن «الثورة لم تعد تعني لهم شيئا، فهم يماطلون في المعارك للحصول على أكبر قدر ممكن من الأموال التي تدفعها الجهات الداعمة للثورة حتى بات بعضهم من أصحاب الثروات».

ولم تتمكن هيئة أركان الجيش السوري الحر التابعة للائتلاف الوطني المعارض من ضبط وتنظيم حركة تمويل الفصائل التي تقاتل على الأرض. فغالبا ما تحصل كل كتيبة على الأموال والأسلحة التي تحتاجها من جهات داعمة للمعارضة من دون أن يحدث ذلك بالتنسيق مع هيئة الأركان، إذ يكفي أن يرسل قائد كتيبة ما شريط فيديو إلى الجهة الممولة يظهر عملية نفذتها عناصره ضد القوات النظامية حتى يحصل على مزيد من التمويل.

ويمكن أن تنشب معارك داخلية بين قادة الكتائب المعارضة في حال اعترض أحدهم على سياسة إطالة المعارك للحصول على الأموال، إذ اتهم الضابط المنشق وائل النقيب «أحد قادة مجموعات المعارضة في الرستن بريف حمص ويدعى علاء سعيد حمدان بقصف مقاتلين معارضين بقذائف الهاون عندما حاولوا تحرير حاجز الناصرية في مدينة القنيطرة ما أدى إلى تأخير تحرير الحاجز وأوقع عددا من القتلى في صفوف المعارضين»، بحسب ما ذكر النقيب في صفحته على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك».

في المقابل، نفى عضو مجلس قيادة الثورة في حلب، حسان نعناع لـ«الشرق الأوسط» أن «يكون قادة الكتائب المعارضة يؤخرون إحراز أي تقدم ميداني ضد النظام»، مشيرا في الوقت نفسه إلى أنه «لا توجد ثورة نظيفة بشكل مطلق ومن الممكن أن يعمد البعض إلى الاستفادة من الأموال التي تصل لدعم الجبهات عسكريا ولوجستيا». ويوضح نعناع أن «ضبط هذه الأخطاء صعب جدا بسبب عدم مراقبة المبالغ التي تصل إلى القيادات كما لا يمكن معرفة كيفية إنفاقها بشكل دقيق».

وسبق لصحيفة «صنداي تلغراف» البريطانية أن نشرت في أواخر العام الماضي تقريرا موسعا أشارت فيه إلى أن «قادة الجيش السوري الحر الذي بدأ كمجموعة بسيطة من المقاتلين الذين يحاربون لإسقاط نظام الرئيس بشار الأسد، تحوّلوا إلى أثرياء حرب لجمع الملايين من الرشوة والابتزاز».

وتزيد ظاهرة الفساد المنتشرة داخل مجموعات المعارضة المسلحة من الآثار السلبية على الوضع الميداني للمعارضة والتي من شأنها إضعاف الجبهات وإجبار المقاتلين المتمركزين فيها على إبرام تسويات مع القوات النظامية.

وفي سياق التسويات التي تتوصل إليها كتائب مسلحة مع النظام السوري، تداولت مواقع المعارضة السورية قبل يومين أنباء عن مخطط لعقد اتفاق بين كتائب المعارضة المتمركزة في حمص القديمة والقوات النظامية يقضي بتسوية وضع المسلحين المعارضين ممن تبقى داخل حمص المحاصرة، والسماح لهم بالانسحاب بشرط حصول كل شخص على سلاح فردي خفيف، والسماح لهم بالسفر خارج البلاد في حال رغبوا في ذلك. إضافة إلى تسليم الكتائب المعارضة كل السلاح الثقيل الموجود في المناطق المحاصرة للنظام السوري.

وقالت المصادر إن «المسلحين المعارضين الذين سيرفضون التسوية، سيسمح لهم بالرحيل إلى شمال سوريا تحت إشراف الأمم المتحدة. وبأن الخطط ستبدأ بعد ذلك لإعادة تأهيل البنية التحتية المدمرة بالكامل، وإعادة فتح الأسواق والشوارع من قبل النظام».

وترجح المصادر أن النظام السوري يرغب في استرداد القسم القديم من مدينة حمص «بأي شكل من الأشكال»، وبأن القوات النظامية ستسمح للمقاتلين المعارضين بالخروج منها، لضمان استرجاعها وإعادة حمص منطقة خالية من القتال قبل حلول نهاية مايو (أيار) المقبل.

وإذا ما صحت هذه الأنباء، فإن حمص التي أطلق عليها الناشطون تسمية «عاصمة الثورة» ستغدو تحت سيطرة النظام بشكل كامل، ما يتيح له ربط العاصمة السورية دمشق بمناطق الساحل التي تقطنها غالبية علوية مؤيدة للنظام السوري.