المناطق العلوية في بؤرة أهداف «النصرة» و«داعش» ضغطا على النظام

ترتكز على القصف بالهاون والسيارات المفخخة.. والضحايا من المدنيين

TT

تتبع الجماعات الإسلامية المتشددة التي تقاتل في سوريا مثل «جبهة النصرة» و«الدولة الإسلامية في العراق والشام» في الفترة الأخيرة استراتيجية استهداف الأحياء والقرى ذات الغالبية العلوية بهدف الضغط على حاضنة النظام الشعبية، مما يزيد من حالة الاحتقان الطائفي التي تعيشها سوريا على خلفية الصراع المستمر منذ ثلاث سنوات.

ويشير مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «المقاتلين الإسلاميين غالبا ما يستهدفون الأحياء والقرى العلوية بقذائف الهاون أو عن طريق إدخال سيارات مفخخة إلى الأحياء العلوية»، موضحا أن «عددا كبيرا من المدنيين يسقط من خلال هذه الاستهدافات من دون أن يصاب أي عسكري نظامي».

ويظهر العلويون في سوريا دعما واضحا لنظام الرئيس السوري بشار الأسد، وقد انخرطت أعداد كبيرة منهم في قوات «الدفاع الوطني» التي تقاتل إلى جانب القوات النظامية. ويوضح عبد الرحمن أن «العمليات ضد المدنيين في المناطق العلوية تؤدي إلى مزيد من الالتفاف حول النظام من قبل أبناء الطائفة؛ وليس العكس».

وكان آخر الأحياء العلوية التي جرى استهدافها من قبل الإسلاميين المتشددين حي كرم اللوز في حمص، حيث انفجرت سيارة مفخخة قبل أيام، مما أدى إلى سقوط 25 قتيلا.

وسبق أن تبنت «جبهة النصرة» التابعة لتنظيم «القاعدة» عمليات انتحارية استهدفت أحياء «عكرمة» و«الزهراء» و«وادي الذهب» و«النزهة» ذات الغالبية العلوية في مدينة حمص. وغالبا ما بقيت الأحياء والقرى العلوية في مختلف المناطق السورية بعيدا عن نيران القوات النظامية بحكم تأييدها للنظام. ويشير ناشطون إلى أن «النظام عمد في مرات كثيرة إلى استخدام مناطق العلويين كمراكز عسكرية له يستهدف عبرها مناطق المعارضة». ويظهر عدد من مقاطع الفيديو التي بثتها مواقع المعارضة على الإنترنت آليات عسكرية نظامية تتحصن في قرى علوية تابعة لمدينتي حمص وحماه.

ويرجع مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط» سبب استهداف هذه الأحياء إلى «الضغط على الحاضنة الشعبية للنظام»، مضيفا أن «الجماعات الجهادية غالبا تبرر هذه العمليات بأن هدفها الثأر لأهل السنة الذين يتعرضون للإبادة من قبل الجيش النظامي».

وساهمت التسويات التي توصلت إليها كتائب المعارضة من جهة، والقوات النظامية في العاصمة دمشق من جهة أخرى، في تقليص حجم القصف الذي كان يستهدف بعض الأحياء العلوية مثل «عش الورور» و«حي الورد»، بينما بقيت أحياء أخرى معرضة لسقوط قذائف هاون مثل حي «مزة 86». وبعد إحراز كتائب المعارضة الإسلامية تقدما في ريف اللاذقية واستيلائها على مواقع تطل على المدينة التي تقطنها غالبية علوية، قامت بقصف الأحياء العلوية، لا سيما حي الزراعة الذي يضم عددا من قصور عائلة الأسد التي يتحدر منها الرئيس السوري.

ويتركز وجود العلويين، الذين يصل تعدادهم نحو 15 في المائة من عموم سكان سوريا، في مناطق ما يعرف بـ«جبل العلويين» غرب سوريا الذي يمتد شرقي محافظتي اللاذقية وطرطوس وغربي محافظتي حمص وحماة. وقد عمدت الكتائب الإسلامية المتشددة إلى توسيع أهدافها ضد العلويين لتشمل القرى المحاذية لمراكز سيطرتها، إذ فجر في وقت سابق جهادي تابع لتنظيم «داعش» نفسه في قرية «أم العمد» في ريف حمص، وكذلك هاجم مقاتلون من جبهة «النصرة» قرية «مكسر الحصان» في حمص مرتكبين مجزرة راح ضحيتها أكثر من 12 مواطنا علويا.

وخلال انعقاد مؤتمر «جنيف 2»، هاجم جهاديون إسلاميون قرية «معان» في ريف حماه، وقتلوا نحو 25 علويا.. ما سبب إحراجا لوفد «الائتلاف الوطني المعارض» الذي كان يشارك في المؤتمر. ويزيد استهداف المناطق العلوية من حدة التوتر الطائفي في سوريا، بحسب ما يؤكد مدير المرصد السوري، محملا «جبهة النصرة وتنظيم الدولة الإسلامية المسؤولية عن جميع العمليات التي تستهدف العلويين»، نافيا أي «علاقة لكتائب المعارضة الأخرى بها».