النظام يمتص غضب الدروز في السويداء مستعينا بمشايخ الطائفة الموالين له

قيادي في الائتلاف: أي محاولة للاستفزاز ستفجر الأوضاع وتتحول إلى صراع مسلح

TT

نجح النظام السوري في امتصاص حالة الغضب التي سادت مدينة السويداء ذات الغالبية الدرزية، جنوب سوريا خلال الأسبوع الفائت، عبر الاستعانة ببعض مشايخ الطائفة الموالين له. كما تضاربت الأنباء عن وساطة سعى لها الوزير اللبناني السابق ورئيس حزب التوحيد العربي وئام وهاب، بطلب من القيادة السورية للتخفيف من حدة التوتر بين النظام وأهالي المدينة.

وكانت السويداء، التي تعتبر معقلا للطائفة الدرزية في سوريا، شهدت احتجاجات شعبية محدودة الأسبوع الماضي بعدما أجبر عدد من مشايخ المنطقة دورية تابعة للأمن على الانسحاب من منطقة المحافظة على خلفية توظيف الزي الديني الدرزي ضمن الحملة الانتخابية للرئيس السوري بشار الأسد عبر إجبار امرأة على حمل صورة الأسد في أحد مراكز الحملة الانتخابية له، في ساحة المحافظة، بعد إلباسها الزي الدرزي، فاعتقل على الأثر الشيخ لورانس سلام وأخوه ما أدى إلى حالة من الغضب في الأوساط الدينية الدرزية، ودفع هذا عددا من المشايخ إلى إعلان اعتصامهم أمام مقرهم الديني إلى أن أفرج عن الشيخين.

ونفذ أمس أعضاء نقابة المحامين في السويداء اعتصاما سلميا للمطالبة بـ«الإفراج عن المحامي المعتقل طرودي قيسية»، الذي اعتقل الأسبوع الماضي على خلفية الحادثة عينها.

وأظهرت مقاطع فيديو بثت على موقع «يوتيوب» خروج مظاهرات بالأسلحة الفردية في شوارع المدينة تطالب بعزل رئيس فرع المخابرات العسكرية وفيق ناصر من منصبه باعتباره المسؤول الأول عن هذه الحادثة.

وأشارت مواقع المعارضة السورية إلى أن «النظام قرر إعفاء العميد وفيق ناصر رئيس فرع المخابرات العسكرية في السويداء، وتعيين العقيد علي طه بدلا عنه، في استجابة من النظام لمطالب الأهالي في السويداء»، لكن معارضين شككوا في صحة هذا الخبر.

ورغم أن المؤسسة الدينية الدرزية انقسمت حيال ما تشهده السويداء، وعلت أصوات من مشايخها داعمة للتحرك ضد النظام، لكن وجوها بارزة من مشايخها حسموا أمرهم بالوقوف إلى جانب النظام فأصدر كل من الشيخ حمود الحناوي والشيخ يوسف جربوع والشيخ حكمت الهجري بيانا طلبوا فيه من أهالي السويداء التقيد بقرار تحريم إطلاق النار في الأفراح والأحزان تحت طائلة الحرمة الدينية. وتحريم حمل السلاح لكل من يرتدي الزي الديني، إضافة إلى الالتزام بتعليمات المرجعية الدينية التي تقضي بعدم التجمع وحمل السلاح لأي هدف، والحفاظ على الأمن والآمان والتعاون مع الجهات المختصة لكشف الحقيقة»، وأكد البيان على أنه واجب أي مواطن التعاون مع هذه الجهات وألا يكون معوقا لقيامها.

وفي حين اعتبر ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي أن ما حصل في السويداء من شأنه أن يشكل خطوة أولى باتجاه وقوف دروز سوريا في مواجهة النظام، استبعد آخرون الأمر، علما أن الدروز حاولوا ومنذ بداية النزاع في سوريا إلى اتخاذ موقف محايد، فبقيت مناطقهم تحت سيطرة النظام السوري، لكنهم في الوقت نفسه لم ينخرطوا في أي معارك عسكرية للدفاع عنه.

واتهم عضو الائتلاف الوطني المعارض جبر الشوفي المتحدر من أصول درزية النظام السوري بالاستعانة بهؤلاء المشايخ الموالين له لامتصاص النقمة التي ظهرت ضد ممارسات السلطة في الفترة الأخيرة. وأشار الشوفي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «النظام السوري نجح مؤقتا في تهدئة الغضب الدرزي، لكن أي محاولة للاستفزاز ستفجر الأوضاع وتتحول إلى صراع مسلح».

وطلبت أجهزة الأمن من المرجعيات المحلية في السويداء جمع السلاح الذي ظهر خلال المظاهرات الأخيرة لكن هذا الطلب قوبل بالرفض على اعتبار أن الأسلحة الفردية التي يمتلكها أهالي المدينة تستخدم بهدف الحماية.

وفي هذا السياق، شدد الشوفي على أن مسعى النظام السوري إشراك هذا الوسيط (وئام وهاب) لحل الأزمة في المدينة قوبل برفض من جميع المراجع الدينية والمدنية لأن الموضوع هذه المرة يتعلق بكرامة الناس، وهذا ما أكده معارضون، مشيرين إلى أن شباب المنطقة أعلنوا رفضهم استقبال وهاب في الزيارة المقررة له للسويداء في اليومين المقبلين. ودعا الشوفي النظام السوري إلى «التوقف عن تجنيد الشباب الدرزي ووضعهم في مواجهة دموية مع أبناء شعبهم السوري»، مطالبا كذلك بـ«التوقف عن اعتقال المعارضين من السويداء وقتلهم تحت التعذيب».