البرلمان الأوروبي يصوت لصالح اتفاق تاريخي بشأن الاتحاد المصرفي

يتضمن آلية قرار موحدة وإدارة وهيكلة البنوك وأنظمة ضمان الودائع

البرلمان الأوروبي يضع آلية قرار موحدة حول الوحدة المصرفية الأوروبية
TT

رحبت المفوضية الأوروبية في بروكسل، بالتصويت الإيجابي داخل البرلماني الأوروبي على اتفاق وصفته بالتاريخي بشأن الاتحاد البنكي الأوروبي، حسب ما جاء في بيان للمفوض الأوروبي المكلف بشؤون الخدمات والأسواق الداخلية ميشيل بارنييه. ويتضمن الاتفاق الذي أقره أعضاء البرلمان الأوروبي ثلاثة نصوص رئيسة وهي آلية قرار موحدة، وإدارة وهيكلة البنوك، وأنظمة ضمان الودائع، وقال بارنييه: «إن فكرة الاتحاد المصرفي تحولت إلى واقع ملموس في أقل من عامين وكان التكتل الموحد يسعى إلى الاتحاد المصرفي من أجل اكتمال الوحدة النقدية والاقتصادية وحتى يضمن حماية دافعي الضرائب من تحمل أعباء أي أزمات تواجهها البنوك، ولن يقتصر الأمر على مجرد ضمان مساعدة القطاع المصرفي على استعادة الثقة، ولكن أيضا ضمان آلية للقرار وإشراف على البنوك». وأضاف بأن التصويت الإيجابي لصالح الاتفاق الذي جرى التوصل إليه بين المؤسسات الاتحادية حول هذا الصدد يعني أن التكتل الموحد على المسار الصحيح للعمل التنفيذي لبدء تطبيق الاتفاق في وقت لاحق من العام الحالي «وقال البرلمان الأوروبي إنه خلال جلسة عقدت في ستراسبورغ الثلاثاء صوت لصالح الاتفاق 570 عضوا ورفضه 88 صوتا وامتنع 13 عن التصويت.

وجرت الموافقة على ثلاثة تدابير لضمان تحمل البنوك لمخاطر الفشل وعدم تحميلها لدافعي الضرائب والنصوص الثلاثة تتعلق بإعادة هيكلة البنوك وتقليص البنوك المتعثرة وضمان الودائع. وفي أواخر مارس (آذار) الماضي قال البرلمان الأوروبي ببروكسل في بيان إنه عقب مفاوضات مع المجلس الأوروبي الذي يمثل الدول الأعضاء جرى التوصل إلى اتفاق يتضمن بنودا لضمان أن الأمر لن يخضع لأي تدخلات سياسية ويضمن أيضا قرارات سريعة ذات مصداقية.

وقالت اليسا فيريرا من كتلة الأحزاب الديمقراطية الاشتراكية والتي قادت فريق التفاوض البرلماني: «نرحب بالصفقة التي جرى التوصل إليها وهو اتفاق يضمن إصلاح العيوب الخطيرة التي كانت في المقترحات السابقة حول هذا الصدد وبالتالي أصبحت الآلية المتفق عليها لاتخاذ القرار قادرة على تحقيق الأهداف الرئيسية، وفي نفس الوقت يجب أن نظل دائما في يقظة لضمان تنفيذ القواعد المنصوص عليها والتي تتعلق بالاقتراض من صندوق إنقاذ البنوك المتعثرة وبشكل فعال وسريع»، ويتضمن الاتفاق التأكيد على إشراف المصرف المركزي الأوروبي على تحريك العملية برمتها وهو الجهة الوحيدة المسؤولة عن تحديد ما إذا كان البنك على حافة الإفلاس وبالتالي يصدر قرار في هذا الصدد من جانب مجلس إدارة المصرف المركزي الأوروبي، وإذا امتنع أو تردد في اتخاذ القرار يحق لإدارة آلية صندوق الإنقاذ أن تتخذ القرار وستقوم المفوضية الأوروبية بإعداد مشروع وخطط العمل لمعالجة حالة معينة من حالات البنوك المتعثرة ولن يشارك المجلس الوزاري الأوروبي إلا بناء على طلب صريح من المفوضية، وذلك لتجنب التدخل السياسي المتفشي فيما يتعلق بفردية القرار. ويتضمن الاتفاق كذلك تقليص الوقت لاتخاذ القرارات الواجب اتخاذها وأيضا تبسيط كبير في عملية صنع القرار.

وفي يناير (كانون الثاني) الماضي قال البرلمان الأوروبي ببروكسل، إن مفاوضات صعبة انطلقت، وذلك في محاولة للتوصل إلى اتفاق على الخطوة التالية والنهائية على طريق الاتحاد المصرفي، والذي يهدف إلى تقليص البنوك الفاشلة في أوروبا من خلال وضع آلية قرار موحدة وصندوق واحد لدعم البنوك. وقال البيان الأوروبي إن المفاوضات انطلقت في ظل تباين كبير وواضح في المواقف بين الجانبين «البرلمان الأوروبي، من جهة والرئاسة الدورية للاتحاد التي تمثل حكومات الدول الأعضاء من جهة أخرى» وخصوصا أن هناك إصرارا من جانب البرلمان الأوروبي على أن يكون أي نظام جديد لتوحيد المصارف بعيدا عن أي صفقات سياسية أو اتفاقات مرهقة داخل الغرف المغلقة، وهو الأمر الذي أكد عليه رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتز الذي قال بأن أي آلية قرار أو صندوق أوروبي لدعم البنوك لا بد أن تكون آلية أوروبية حقا وأن لا تتدخل السياسة في أي عملية صنع قرار يتعلق بآليات اتخاذ القرار، وأن يكون هناك صندوق قادر على تحقيق الهدف الأساسي للاتحاد المصرفي، وهو قطع الصلة بين البنوك ودافعي الضرائب. وفي نهاية يناير الماضي، قال المجلس الأوروبي ببروكسل، إن الدول الأعضاء في التكتل الأوروبي الموحد، أقرت من خلال مجلس السفراء الدائمين نيابة عن مجلس الاتحاد، اتفاقا أو «تسوية» مع البرلمان الأوروبي، حول توحيد القرارات الوطنية بشأن إعادة هيكلة البنوك، وتنص على منح السلطات الوطنية الأدوات والصلاحية اللازمة لاستباق الأزمات المصرفية، وحل أي مؤسسة مالية بطريقة منظمة في حال ثبت فشلها، وفي نفس الوقت المحافظة على العمليات المصرفية الأساسية، والتقليل من تعرض دافعي الضرائب للخسائر. وتحدد التسوية الجديدة مجموعة من الأدوات لمعالجة الأزمات المصرفية المحتملة في ثلاثة مراحل هي الإعداد، والوقاية، والتدخل المبكر، ويلزم القرار أو التسوية، الدول الأعضاء بوضع القواعد العامة والصناديق التي تضمن تطبيق الأدوات المطلوبة على نحو فعال، كما يتعين على البنوك وضع خطط الانتعاش وتحديثها سنويا، إلى جانب تحديد التدابير التي ستتخذ لاستعادة وضعها المالي في حال حدوث تدهور كبير، وبالتالي تتدخل السلطات الوطنية للتعامل مع أزمة كل بنك، ومن خلال عدة إجراءات ومنها على سبيل المثال تعيين سلطة أو إدارة مؤقتة بعد حدوث أي تدهور مالي أو انتهاكات قانونية خطيرة. وفي بيان صدر عن المفوضية الأوروبية قال ميشيل بارنييه المفوض الأوروبي المكلف بتنظيم الخدمات المالية: «نحن ندخل تعديلات ثورية في النظام المالي الأوروبي، وبالتالي فلن يتحمل دافعو الضرائب ثمن أخطاء البنوك أو مواجهتهم لأزمات مالية. إنها نهاية عهد حزم المساعدات الضخمة». ومن شأن القرار الجديد أن يتيح إنشاء آلية إقرار موحدة يجري اعتمادها عام 2016 من أجل تنظيم وتنسيق عملية إفلاس المصارف، على أن تطبق هذه الآلية على أكثر من 300 مصرف هي الأكبر في منطقة اليورو. وفي بيان منفصل حول اتفاق بشأن الشق الثالث للاتحاد المصرفي الجاري إرساؤه على المستوى الأوروبي، أوضح المجلس الوزاري الأوروبي، أن الوزراء اتفقوا على المبادئ التوجيهية لإطار جديد لإغلاق أو إنقاذ البنوك المتعثرة. ويتمثل مبدأ تشغيل آلية تصفية البنوك المتعثرة مستقبلا بأن البنوك ودائنيها هم الذين سيسددون الفاتورة، وليست الحكومات ودافعو الضرائب. ويرتكز النظام الجديد على البدء بإنشاء شبكة أمان من صناديق وطنية، وترقى إلى إنشاء صندوق موحد بعد عشر سنوات تساهم فيه المصارف نفسها تدريجيا ليبلغ رأسماله 55 مليار يورو دون غلق الباب عند الضرورة للاقتراض من صندوق الإنقاذ الأوروبي نفسه.