معصومة ابتكار ذات الرداء الأخضر

نائبة الرئيس الإيراني.. صحافية وطبيبة ودبلوماسية قبل أن تتحول إلى عالم السياسة

TT

الدكتورة معصومة ابتكار.. أول إيرانية تتقلد منصب نائبة الرئيس الإيراني في عهد الرئيس الإصلاحي الأسبق محمد خاتمي.. والآن في عهد الرئيس الحالي حسن روحاني، بجانب رئاستها لمنظمة حماية البيئة الإيرانية.

ابتكار التي ترتدي دائما رداء أخضر.. سواء غطاء للرأس أخضر أو حذاء أو حقيبة يد خضراء، يدل على أن معركتها الأولى هي البيئة.. ولكن سياسيين آخرين أشاروا إلى أنها تريد أن تعبر عن تضامنها أيضا مع الحملة الخضراء التي بدأها مير حسين موسوي المرشح الرئاسي الأسبق القابع الآن تحت الإقامة الجبرية.

قامت معصومة ابتكار التي تعد وجها بارزا في قطاع البيئة في إيران، بإنشاء مركز السلام والبيئة، وكانت نائبة الرئيس ورئيسة منظمة حماية البيئة في فترة الإصلاحات التي قادها محمد خاتمي منذ 1997 حتى 2005، وبعد فوزها في مجلس البلديات في طهران في 2006 قامت ابتكار بتأسيس «لجنة البيئة».

منحتها الأمم المتحدة جائزة «أبطال الأرض» في عام 2006. وقام حسن روحاني بعد فوزه بالرئاسة الإيرانية بتعيينها رئيسا لفريق العمل التابع لشؤون البيئة قبل تشكيل الحكومة الجديدة، إذ تولت مهمة صياغة المشاريع قصيرة الأمد وبعيدة الأمد للحكومة في قطاع البيئة.

شهدت فترة رئاسة ابتكار لمنظمة البيئة خلال عهد الرئيس محمد خاتمي تمرير القانون الذي يفرض على السيارات الالتزام بمعايير ملوثات الهواء الأساسية، وعلى أثره كان يتعين على صناعة السيارات في إيران الالتزام بهذه المعايير. لم يجرِ تطبيق الالتزام بهذا القرار بسبب حظر شراء البنزين الإيراني.

ومن المتوقع أن تجري إعادة تأسيس المجلس الأعلى لحماية البيئة برئاسة روحاني وفقا لقانون حماية البيئة التي جرى تمريرها في 1974، وسيضم هذا المجلس وزراء: الزراعة، والداخلية، والصناعة، والطرق وإنشاء المدن، والصحة، والخدمات الصحية، ورئيس منظمة التخطيط والميزانية، ورئيس منظمة حماية البيئة، وأربعة أشخاص من الخبراء أو المسؤولين المعنيين.

سيعين رئيس الجمهورية بناء على اقتراح رئيس منظمة حماية البيئة أعضاء المجلس لمدة ثلاث سنوات. وسيكون المجلس الأعلى لحماية البيئة أعلى مؤسسة إيرانية لاتخاذ القرارات حول شؤون البيئة في إيران. ويتولى هذا المجلس مسؤوليات كثيرة مثل إلزام المعامل والمشاريع العمرانية بالالتزام بمعايير البيئة، وترسيم حدود المناطق الأربع التي تخضع لإدارة منظمة حماية البيئة في إيران، وغير ذلك.

وقام محمود أحمدي نجاد بحل المجلس الأعلى لحماية البيئة في سبتمبر (أيلول) 2007 وذلك على غرار سائر المنظمات التي واجهت هذا المصير، وتولت «اللجنة الحكومية لشؤون البنى التحتية» مهام مجلس حماية البيئة.

وما ميز القرارات الصادرة عن المجلس الأعلى لحماية البيئة بشأن البيئة عن نظيرها في اللجنة الحكومية لشؤون البنى التحتية هو أن قرارات المجلس مدعومة بآراء الخبراء الأربعة من الجامعيين الأعضاء في المجلس الأعلى.

وفي غياب المجلس الأعلى لحماية البيئة، لقد صادقت اللجنة الحكومية لشؤون البنى التحتية على تنفيذ عدد من المشاريع مثل عملية التنقيب عن النفط، وتخزين الغاز الموجود في حديقة كوير الوطنية الواقعة في محافظة سمنان (مركز)، واستخراج النفط من هور شادكان الدولي في محافظة خوزستان (جنوب غرب)، وتسليم حديقة نايبند الوطنية المائية في إقليم بوشهر (جنوب) إلى الجهات المعنية لاستخراج الغاز الموجود في المنطقة، وتسلم حديقة بمو الوطنية في إقليم شيراز (جنوب) إلى الجهات المعنية لتوسيع المدينة الصناعية ومصفاة شيراز.

وأثارت موافقة اللجنة الحكومية لشؤون البنى التحتية مع تسليم هذه المحميات التي تخضع لإدارة منظمة حماية البيئة، استياء ناشطي البيئة والجامعيين، لأن القوانين تنص على حظر تسليم هذه المناطق إلى جهات أخرى.

وعدت معصومة ابتكار خلال أول خطاب لها في محمية برديسان (غرب طهران) بصفتها رئيسة لمنظمة حماية البيئة في إيران بإحياء المجلس الأعلى لحماية البيئة. وجرى تشكيل أول جلسة للمجلس في 4 نوفمبر (تشرين الثاني) 2013 بعد تعليق دام ست سنوات، وناقشت معضلة جزئيات الغبار والتراب المنتشرة في الهواء ومدى تأثيرها على تلوث الهواء.

غادرت أسرة معصومة ابتكار، وهي من مواليد 1961 في طهران، البلاد وهي في الثالثة من عمرها، مصطحبة والدها الذي يريد إكمال دراساته العليا. وقضت ست سنوات في ولايتي فيلادلفيا وماساتشوستس الأميركية. وأكملت دراساتها في مدرسة «إيران زمين» الدولية لدى عودتها من الولايات المتحدة.

ودخلت ابتكار جامعة بوليتكنيك الصناعية في طهران في 1977 لتدرس في فرع الهندسة البتروكيميائية. ونالت شهادة الإجازة من جامعة بهشتي في فرع تكنولوجيا الطب بعد أن قامت بتغيير فرعها في 1981، وحصلت على الماجستير والدكتوراه في فرع علم المناعة من جامعة في طهران.

أصبحت ابتكار في الفترة الطلابية الناطقة باسم الطلبة المسلمين التابعين لنهج الإمام، وفي 1981 قام محمد خاتمي مندوب الإمام خميني في جريدة «كيهان» بتعيين معصومة ابتكار رئيسة تحرير النسخة الإنجليزية من جريدة «كيهان» لمدة سنتين، وكان أحد الأسباب في هذا التعيين إتقان ابتكار للغة الإنجليزية.

ومعصومة ابتكار متزوجة ولها ولدان.

بعد أن كانت الدكتورة ابتكار مندوبة الجمهورية الإسلامية لدى المؤتمر العالمي الثالث للمرأة الذي انعقد في نيروبي، قامت هي وعدد من الباحثات الإيرانيات في 1993 بإنشاء مركز النساء للدراسات والأبحاث، وبنشر مجلة «فرزانه» الموسمية في النسختين الفارسية والإنجليزية، التي تعد المجلة الأولى الخاصة بالدراسات والأبحاث في مجال حقوق المرأة. وقامت ابتكار في عامي 1996 و1997 بإنشاء فرع دراسات المرأة في إحدى جامعات طهران.

وقامت ابتكار برئاسة المكتب التنسيقي لمنظمات المرأة المدنية، ونيابة رئاسة اللجنة الوطنية لمؤتمر المرأة الرابع في 1995، وقامت المؤسستان المذكورتان بتأسيس شبكة لمنظمات المرأة المدنية في إيران برئاسة معصومة ابتكار في 1996، وتمكنت معصومة ابتكار بصفتها أول امرأة في تاريخ الجمهورية الإسلامية من الدخول في الحكومة، وشغلت منصب نائبة رئيس الجمهورية، ورئاسة منظمة حماية البيئة من 1997 إلى 2005.

وتقوم الدكتورة ابتكار بالتدريس في جامعة تربية مدرس في طهران منذ 1990، وتشغل حاليا منصب مساعدة رئيس فريق علم المناعة في كلية الطب في الجامعة. وقامت ابتكار بكتابة 48 مقالا حول مناعة الجهاز العصبي، والخلاا الجذعية، واللقاحات الفيروسية الجديدة، واللقاح عبر استخدام الجسيمات النانوية، واللقاحات من الخلايا الجذعية، وتأثير الملوثات على جهاز المناعة، وغاز الخردل.

وانضمت ابتكار إلى عدة تشكلات ومؤسسات علمية مثل عضوية مجلس أمناء نقابة الربو والحساسية، ونقابة علم المناعة والحساسية، وأكاديمية المعرفة النسوية للعالم الثالث، والمجلس التأسيسي ومجلس أمناء مؤسسة المرأة للدراسات والأبحاث، ومجلس أمناء مؤسسة حوار الحضارات، ومعهد باران التابع لمحمد خاتمي، ومجلس أمناء معهد زينب.

وفازت ابتكار في انتخابات مجلس البلديات في دورتها الثالثة بمقعد عن مدينة طهران في 2006، أي بعد وصول محمود أحمدي نجاد إلى سدة الرئاسة. ودشنت ابتكار لأول مرة لجنة خاصة لحماية البيئة في مجلس البلديات التي ضمت أكثر من 20 فريقا للعمل من الخبراء بهذا المجال، وتولت رئاسة اللجنة.

وقامت ابتكار بتأليف رواية عن تفاصيل عملية اقتحام السفارة الأميركية في طهران إبان الثورة من داخل السفارة. وقام دار نشر في كندا بإصدار الكتاب الذي يحمل عنوان «Takeover in Tehran». ويعد هذا الكتاب الوحيد الذي يصدر باللغة الإنجليزية ويروي الأحداث بنظرة إيرانية. وترجم الكتاب باللغتين الفارسية والعربية في طهران وبيروت تحت عناوين «تسخير»، و«الصراع في طهران».

وأما رواية «خوشه هاي شهريور» (عناقيد أيلول) فتروي الأحداث التي شهدتها البلاد خلال الأعوام من 1997 حتى 2005، وتركز ابتكار في هذه الرواية على الوقائع السياسية والبيئية خلال تلك الفترة. صدر الكتاب في 2009، ويضم كتاب «السلم والأخلاقيات الطبيعية» Natural Peace & Ethics مجموعة من المقالات والخطب التي ألقتها ابتكار حول البيئة والسلام. صدر الكتاب في 2005 باللغة الإنجليزية.

المرأة في الحكومات الإيرانية

* رغم الحديث المستمر عن دور المرأة المتنامي في النشاطات الاجتماعية بعد قيام الثورة في إيران، فإن المراقبين يرون أن ذلك لم يسفر عن انخراط واسع للمرأة في أركان الحكومات المتتالية في البلاد.

وتعود أول مشاركة للمرأة في الكثير من الأجهزة الحكومية إلى فترة هاشمي رفسنجاني الرئاسية في نهاية الثمانينات حيث تولت شهلا حبيبي منصب مستشارة رفسنجاني لشؤون المرأة فيما شغلت فائزة هاشمي رفسنجاني منصب نائبة رئيس اللجنة الأولمبية الوطنية. ولم تبلغ أي امرأة مناصب وزارية أو نيابة رئيس الجمهورية إلا في عهد الرئيس الإصلاحي الأسبق محمد خاتمي.

وكانت معصومة ابتكار المرأة الوحيدة التي شغلت منصب رئاسة منظمة حماية البيئة لمدة ثماني سنوات في ولاية محمد خاتمي الرئاسية. وأصبحت زهراء شجاعي مديرة جمعية الشؤون النسوية لمدة ثماني سنوات في فترة محمد خاتمي الرئاسية.

وقام الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد بتحطيم الرقم القياسي لمشاركة المرأة في الحكومات الإيرانية بعد قيام الثورة. وولاية أحمدي نجاد الرئاسية تشهد تولي أول امرأة لمنصب وزاري بعد قيام الثورة.

كان الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد يعتزم إشراك اثنتين أو ثلاث نساء في حكومته، غير أن الحكومة السابقة سجلت في النهاية مشاركة مرضية وحيد دستجردي وزيرة للصحة. وقام أحمدي نجاد بترشيح سوسن كشاورز، وفاطمة آجورلو لشغل حقيبتي التعليم، والرفاه والرخاء، الوزاريتين، غير أن البرلمان لم يمنح الثقة لهما.

وشهدت فترة أحمدي نجاد الرئاسية حضورا واسعا للسيدات اللاتي شغلن مناصب النائبات في الوزارات ومديرات للمنظمات الحكومية، فعلى سبيل المثال كانت مريم مجتهد زاده آخر مديرة لمركز شؤون المرأة في حكومة أحمدي نجاد.

وتولت فاطمة بداغي منصب مستشار أحمدي نجاد للشؤون القانونية، فيما شغلت نسرين سلطانخواه مهمة نائبة أحمدي نجاد للشؤون العلمية. وأصبحت الخبيرة في الشؤون الاقتصادية مينو كياني راد مساعدة محافظ المصرف المركزي لشؤون العملة الصعبة منذ 2011، وبذلك قد تكون أول امرأة تتولى منصبا في الرئاسة التنفيذية لهذا البنك.

ولكن روحاني لم يرشح أي امرأة لتولي مناصب وزارية فحسب، بل إنه لم يتعامل بسخاء أيضا في إشراك المرأة في الحكومة. وأعاد روحاني تعيين معصومة ابتكار رئيسة لمنظمة حماية البيئة. وقام روحاني بتعيين مرضية أفخم في العام الإيراني الماضي متحدثة لوزارة الخارجية الإيرانية.

كما عين الرئيس الإيراني شهيندخت مولاوردي في منصب نائب الرئيس لشؤون المرأة والأسرة في 8 أكتوبر (تشرين الأول) 2013، وفي شهر أغسطس (آب) 2013 جرى تعيين إلهام أمين زاده في منصب نائبة الرئيس روحاني للشؤون القانونية.