السعودية تحدث لائحة «الأيتام» بعد 40 سنة

جدل حول إمكانية استثناء فتيات الدور الاجتماعية من شرط «المحرم» في الابتعاث

TT

بعد مرور نحو 40 سنة على صدور اللائحة الأساسية للأيتام، تعتزم السعودية تحديث هذه اللائحة بهدف مواكبة مستجدات العصر والواقع الفعلي للأيتام الذي شهد تحولات كبرى على مدى هذه العقود الأربعة، وذلك حسبما كشف سمها الغامدي، المديرة العامة للإشراف الاجتماعي النسائي في الرياض، التي أفصحت عن أن تحديث اللائحة على وشك الانتهاء في القريب العاجل.

وتفيد الغامدي بأنه يوجد حاليا في السعودية خمس دور حضانة اجتماعية تحوي بداخلها نحو 440. مع وجود 777 حالة بدور التربية للبنين والبنات التي يبلغ عددها 13 دارا، في حين تحوي الجمعيات الخيرية أكثر من 1300 يتيم ويتيمة، وأشارت إلى أن أعداد الأسر البديلة ارتفع ليزيد على ستة آلاف أسرة، مع وجود «قوائم انتظار لهذه الأسر»، وجاءت هذه الأرقام ضمن دراسة توثيقية حديثة قدمتها الغامدي خلال مشاركتها في الملتقى الأول للفتيات الجامعيات في الدور الاجتماعية، الذي أقيم في الدمام صباح أمس.

وأوضحت الغامدي أن اللائحة الأساسية للأيتام التي صدرت عام 1395 تضم شقين، الأول يتعلق بالدور الإيوائية والثانية تتناول الأيتام المحتاجين للرعاية من الجمعيات الخيرية والأسر البديلة، مضيفة: «تحديث اللائحة على وشك الانتهاء، بحيث تتجانس مع الواقع الفعلي الذي يعيشه الأبناء»، مشيرة إلى أن «السنوات الخمس الأخيرة شهدت نقلة نوعية في خدمات الأيتام على مستوى السعودية».

من جهة ثانية، شهد الملتقى الذي ضم نخبة رفيعة من مسؤولات وزارة الشؤون الاجتماعية جدلا حول إمكانية استثناء الفتيات اليتيمات في الدور الاجتماعية من شرط «المحرم» لتمكينهن من الالتحاق ببرنامج الابتعاث والسفر للمشاركة في الدورات التي تقام خارج البلاد، وهو ما علقت عليه لطيفة أبو نيان، وهي الوكيل المساعد في وزارة الشؤون الاجتماعية لشؤون الأسرة، بالقول: «من شروط الابتعاث أن يكون هناك من يرافق الفتاة من أسرتها، وأنتن حالكن كحال أي فتاة في المجتمع، ولا نريد استثناءات ما دمنا نرغب في دمج فتيات الدور مع المجتمع».

وأكدت أبو نيان أن الابتعاث بالنسبة للفتيات اليتيمات في الدور الاجتماعية مقيد بمرافقة الزوج أو أحد أفراد الأسرة الحاضنة، متابعة حديثها بالقول: «كل الأنظمة تهدف إلى حماية الفتاة بالدرجة الأولى». في حين علقت على ذلك سمها الغامدي، المديرة العامة للإشراف الاجتماعي النسائي في الرياض، بالقول: «هناك من فتيات الدور من شاركن في ندوات ومؤتمرات خارجية بطريقة أو بأخرى خلال السنوات الماضية، لكن ربما الابتعاث له خصوصية.. ونحن نتمنى أن تتاح الفرصة لهن بشكل أكبر».

وفي سياق متصل، سلط الملتقى الذي يعد الأول من نوعه في السعودية الضوء على المعوقات التي تواجه الفتيات اليتيمات في الدور الاجتماعية، حيث قدمت الجلسة الثانية عرضا لتجارب مجموعة من هؤلاء الفتيات اللاتي أبدين رفضهن لنظرات الشفقة التي يواجهنها من المجتمع ومؤسسات التعليم العام، مؤكدات أن الدعم النفسي والاجتماعي الذي تلقينه أسهم في مساعدتهن على إتمام الدراسة الجامعية والحصول على وظائف تناسب مؤهلاتهن.

وبالنظر إلى الجدل الدائر حول إمكانية إضافة «أل التعريف» إلى الاسم الأخير للأيتام ذوي الظروف الخاصة في الدور الاجتماعية، بما يساعدهم على الاندماج في المجتمع دون حرج، توجهت «الشرق الأوسط» إلى لطيفة أبو نيان، وهي الوكيل المساعد في وزارة الشؤون الاجتماعية لشؤون الأسرة، التي أجابت بالقول: «إن كنا نريد دمجهم في المجتمع فلا بد أن نعزز جانب افتخارهم بذاتهم وليس بأسمائهم».

وكشفت أبو نيان، في حديثها لـ«الشرق الأوسط» عن أن وزارة الشؤون الاجتماعية تسعى حاليا إلى تعميم تجربة نادي «سماي» للفتيات اليتيمات في المنطقة الشرقية، ليشمل جميع مكاتب الإشراف الاجتماعي في مناطق البلاد، مع الإشارة لكون هذا المشروع يعمل على الدمج الإيجابي بين فتيات دور الشؤون الاجتماعية وفتيات المجتمع العام، الذي تبناه قسم الدراسات والبحوث بمكتب الإشراف النسائي بالمنطقة الشرقية التابع لوزارة الشؤون الاجتماعية، وجرى تقديم نبذة عنه خلال جلسات الملتقى.

وتطرقت آمال الفايز، وهي مديرة نادي «سماي» للفتيات، للحديث عن تجربتها بالقول: «بعد العمل مع فتيات الظروف الخاصة ودراسة أوضاعهن النفسية والسلوكية لمدة سبع سنوات، وتطبيق برنامج تأهيلي لعدد 70 فتاة لمدة تزيد على خمس سنوات، جرى التوصل إلى عدد من الخلاصات المتعلقة بنجاح أي برامج تأهيلية أو تطويرية تقدم لهن».

وأكدت الفايز على ضرورة الوعي بالمواصفات النفسية والاعتقادية لهذه الفئة، بقولها: «يجب أن يكون القائم على البرنامج ملما بالمواصفات النفسية والفكرية المختلفة التي صنعتها طبيعة ظروفهن، فهناك كثير من المفاهيم المغلوطة والتشوش والقصور في النمو الانفعالي الذي يجعل استقبال فتيات الظروف الخاصة مختلفا عن غيرهن من الفتيات». وأردفت بالقول: «فتيات الظروف الخاصة يعانين بسبب ظروفهن عدم الثقة بالآخرين وعدم الثقة بأنفسهن لذا يحتجن لاستراتيجية خاصة في التواصل».

يذكر أن محاور الملتقى تضمنت مسيرة وزارة الشؤون الاجتماعية في دعم اليتيم، وتقديم نماذج لسير ذاتية ناجحة من الفتيات المقيمات بدار التربية الاجتماعية بالأحساء، وعرض أثر الشراكة المجتمعية في تحقيق الدعم الفاعل لليتيم، إلى جانب تقديم نماذج للشراكات المجتمعية. وتناولت رؤية الملتقى على أنه «يسعى لأن يكون نواة اتزان معرفي مجتمعي يحقق لليتيم قبول المجتمع الكامل القائم على الإيمان بقدراته الشخصية وتقبل واقعه».

ويهدف هذا الملتقى إلى توضيح الدور الهام الذي تقوم به وزارة الشؤون الاجتماعية تجاه أيتام الظروف الخاصة، وما تبذله المؤسسات الإيوائية التابعة لها من جهود لخدمتهم وتذليل الصعوبات التي تواجههم، وتصحيح المفاهيم الخاطئة السائدة عند عامة الناس عن الأيتام القاطنين بالمؤسسات الإيوائية، من خلال استعراض بعض التجارب الناجحة، بالإضافة إلى طرح التحديات التي تواجهها اليتيمة في علاقتها بالمجتمع، وتوضيح احتياجها الحقيقي من مجتمعها، وتوضيح مفهوم الشراكة المجتمعية لدعم الأيتام، وبلورة الأسس الواعية للشراكة الناجحة لدمج اليتيمة في مجتمعها، ودعمها في كل شؤونها المستقبلية من توظيف وزواج وتعليم عال.