«المنار» تشيع طاقمها الذي قضى في معلولا.. وإيران تدعو لـ«تطهير العالم من التطرف»

مصير اللبناني سمير كساب «لغز».. وأكثر من 236 إعلاميا قتلوا في سوريا منذ مارس 2011

TT

شيعت قناة «المنار» الناطقة باسم حزب الله، أمس، اثنين من إعلامييها الثلاثة الذين قضوا بكمين في طريقهم لتغطية سيطرة الجيش السوري على بلدة معلولا في منطقة القلمون.

ولبست مدينة بعلبك المحسوبة على حزب الله ثوب الحداد على مراسل القناة حمزة الحاج حسن الذي شيع بمأتم حاشد وبنثر الورود والأرز وبالزغاريد، وردد المشيعون شعارات «لبيك يا زينب» و«هيهات منا الذلة»، ورفعت أعلام حزب الله ولافتة كتب عليها «على طريق المقاومة والجهاد»، فيما تداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي صورا لنجل المصور محمد منتش، الذي قضى أيضا في معلولا، يوزع الحلوى خلال مراسم تشييع والده في بلدة كفرصير جنوب لبنان.

ولم تثن حادثة مقتل الإعلاميين الثلاثة مؤسسات إعلامية لبنانية أخرى عن إرسال طواقمها لتغطية أحداث معلولا، فظهر مراسل قناة «المؤسسة اللبنانية للإرسال» أدمون ساسين برسالة مباشرة من البلدة المسيحية التي كانت لا تزال تشهد اشتباكات بين عناصر الجيش السوري وقوات معارضة.

وأعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان أن قناصة من الكتائب الإسلامية المقاتلة استهدفت فريق قناة «المنار» عندما كان يغطي استعادة القوات النظامية مدعمة بقوات حزب الله السيطرة على بلدة معلولا، لافتا إلى أن مراسل القناة والمصور ومساعده قتلوا، فيما أصيب آخر بجراح خطيرة نتيجة إطلاق الرصاص عليهم.

وأوضح المرصد أن أربعة جنود من القوات النظامية قتلوا لدى محاولتهم سحب فريق المحطة من المنطقة.

ودانت وزارة الخارجية الإيرانية الهجوم الذي تعرض له فريق «المنار»، وذكَّرت المتحدثة باسم الخارجية مرضية أفخم بمبادرة الرئيس الإيراني حسن روحاني بشأن «تطهير العالم من العنف والتطرف».

وقالت أفخم إن هذه الحادثة تؤكد على «ضرورة التعاون بين جميع الدول والمنظمات الدولية المعنية لوقف التطرف والإرهاب».

وكان التقرير الشهري للجنة الحريات في رابطة الصحافيين السوريين حول الانتهاكات بحق الإعلام والإعلاميين في سوريا، أفاد بمقتل ستة إعلاميين خلال مارس (آذار) 2014 ليرتفع عدد ضحايا الإعلام إلى 236 إعلاميا وصحافيا منذ مارس 2011.

ورصدت اللجنة ستة انتهاكات أخرى بحق الإعلاميين الشهر الماضي، منها عمليات خطف واعتداءات بالضرب.

وحرك مقتل الإعلاميين اللبنانيين الثلاثة ملف المصور اللبناني في قناة «سكاي نيوز» سمير كساب الذي اختطف في أكتوبر (تشرين الأول) 2013 في مدينة حلب شمال سوريا مع مراسل القناة الصحافي الموريتاني إسحاق مختار وسائق الطاقم، الذين لا يزال مصيرهم مجهولا.

وأشارت خطيبة كساب، رزان حمدان، إلى أنه لا معلومات مؤكدة حتى الساعة عن مصير خطيبها وزملائه، لافتة إلى أن آخر ما تداول بهذا الشأن هو أنهم في محافظة الرقة، شمال سوريا.

واستغربت حمدان في حديث مع «الشرق الأوسط» «لغز» اختطافهم، سائلة: «ما السر في أن الجهة الخاطفة بعد مرور أكثر من ستة أشهر لم تعلن عن هويتها أو مطالبها كي نسعى لتحرير سمير؟».

وأوضحت أن القضية حاليا متروكة في يدي مدير عام الأمن العام اللبناني اللواء عباس إبراهيم الذي نجح بقيادة مفاوضات حررت راهبات معلولا الـ13 في مارس الماضي.

وتوقعت حمدان أن تكون إحدى كتائب المعارضة الصغيرة من اختطفت خطيبها، مؤكدة أنها وعائلته يحاولون التواصل مع كل الكتائب الموجودة على الأراضي السورية لمعرفة مصيره.

واستغرب طوني مخايل، الخبير القانوني في مؤسسة «مهارات»، وهي جمعية لبنانية تعنى بتعزيز حرية الرأي والتعبير، تلكؤ الدولة اللبنانية في التعاطي مع ملف اختطاف كساب، لافتا إلى أنه حتى الساعة لا معلومات حول مصيره.

واتهم مخايل في حديث مع «الشرق الأوسط» أكثر من جهة بالتقصير ما أدى لمقتل أفراد طاقم قناة «المنار»، لافتا إلى أن السلطات اللبنانية تتحمل مسؤولية لجهة وجوب تأكدها من اتخاذ الفريق الإعلامي كل الاحتياطات قبل توجهه إلى سوريا، كما أن السلطات السورية تتحمل مسؤولية مماثلة خاصة بعدما حكي عن بسط سيطرتها على البلدة بحيث كان من المفترض أن تتأكد من ذلك قبل السماح بدخول الإعلاميين إليها.

وشدد مخايل على وجوب أن لا تخاطر المؤسسات الإعلامية بإرسال طواقمها إلى المناطق التي يحكى عن سيطرة أحد الأطراف عليها قبل التأكد من توقف الاشتباكات فيها.

وصنفت لجنة حماية الصحافيين، وهي لجنة دولية مستقلة معنية بحرية الصحافة وتتخذ من نيويورك مقرا لها، في فبراير (شباط) الماضي سوريا على أنها «أخطر دولة» للعاملين في حقل الصحافة والإعلام.

ووثقت اللجنة مقتل 39 صحافيا داخل سوريا في عام 2013، إضافة إلى اختطاف أكثر من 80 صحافيا وإعلاميا منذ عام 2011.

واتهمت النظام السوري والفصائل المسلحة المرتبطة بالنظام بالتورط في انتهاكات ضد الصحافة، بما في ذلك عمليات احتجاز وقتل.

وكانت منظمة «مراسلون بلا حدود» أفادت في نوفمبر (تشرين الثاني) 2013 بأن ما لا يقل عن 110 من الإعلاميين قتلوا أثناء تأدية مهام عملهم منذ مارس 2011، بينما لا يزال 60 تقريبا قيد الاحتجاز أو في عداد المفقودين.