قلق إسرائيلي من تصعيد بالضفة بعد مقتل شرطي في الخليل

هنية يعلن أن أسر جنود إسرائيليين على جدول أعمال حركة حماس

فلسطينيات ينتحبن خلال تشييع قريبة لهن، أمس، كانت توفيت جراء استنشاقها غازا مسيلا للدموع أطلقه الجيش الإسرائيلي خلال مواجهات في مخيم عايدة للاجئين الفلسطينيين قرب بيت لحم جنوب الضفة (أ.ف.ب)
TT

عززت عملية قتل ضابط في الشرطة الإسرائيلية، في مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية، مخاوف مسؤولين إسرائيليين من تصعيد مفاجئ في الضفة، في ظل انعدام الأفق السياسي ووصول مفاوضات السلام مع الفلسطينيين إلى مرحلة أزمة حادة. وقال مسؤولون إسرائيليون إن العملية، التي نفذت ليل أول من أمس، امتداد لعمليات فردية نفذت العام الماضي، وتؤشر إلى تصعيد في الموقف.

وكان مسلح مجهول الهوية أطلق النار بشكل مفاجئ على سيارة إسرائيلية، على مقربة من حاجز «ترقوميا» غرب الخليل، فقتل ضابطا في الشرطة الإسرائيلية، وأصاب زوجته بجراح خطرة، قبل أن يلوذ بالفرار. وقال مسعفون إسرائيليون إن المسلح أطلق النار على عدد من السيارات، فلم يصب أحدا في السيارة الأولى، أما في الثانية فأصاب السائق الذي توفي لاحقا كما أصاب زوجته في الجزء العلوي من جسمها.

وتعهد وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي يتسحاق أهارونوفيتش باعتقال «مرتكبي الاعتداء الإرهابي»، قائلا إنهم لن يفلتوا من قبضة قوات الأمن الإسرائيلية.

وواصل الجيش الإسرائيلي، أمس، فرض طوق أمني مشدد على قرية إذنا القريبة من الخليل، وسط عمليات تمشيط واسعة في المنطقة بحثا عن منفذي الهجوم. وقالت مصادر في «الشاباك» (الأمن العام) والجيش الإسرائيلي إن منفذ العملية تصرف بشكل فردي كما يبدو ولا ينتمي لتنظيمات فلسطينية.

ويعد هذا النوع من العمليات الأكثر تعقيدا في وجه إسرائيل. وحتى اليوم لم يفك الإسرائيليون لغز عمليات «فردية» نفذت العام الماضي. وقال مسؤول أمني إسرائيلي «من الصعوبة بمكان منع عملية لفلسطيني ينهض من نومه ويقرر أنه يريد قتل إسرائيليين».

ويخشى الإسرائيليون أن تكون هذه العملية مقدمة لسلسلة أخرى من العمليات في ظل تردي الأوضاع السياسية والاقتصادية للفلسطينيين، لكنهم يعتقدون أن انتفاضة ثالثة مسألة غير واقعية الآن. وكان وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعلون حذر من إمكانية تنفيذ الفلسطينيين عمليات ضد أهداف إسرائيلية، على خلفية ما وصفه بـ«التحريض الفلسطيني الرسمي».

ولا تحظى العمليات المسلحة عادة بدعم وتأييد السلطة الفلسطينية، بل تعمل السلطة على إحباطها، وتركز أكثر على دفع المقاومة الشعبية، فيما تؤيد حركة حماس بقوة هذا النوع من العمليات في الضفة الغربية، وتدعو له باستمرار.

ويتهم المسؤولون في السلطة إسرائيل بمحاولة جرهم إلى مربع «العنف» عبر تضييق الخناق على سكان الضفة، وتنفيذ الجيش الإسرائيلي عمليات قتل واعتقال في المدن والقرى والمخيمات.

وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس ترأس، أول من أمس، في وقت متأخر اجتماعا ضم قادة الأجهزة الأمنية، ووجه لهم فيه تعليمات صارمة بضرورة العمل على تطبيق سيادة القانون وحفظ الأمن والأمان للمواطن وحفظ كرامته، ومنع الانزلاق إلى المربعات التي تريدها إسرائيل.

وقال اللواء عدنان ضميري الناطق الرسمي باسم المؤسسة الأمنية إن المرحلة المقبلة ستكون صعبة اقتصاديا وميدانيا على الفلسطينيين، بسبب ما سماه «سياسة حكومة الاحتلال». وأضاف خلال جولة أمنية في أريحا أن «إسرائيل تتمترس خلف شريعة القوة لمواجهة شرعية الحق التي كرسها الانضمام إلى المنظمات الدولية».

أما حماس، فرحبت بعملية الخليل، وقال عضو المكتب السياسي للحركة عزت الرشق «إن عملية الخليل الفدائية، تؤكد أن المقاومة هي النهج وأنها باقية ما بقي الاحتلال».

وأضاف الرشق على صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»: «عملية الخليل هي مداد من روح المقاومة التي لم تزل تسري في عروق أبناء شعبنا الفلسطيني البطل، وهي الرد الأبلغ على العربدة الصهيونية المستمرة، والانتهاكات المتكررة بحق شعبنا وأرضنا وأسرانا ومقدّساتنا، وهي التحذير المسبق للاحتلال الصهيوني حال ارتكابه أي حماقة بحق مقدّساتنا وعلى رأسها المسجد الأقصى المبارك».

وفي غزة، رحب كذلك رئيس الحكومة المقالة إسماعيل هنية بعملية الخليل، واصفا مرتكبيها بـ«أبطال أعادوا الحياة لمسار المقاومة في الضفة الغربية».

وقال هنية، في كلمة خلال مؤتمر عقد لمناصرة قضية الأسرى، إن أسر الجنود الإسرائيليين جزء من جدول أعمال حركة حماس وسيستمر ما دام هناك أسرى في السجون الإسرائيلية.

ودعا هنية إلى «بناء معادلة فلسطينية جديدة لمواجهة المفاوضات ترتكز على استعادة الوحدة الوطنية وفتح الباب أمام المقاومة بكافة أشكالها في كل الأراضي الفلسطينية».

وقال إن دعوته ترتكز إلى استعادة الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة، عبر إنجاز برنامج الوفاق الوطني.

كما دعا إلى إعادة بناء المرجعية القيادية للشعب الفلسطيني ممثلة بإجراءات انتخابات المجلس الوطني التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية.