صواريخ «تاو» الأميركية بأيدي «حزم».. وحكومة المعارضة تنفي علمها بالصفقة

الحركة تأسست برعاية سليم إدريس وتضم 22 كتيبة تنتشر في الشمال

TT

اكتسبت حركة «حزم» التي تضم كتائب عسكرية سورية معارضة توصف بأنها معتدلة، أهمية خاصة بعد الإعلان عن تسلمها 20 صاروخ «تاو» الأميركي الصنع المضاد للدبابات «من جهة غربية»، خصوصا أن مصادر وزارة الدفاع المؤقتة التابعة للائتلاف الوطني المعارض نفت لـ«الشرق الأوسط» معرفتها بهذه الصفقة، ما يؤشر إلى أن هذه الحركة تحظى بثقة الغرب أكثر من بقية تشكيلات المعارضة السورية بما فيها تلك المنضوية في هيئة الأركان.

وانطلقت حركة حزم، التي تضم 22 كتيبة من مناطق سورية مختلفة، في بداية العام الحالي بدعم من رئيس هيئة الأركان السابق اللواء سليم إدريس، الذي ظهر في شريط فيديو بجانب قادة الحركة، معلنا تأييده لتشكيلها، وواصفا عناصرها بأنهم «السباقون والحريصون على إنجاح الثورة وتحقيق المطالب الشعبية في إسقاط النظام بكل أركانه ورموزه».

وكان المجلس العسكري الأعلى لـ«الحر» أقال اللواء سليم إدريس من مهامه في رئاسة هيئة الأركان في منتصف فبراير (شباط) الماضي وأعلن تعيين العميد الركن عبد الإله البشير مكانه. لكن إدريس رفض قرار المجلس معلنا متابعة عمله رئيسا للأركان، مستندا إلى دعم عدد من قادة المجالس العسكرية. ومن المرجح أن يعزز إدريس موقفه بعد وصول دفعة صواريخ «تاو» إلى حركة «حزم» التي يشرف عليها.

ويؤكد عضو «الائتلاف الوطني المعارض» وممثله في الولايات المتحدة، نجيب الغضبان، لـ«الشرق الأوسط»، أن «الدول الغربية وضعت معايير محددة لدعم كتائب المعارضة في سوريا بالسلاح، أهمها أن تكون هذه الكتائب معتدلة وفي موقع النقيض للتنظيمات الجهادية».

وفي حين شدد الغضبان على أن «معظم الكتائب المقاتلة ضمن الجيش الحر تمتاز باعتدالها»، رجح أن «يكون لدى حركة حزم قنوات اتصال مع الدول الغربية ما خولها استلام صواريخ (التاو) الأميركية الصنع».

وكانت وكالة الصحافة الفرنسية نقلت عن مصدر في المعارضة السورية طلب عدم الكشف عن هويته، قوله إن «عناصر منضبطة ومعتدلة من حركة حزم» التي تعد جزءا من الجيش السوري الحر حصلت لأول مرة على 20 صاروخ «تاو» مضادا للدبابات «من جهة غربية»، مشيرا إلى أن «المعارضة تلقت وعدا بإمدادها بمزيد من الصواريخ في حال استخدمت (بطريقة فعالة)». وكشف المصدر عن أن «هذه الصواريخ استخدمت حتى الآن في مناطق إدلب وحلب واللاذقية شمال سوريا».

وتضم حركة حزم «كتائب فاروق الشمال» و«الفرقة التاسعة التابعة للقوات الخاصة» و«اللواء الأول مدرعات» و«لواء الإيمان بالله» و«كتيبة أبي الحارث» و«كتيبة أحرار السلمية» و«كتيبة الشهيد عبد الرحمن الشمالي» و«كتيبة الشهيد بكر بكار» و«كتيبة أحباب الرسول» و«كتيبة الشهيد حمزة زكريا» و«كتيبة الرشيد» و«كتيبة أبو أسعد النمر»، إضافة إلى «لواء أحباب الله» و«كتيبة الفاتح» و«لواء الستين» و«كتيبة عباد الرحمن» و«كتيبة الشهيد عبد الغفار حاميش» و«كتيبة فاروق الزعفرانة» و«كتيبة الشهيد عبد الله بكار» و«كتيبة شهداء الرستن» و«كتيبة الشهيد عمار طلاس فرزات» و«سرايا صوت الحق». وتصنف هذه الكتائب ضمن التنظيمات المعتدلة البعيدة عن التطرف الديني.

وتخشى الدول الغربية من تمدد نفوذ التنظيمات الإسلامية مثل الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) و«جبهة النصرة»، ما يدفعها إلى دعم الجهات المعتدلة في المعارضة السورية. ويتركز وجود فصائل حركة «حزم» في مناطق الشمال السوري حيث تظهر عدد من مقاطع الفيديو المنشورة في صفحة الحركة على موقع «فيسبوك» عمليات عسكرية نفذت في ريف حلب.

ونفى المنسق الإعلامي في وزارة الدفاع المؤقتة كنان محمد، أن تكون الوزارة على علم بصفقة صواريخ «التاو»، موضحا لـ«الشرق الأوسط» أن «وصول هذه الصواريخ إلى حركة حزم لا يزعج الوزارة لا سيما أن مقاتلي الحركة يحاربون قوات النظام السوري ويسعون لانتصار الثورة».

وفي حين رفض محمد الكشف عن السبب الذي دفع الجهات الغربية إلى منح صواريخ «تاو» لحركة «حزم»، قلل من أهمية الصفقة، مشيرا إلى أن «صواريخ (تاو) مضادة للدروع فيما تحتاج المعارضة إلى صواريخ مضادة للطيران كي تحدث تحولا ميدانيا ضد النظام».

وأظهر مقطع فيديو وزعته شبكة «مسارات» الإعلامية المعارضة مسلحين يخرجون الكثير من صواريخ «تاو» ويعبئونها ويطلقونها في مواقع غير محددة في المناطق الريفية السورية. وتصل نسبة تحقيق صاروخ «تاو» هدفها إلى 99 في المائة، بحسب ما يؤكده الخبير العسكري اللبناني العميد المتقاعد نزار عبد القادر لـ«الشرق الأوسط»، مشيرا إلى أن «هذه الصواريخ يتراوح مداها ما بين 500 متر إلى 4000 متر».

ويمكن إطلاق صاروخ «تاو» من منصات تركب على المركبات أو إطلاقه من المروحيات. وتعتمد هذه الصواريخ على نظام توجيه وفق خط النظر شبه أوتوماتيكي يتطلب من سادن السلاح أن يُبقي بصره مركزا على الهدف حتى يصيبه الصاروخ.

ومن غير المتوقع أن تساهم صواريخ «التاو» في إحداث أي تحول ميداني لصالح المعارضة السورية، لأن الأخيرة امتلكت في وقت سابق صواريخ لها ذات الفعالية مثل «كونكرس» الروسية و«السهم الأحمر» الصينية من دون أن يؤدي ذلك إلى تبدل في المجريات الميدانية.

وفي غضون ذلك، أفادت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية في تقرير، أمس، بأنه لم تتضح بعد الطريقة التي حصلت بها قوات المعارضة على هذا النوع من الصواريخ الموجهة والقادرة على اختراق الدروع والتحصينات، والتي تعد عنصرا أساسيا في ترسانة أميركا العسكرية.

وحسب التقرير فإن الولايات المتحدة باعت هذا النوع من الصواريخ في الماضي لعدة دول، من بينها تركيا.

وامتنع المسؤولون الأميركيون عن الحديث عن مصدر تلك الصواريخ، لكنهم، في الوقت ذاته، لم يشككوا في حقيقة وصول الصواريخ إلى أيدي المعارضة السورية.

ويتزامن ظهور صواريخ «بي جي إم - 71 تاو» على الأرض في سوريا مع التعهد الذي قطعته الولايات المتحدة على نفسها هذا العام بأن توجه مزيدا من الاهتمام للبرنامج الذي تديره وكالة الاستخبارات الأميركية (CIA)، والذي يسعى لتقديم مزيد من الدعم للمعارضة السورية وتكثيف التدريب الذي تتلقاه جماعات لمعارضة «المعتدلة» وكذلك تحسين مستوى التنسيق مع الجهات الأخرى الداعمة للمعارضة.