اختراق «حاجز الذعر» في العاصمة المصرية

نصف ساعة من القلق ونظريات المؤامرة بعد دوي مفاجئ للمقاتلات الجوية

TT

كان الوقت يقترب من منتصف النهار أمس بالتوقيت المحلي المصري، حين ارتبكت شبكات الهواتف الأرضية والجوالة من كثرة الاتصالات المتسائلة عن مصدر الصوت الذي هز مناطق واسعة في محافظة الجيزة على الضفة الغربية من النيل بمحاذاة العاصمة.

دوي الصوت الذي أكد سكان سماعه في أماكن متباعدة ومتفرقة، من محيط جامعة القاهرة، وشوارع مناطق المهندسين والدقي، وصولا إلى مدينة السادس من أكتوبر ومجمع حدائق الأهرام السكاني، بث الفزع في النفوس.. وأكد ذلك الشعور اتساع النطاق الجغرافي لمن شعروا بآثار الصوت الانفجاري، الذي بلغ ذروته، بحسب البعض، إلى تكسر زجاج النوافذ في بعض أحياء مدينة السادس من أكتوبر، في ظل توتر عام يحيط بأهل مصر منذ نحو ثمانية أشهر، شهدت الكثير من عمليات التفجير والعنف.

وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، التي تثبت كثيرا أنها مصدر أسرع لنقل الأحداث الطارئة في دولة تشهد متغيرات في كل لحظة، بدأ السؤال والجواب.. سؤال عن موقع الانفجار المزعوم؛ وجواب دائما سلبي من كل المواقع المتوقعة لحدوثه.

زملاء صحافيون ميدانيون أكدوا أنهم ينتشرون في أحياء محافظة الجيزة بحثا عن مصدر الصوت، إلا أن أيا منهم لم يحصل على «السبق الصحافي» بالوصول إلى الموقع المنشود. وبينما تنهال المكالمات الهاتفية بين أفراد الأسر للاطمئنان على ذويهم الذين خرجوا إلى أعمالهم، يسعى الإعلاميون إلى التواصل مع أحد المسؤولين لتبين حقيقة الأمر وتوضيحه للرأي العام.

وبينما تمر الدقائق، وكانت في أولها عصيبة على الأغلب، نظرا لأن أحداثا مثل تفجيرات جامعة القاهرة، أو مديرية أمن الدقهلية، وغيرها، ما تزال صورها التي خضبت بدماء الضحايا ماثلة في الأذهان.. لكن مرور الوقت مع غياب ما يؤكد وقع انفجار، وكذلك غياب توضيح «رسمي»، بدأ في نسج «نظريات» مختلفة حول طبيعة الأمر، وهو أمر اعتاده أيضا المصريون منذ خروجهم في ثورتهم الأولى في 25 يناير (كانون الثاني) عام 2011.

أكثر نظريات المؤامرة تشاؤما كانت تلك التي تقول إن هناك انفجارات متعددة المراكز في أحياء الجيزة، ولكنها سرعان ما تبخرت بعد إعلان كل الباحثين فشلهم في العثور على «أثر» مادي يؤكد نظريتهم. أما أقرب النظريات إلى الصحة، فكانت التي تشير إلى أن الأصوات ربما تكون ناجمة عن تدريبات عسكرية غرب العاصمة.

وبعد نحو نصف الساعة من المناقشات غير المحسومة، قطع المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة المصرية، العقيد أحمد محمد علي، الشك باليقين، قائلا في صفحته على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»: «تؤكد القوات المسلحة على أن دوي الأصوات التي سمعت ظهرا بمحيط محافظة الجيزة جاءت نتيجة اختراق بعض الطائرات لحاجز الصوت أثناء تنفيذ نشاط تدريبي للقوات الجوية.. كما تؤكد المؤسسة العسكرية على أنه ليس هناك ما يدعو إلى القلق أو الانزعاج من جراء تلك التدريبات».

ورغم الشعور العام بالطمأنينة عقب التوضيح الرسمي العسكري، فإن أصواتا متباعدة تعالت باللوم لتأخر ذلك التوضيح لوقت جعله الشعور بالقلق يمر دهرا.. كما تساءل آخرون عن سر غياب «التنبيهات المسبقة» عن مثل تلك الإجراءات عن الأوساط المصرية.. إلا أن عددا من خبراء الأمن يرون أن ذلك أمر غير متاح حاليا، نظرا لسرية تلك الإجراءات العسكرية من جهة، وما تشهده مصر من اضطراب واستهداف للشرطيين والعسكريين من جهة أخرى.