قوات أوكرانية تسلم سلاحها إلى موالين لروسيا.. وآخرون يتخلون عن مدرعاتهم

«الناتو» يعلن نشر قوات إضافية في أوروبا عشية لقاء جنيف

جنود أوكرانيون يجلسون فوق دبابة في بلدة كراماتورسك حيث واجههم سكان البلدة ومنعوا تقدمهم (أ.ب)
TT

بدأ جنود أوكرانيون في تفكيك أسلحتهم وتسليمها إلى موالين لروسيا بعد أن طوق حشد من النشطاء المؤيدين لموسكو عرباتهم المدرعة في المنطقة الشرقية المضطربة من البلاد وطالبوهم بذلك.

وسلم الجنود في بلدة كراماتورسك أجزاء إطلاق النار في بنادقهم إلى زعيم المحتجين الموالين لموسكو مقابل وعد بالسماح لهم بمغادرة المنطقة مع عرباتهم، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.

وكان الرتل يضم 15 عربة خفيفة مدرعة، واعترضه صباحا متظاهرون موالون لروسيا أثناء عبوره كراماتورسك باتجاه سلافيانسك التي تشهد حركة كثيفة للموالين للروس ويسيطر عليها منذ السبت انفصاليون مسلحون. واستولى مقاتلون موالون للروس على ست مدرعات أخرى رفعوا عليها العلم الروسي وانضموا إلى حراك سلافيانسك.

وينتمي الرتل الذي جرى اعتراضه في بلدة كراماتورسك إلى كتيبة المظليين «25» من دنيبروبتروفسك، وجرى الاتفاق مع الضباط الأوكرانيين على أن يسمح لهم بالعودة أدراجهم بعد تفكيك أسلحتهم. وقال رجل يمثل الانفصاليين الموالين للروس إن الأسلحة التي جرى تسليمها «ستكون تحت إشرافنا، ولن يجري توجيهها أبدا نحو الشعب». وبكى بعض الجنود الأوكرانيون فوق المدرعات وخبأ آخرون وجوههم خلف قبعاتهم في حين صرخ الحشد: «أحسنتم.. أحسنتم».

واستقبل مئات من السكان في سلافيانسك ست مدرعات وجنودا غامضين أتوا لتعزيز المعسكر الموالي لروسيا، بهتافات: «أنتم أبطال، نحن نحبكم»، فيما تتخوف المدينة من هجوم تشنه القوات الموالية لكييف. وهتف مئات الأشخاص الذين احتشدوا في وسط هذه المدينة التي يبلغ عدد سكانها 140 ألف نسمة: «الجيش مع الشعب». وقد سيطر المتمردون الموالون لروسيا السبت الماضي على المدينة واحتلوا مبنى البلدية ومركز الشرطة والمقر المحلي لأجهزة الاستخبارات واستولوا على أسلحة.

وارتفعت حدة التوتر أول من أمس بعد وصول تعزيزات عسكرية كبيرة من القوات الأوكرانية على بعد 40 كيلومترا من المدينة (مروحيتان ونحو 50 مدرعة خفيفة ودبابات و300 رجل من الوحدات الخاصة للشرطة وأجهزة الاستخبارات). وهذه أول إشارة واضحة للعملية التي شنتها كييف من أجل نزع سلاح الناشطين الموالين لروسيا واستعادة السيطرة على المباني الرسمية التي كانوا يحتلونها.

وعلى المدرعات يرفرف العلم الروسي وعلم جمهورية دونباس التي أعلنها من جانب واحد الناشطون الموالون لروسيا في شرق البلاد الذين يحلمون بالانضمام إلى روسيا أو بالحصول على حد أدنى من الحكم الذاتي في إطار دولة فيدرالية في أوكرانيا.

وقدم سكان الماء والسجائر إلى الجنود، ووضعت فتيات بعض الزهور على المدرعات، وعمد كثر إلى تخليد هذه اللحظة من خلال التقاط صور مع الجنود.

وبينما تعاني الحكومة الأوكرانية من فشل السيطرة على بلدات شرق البلاد، أكد الناطق باسم دائرة مكافحة التجسس في أجهزة الاستخبارات الأوكرانية أمس، أن العملاء الروس الذين ينشطون في شرق أوكرانيا هم أنفسهم الذين كانوا ينشطون في القرم قبل إلحاق شبه الجزيرة الأوكرانية بروسيا. وأضاف فيتالي نايدا في تصريح صحافي: «هم العملاء أنفسهم الذين سيطروا على برلمان القرم. لقد تعرفنا إليهم من خلال اتصالاتهم»، مؤكدا أن «نحو 40 من عناصر الاستخبارات الروسية ومعاونيهم» قد اعتقلوا منذ بداية التحركات الانفصالية في شرق أوكرانيا في 6 أبريل (نيسان) الحالي. وأوضح المتحدث أن «أعمال التضليل في شرق أوكرانيا يقودها ضباط من جهاز الاستخبارات المركزية في رئاسة أركان القوات المسلحة الروسية»، مكررا اتهامات وجهها المسؤولون الأوكرانيون في وقت سابق. واتهم المتحدث العملاء الروس بـ«زعزعة الاستقرار إلى أقصى درجة» في الأراضي الأوكرانية.

وبينما تتزايد المخاوف من التوغل الروسي في أوكرانيا، وتبعات الأحداث على دول أوروبا الشرقية بشكل أوسع، أعلن حلف شمال الأطلسي (الناتو) أمس أنه قرر اتخاذ سلسلة من الخطوات فورا لتعزيز قواته في شرق أوروبا. وقال الأمين العام للحلف آندرس فوغ راسموسن في مؤتمر صحافي في بروكسل عقب القرارات التي اتخذها سفراء الدول الأعضاء لدى الحلف: «سيكون عندنا مزيد من الطائرات في الجو، ومزيد من السفن في البحر، ومزيد من الاستعداد على البر. على سبيل المثال ستقوم طائرات الحلف بمزيد من الطلعات الجوية فوق منطقة البلطيق، وستنتشر سفنه في بحر البلطيق وشرق البحر المتوسط، ومناطق أخرى إذا تطلب الأمر».

وأضاف راسموسن أنه سيجري إرسال عسكريين من الدول الأعضاء لتحسين درجة استعداد وتدريب قوات الحلف. وكرر راسموسن أيضا دعوته روسيا إلى التوقف عن زعزعة استقرار الوضع في أوكرانيا، وسحب قواتها من الحدود معها. وقال: «نطالب روسيا بأن تكون جزءا من الحل، بأن توقف زعزعة استقرار أوكرانيا، وبأن تسحب قواتها من الحدود، وتوضح أنها لا تؤيد الأعمال العنيفة للميليشيات المدججة بالسلاح للانفصاليين المؤيدين لروسيا».

وجاء إعلان «الناتو» تزامنا مع توجه وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى جنيف أمس، حيث يلتقي اليوم نظيره الروسي سيرغي لافروف لعقد اجتماع يفترض أن يحل أزمة أوكرانيا. ومن المقرر عقد المباحثات بين كيري ولافروف ونظيريهما الأوكراني آندري ديشتشيتسا ووزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون.

وتريد موسكو فرض «فيدرالية» في أوكرانيا ترى فيها حكومة كييف تهديدا بتفكيك البلاد على خلفية اختبار القوة في شرق البلاد بين المتمردين الموالين لروسيا والقوات المسلحة الأوكرانية.

وحذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مساء أول من أمس المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل من أن أوكرانيا «على شفير حرب أهلية»، لكن المسؤولين «أعربا عن الأمل في أن يعطي لقاء جنيف إشارة واضحة لتعود الأوضاع سلمية»، بحسب الكرملين.

وفي حال فشل الاجتماع، تهدد واشنطن بفرض عقوبات جديدة على موسكو. ووفقا للخارجية الأميركية، فقد يعني ذلك استهداف مزيد من الأفراد وحتى منع الوصول إلى بعض القطاعات الاقتصادية الأساسية مثل المناجم والطاقة والخدمات المصرفية. وعدّ وزير الخارجية الألماني فرانك - فالتر شتاينماير في تصريحات صحافية أمس أنه «لا مجال للفشل» في اجتماع جنيف.