معدلات النمو الاقتصادي للدول العربية تراجعت إلى 1.‏2 في المائة في 2013

بعد أن بلغت 6.‏4 في المائة في 2012

TT

قال محافظ البنك المركزي الأردني زياد فريز إن استراتيجيات النهوض بالاقتصادات العربية تتطلب وضع تصورات مستقبلية، للحد من آثار التحديات التي تواجهها منطقتنا العربية وتحويلها إلى فرص تعود على بلداننا وشعوبنا بالفائدة ومواكبة آفاق الاقتصادية العالمية.

وأضاف فريز في افتتاح المؤتمر المصرفي العربي لعام 2014 السنوي لاتحاد المصارف العربية، الذي بدأت أعماله أمس (الأربعاء) في عمان لمناقشة استراتيجيات النهوض بالاقتصادات العربية أن مسيرة الأجهزة المصرفية العربية، تشير بوضوح إلى أنها استطاعت مواجهة التحديات الناجمة عن الأزمات العالمية وتحقيق نتائج إيجابية على مختلف الصعد؛ حيث حافظت على ملاءتها وقوتها وزادت متانة، وواصلت أصولها النمو بوتيرة أعلى بكثير من معدلات النمو الاقتصادي رغم الضغوط الاقتصادية والسياسية المتزايدة.

وأكد الدكتور فريز أن التحديات المستجدة على الصعيدين العالمي والإقليمي، تفرض على مصارفنا العربية الاستمرار بالامتثال لأفضل الممارسات العالمية وتطبيق أفضل التشريعات والقوانين، حرصا على تعزيز قوة ومتانة أوضاعها وبناء قدرة عالية على امتصاص أي صدمات قد تحدث في المستقبل.

وشدد على أهمية تعزيز الحاكمية للمصارف العربية وتعزيز المنافسة لديها، استنادا لأفضل الممارسات العالمية، لتلافي نقاط الضعف والثغرات التي أفرزتها الأزمة المالية العالمية وضمان استدامة متانة أوضاعها المصرفية.

من جانبه قال رئيس مجلس إدارة جمعية البنوك في الأردن باسم خليل السالم إن انعقاد هذا المؤتمر يأتي في أوقات صعبة ودقيقة يمر بها الاقتصاد العربي، حيث أثرت الأزمات الاقتصادية والسياسية المتعاقبة بشكل واضح على جهود التنمية في مختلف أقطار العالم العربي.

وأضاف أن الدول العربية ما زالت تواجه تحديات الانتقال نحو الديمقراطية؛ حيث إن حالة عدم اليقين السياسي وما رافقها من تصاعد في الهاجس الأمني، ما زالت تلقي بظلالها على النشاط الاقتصادي في المنطقة العربية، تراجعت معه معدلات النمو الاقتصادي للدول العربية إلى 1.‏2 في المائة في 2013 مقارنة مع 6.‏4 في المائة في 2012.

وأكد انخفاض حجم الاستثمار الأجنبي المباشر في الدول العربية إلى النصف حيث تراجع إلى 47 مليار دولار في نهاية 2012 مقابل من 96 مليار دولار في عام 2008. يضاف إلى ما سبق تراجع الدخل السياحي، وتعمق اختلالات المالية العامة في الكثير من الدول العربية.

وقال: إنه رغم أن هذه التداعيات الاقتصادية أمر طبيعي ومتوقع، فإنه ينبغي في نفس الوقت رصد وحصر حجم هذه التداعيات والتفكير في الوسائل والسياسات الكفيلة بالحد من استمرار هذا التباطؤ الاقتصادي لضمان تعافي الاقتصادات العربية، وإجراء الإصلاحات اللازمة لدعم انطلاقة المرحلة الاقتصادية الجديدة.

وأكد أن هذه التداعيات تستلزم تفعيل التقارب العربي وبناء شراكات حقيقية تجسد التكامل الاقتصادي العربي: «فسوقنا العربية كبيرة بعدد سكان يتجاوز 350 مليون نسمة تتوفر فيها كل مقومات التكامل الاقتصادي بما فيها من تنوع في الثروات الطبيعية»، فضلا عن العوامل البشرية المتمثلة بالمهارات اللغوية والتراث الحضاري.

وقال السالم إن المرحلة المقبلة «ستكون مليئة بالتحديات»، ما يتطلب استراتيجية عربية واضحة المعالم لتحقيق الرخاء الاقتصادي وزيادة التنمية المستدامة وضمان حياة أفضل للشعوب العربية.

ودعا إلى أن تأخذ استراتيجيات النهوض بالاقتصادات العربية مجموعة من العوامل أهمها أن تتبنى الحكومات العربية برامج عمل واضحة المعالم لتحقيق التنمية الاقتصادية الشاملة، ورفع مستوى الإنتاجية عن طريق تسهيل حركة العمالة بين الأقطار العربية بالدرجة الأولى وتشجيع الاستثمار في التكنولوجيا وتنمية الموارد البشرية، فضلا عن تحديث الأطر التشريعية التي تحكم مناخات العمل والاستثمار، ما سيساهم في رفع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي على مستوى المنطقة.

بدوره قال رئيس مجلس إدارة اتحاد المصارف العربية محمد كمال الدين بركات إنه للنهوض بالاقتصادات العربية، لا بد أن تقوم الاستراتيجيات على جملة من المبادئ التي من شأنها أن تفتح فرصا متكافئة لمختلف شرائح المجتمع، وأن ترمي إلى تحسين مجتمعاتنا ومقومات تطوير الأجيال المقبلة.

وأضاف أن هذا النهوض يتطلب إعادة بناء وتأهيل البنى التحتية للاقتصادات العربية التي تأثرت سلبا بالتحولات العربية وتعزيز التكامل النقدي والمالي العربي بما في ذلك أسواق رأس المال والمؤسسات المصرفية والاستثمارية.

ودعا إلى قيام اقتصاد عربي متكامل بين القطاعات الاقتصادية سواء في المشروعات المشتركة على صعيد البنية الأساسية من طرق واتصالات وسكك حديد والمياه والطاقة المتجددة، أو على صعيد المشروعات الإنتاجية في مجال الزراعة والصناعة وغيرها من النشاطات.

وقال رئيس مجلس إدارة الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب، رئيس اللجنة التنفيذية لاتحاد المصارف العربية الدكتور جوزيف طربيه إن أبرز التحديات التي أفرزها الواقع العربي تتمثل في عدم الاستقرار الأمني والسياسي، وزيادة الضغوط الاجتماعية التي يسببها ازدياد معدلات الفقر والبطالة.

ودعا المشاركين إلى التركيز على قضايا ترتبط بديموغرافية الوطن العربي المتمثلة في عدد الشباب الذي يصل إلى 50 في المائة من إجمالي سكان الوطن العربي، ومعالجة غياب النشاطات الاقتصادية المحفزة للنمو الاقتصادي، ومراجعة نظام التعليم ليتوافق مع احتياجات سوق العمل.

وشدد على ضرورة أن تساهم المصارف العربية في استقطاب الموارد المالية وتوظيفها بشكل أمثل في الاقتصادات العربية.

ودعا إلى تعزيز مستوى التعليم بمختلف المراحل وتطوير البنى الاقتصادية المنتجة بالاشتراك مع القطاع الخاص، وتطوير مقومات بناء المؤسسات الإدارية، وتوظيف الموارد البشرية والمادية بطريقة عقلانية، وخلق بيئة جاذبة للاستثمار ومحفزة للنمو، والانخراط في اتفاقيات الانفتاح الاقتصادي والتبادل التجاري مع الأسواق الإقليمية والدولية.

ويناقش المشاركون على مدى يومين الواقع الحالي للاقتصادات العربية الناشط منها والمتعثر، والتشريعات والإصلاحات الاقتصادية المطلوبة للنهوض بالاقتصادات العربية، ودور الأسواق المالية في تنشيط الاقتصاد، والمشروعات الصغيرة والمتوسطة كعامل رئيسي للنهوض الاقتصادي. ويسعى الاتحاد من خلال المؤتمر إلى الالتزام بضوابط الحوكمة المؤسسية، وتنفيذ مشروعات اقتصادية عربية تستوعب الداخلين إلى سوق العمل العربي، وتأمين التمويل للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، وتفعيل المسؤولية الاجتماعية للمصارف، وتعديل النظام الضريبي لتحقيق العالة الاجتماعية، ومحاربة الفساد والرشوة والتهرب والتجنب الضريبي.