جهود لبنانية لحماية سكان الطفيل.. واتفاق مع «عسال الورد» لتحييدها عن الأزمة السورية

وزير الداخلية لـ «الشرق الأوسط»: نسعى لحل جذري.. وأولويتنا تأمين خروج الأهالي

TT

ينتظر أهالي قرية الطفيل منذ أسابيع تحرّك الدولة اللبنانية لفك الحصار عن بلدتهم، وفي ظل الجهود التي يؤكّد أكثر من مسؤول أنّها تبذل لإيجاد حل لهذه المشكلة، يحذّر أبناء المنطقة المنسية منذ استقلال لبنان من كارثة إنسانية بعد قطع الطريق الترابي الوحيد الذي يربطها بباقي الأراضي اللبنانية، مطالبين بإنقاذهم قبل فوات الأوان.

وفي هذا الإطار أكد وزير الداخلية نهاد المشنوق أنه يتابع أوضاع قرية الطفيل منذ أسبوع والهدف الأهم اليوم الذي يعمل على تنفيذه هو حماية الأهالي، مشيرا في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن التنسيق في هذا الإطار يجري على كل المستويات السياسية والأمنية ومع حزب الله، لتأمين مرور من يريد الخروج من اللبنانيين. وشدد المشنوق على أن الهم الأول بالنسبة إلى الدولة اللبنانية الآن هو حماية أبناء المنطقة وإبقاؤها بعيدا عن الصراع السوري - السوري بين قوات النظام والمعارضة. وأشار المشنوق إلى أن فتح الطريق الذي يبلغ طوله 23 كيلومترا ليس بالأمر السهل، لا سيما أن ألغاما وضعت عليه. وفي حين أكد المشنوق أن العمل هو للتوصل إلى حل جذري ونهائي تفاديا لتعرض أهالي الطفيل لأي مشكلات في ظل الأزمة السورية، أشار إلى أن الطريق يحتاج إلى إعادة الترسيم، والانتهاء من تعبيده يتطلب أكثر من ستة أشهر. وكانت الطفيل التي تستقبل آلاف السوريين النازحين قد تحولت إلى منطقة معزولة إثر سيطرة النظام على قرى القلمون الواحدة تلو الأخرى، وآخرها عسال الورد، قبل يومين، وقبل ذلك إقفال الطريق الترابي الذي يصلها بلبنان عبر بريتال، ذات الغالبية الشيعية والخاضعة لنفوذ حزب الله. ورغم إشارة بعض المعلومات إلى أن المقاتلين المعارضين جعلوا من الطفيل ملجأ لهم إثر سقوط القلمون، ينفي أهالي المنطقة هذا الأمر مؤكدين حرصهم على تحييد بلدتهم، لإبقائها بعيدا عن الصراع السوري.

من جهته، قال مفتي البقاع - الهرمل، بكر الرفاعي، إن اجتماعا موسعا عقد أمس جمع المفتي إلى جانب ممثلين من قيادة الجيش ومختار بلدة الطفيل محمد الشوم وإمام الجامع فيها أحمد الآغا، تقرر خلاله العمل على فتح طريق «عين البنية» إلى الطفيل، عبر منطقة حام السورية، لإيصال المساعدات الغذائية إلى أبناء المنطقة، في اليومين المقبلين. وأكد الرفاعي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن شخصيات من وجهاء بلدة الطفيل اجتمعوا مع مختار منطقة عسال الورد وشخصيات من القلمون، المحاذية، وتوصلوا إلى اتفاق يقضي بتحييد الطفيل عن الأزمة السورية. ولفت الرفاعي إلى أن أهل البلدة أكدوا التزامهم سياسة النأي بالنفس وعدم تغطيتهم أو استقبالهم المسلحين المعارضين، مشيرا إلى أن من هرب من المقاتلين من القلمون لجأ إلى جرود الطفيل.

وتقع الطفيل في أقصى جرود سلسلة لبنان الشرقية، وتحدها من الشرق عسال الورد وحوش عرب في سوريا، وعلى مسافة نحو ثلاثة كيلومترات من الغرب حام، ومن الشمال معربون وبريتال اللبنانية التي تبعد 25 كيلومترا، ومن الجنوب رنكوس السورية على مسافة خمسة كيلومترات. ويبلغ عدد سكانها أكثر من خمسة آلاف لبناني من مسلمين ومسيحيين، منهم أكثر من 25 عنصرا في الجيش اللبناني، وفق اتحاد الجمعيات الإغاثية والتنموية في لبنان. وكان الوضع المأساوي الذي يعيشه أهالي بلدة الطفيل حاضرا أمس على طاولة الاجتماع الأمني الذي عقد أمس برئاسة رئيس الجمهورية ميشال سليمان وجرى خلاله البحث في السبل الكفيلة لتأمين طريق تربط هذه القرية بلبنان مباشرة ما يسهل على الأهالي الانتقال منها إلى لبنان والعودة إليها، علما بأن سليمان كان قد أوضح في جلسة الحكومة أول من أمس أن وزير الداخلية يجري اتصالاته مع الإدارات الرسمية والأطراف السياسية لتأمين طريق لخروج المواطنين اللبنانيين من الطفيل إلى مواقع آمنة داخل لبنان.

ورغم أن الطفيل تشارك في الانتخابات النيابية وصناديق الاقتراع تصل إليها كل أربع سنوات عبر طوافة تابعة للجيش اللبناني، كالمسؤولين اللبنانيين الذين يزورونها، عن طريق سوريا، في الموسم الانتخابي، قال مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط» إن ما يحول دون تمركز الجيش اللبناني أو أي قوى لبنانية هو أن منطقة الطفيل تقع في الأراضي السورية. وقال مختار الطفيل السابق رمضان دقو لـ«الشرق الأوسط» إن أهالي المنطقة لطالما ناشدوا الدولة اللبنانية بإرسال الجيش إلى منطقتهم، لكن دون جدوى، وأوضح أن الطريق التي اتفق على إعادة فتحها في اليومين المقبلين هي التي تصل البلدة بلبنان عبر منطقة بريتال البقاعية التي سبق أن أقفلها الجيش اللبناني بحجة تسلل المقاتلين إلى لبنان وعاد حزب الله وأقام حاجزا له مانعا كذلك المرور عبرها. وفي هذا الإطار، قال الباحث والأستاذ الجامعي عصام خليفة لـ«الشرق الأوسط» إن الطفيل التي تظهر بشكل واضح في خريطة لبنان على شكل «إصبع»، تقع في قضاء بعلبك، في البقاع، وتابعة إداريا أيضا للبنان، وأوضح أنه في عام 1920 ووفقا للقرار 318 الموقع من الجنرال غورو في عهد الانتداب الفرنسي ضمت الطفيل إلى لبنان، ثم عادت سوريا ووضعت يدها عليها، بحجة أن أراضيها هي ملك لأحد الشخصيات السورية من آل العابد، قبل أن يعاد ضمها إلى لبنان في عام 1925. واعتبر خليفة أن عدم تعبيد طريق تصل بين الطفيل ولبنان هو إهمال من الدولة اللبنانية، وليس أكثر. ويوم أمس، عاد أهالي الطفيل وأطلقوا صرخة استغاثة مناشدين الدولة اللبنانية مساعدتهم، وعقد لهذا الهدف اتحاد الجمعيات الإغاثية والتنموية في لبنان ولجنة أهالي البلدة مؤتمرا صحافيا. وقال الناطق الإعلامي باسمهم، كريم أحمد، إن أكثر من عشرة آلاف لاجئ سوري نزحوا إلى الطفيل بسبب المعارك الطاحنة في القلمون السوري بعد الهجوم على بلدات عسال الورد وحوش عرب والجبة وسهل رنكوس في سوريا.