قلق في ليبيا عقب اختطاف دبلوماسي تونسي بعد يومين من حادثة السفير الأردني

سفارات أجنبية «تبحث موقفها» من سحب بعثاتها أو إرسال وحدات حماية خاصة

ليبيان يتفقدان مبنى كان تابعا للقوات الحكومية قبل تفجيره من قبل جهة مجهولة في بنغازي أمس (رويترز)
TT

تحدثت مصادر في ليبيا عن أن لديها معلومات عن اعتزام عدد من البعثات الدبلوماسية والسفارات العربية والأجنبية المعتمدة في العاصمة الليبية طرابلس إغلاق أبواب مقراتها وتخفيض عدد أعضائها كإجراء احترازي، وذلك عقب قيام مجهولين أمس باختطاف المستشار الأول للسفير التونسي بطرابلس، في ثاني حادث من نوعه خلال أسبوع واحد بعد خطف السفير الأردني فواز العيطان على أيدي مسلحين ملثمين.

وأعلن الناطق الرسمي باسم الخارجية الليبية أنه لم يتضح بعد من يقف وراء خطف الدبلوماسي التونسي الذي يدعى العروسي بنطاطي، فيما قال مصدر دبلوماسي في وزارة الخارجية التونسية «لا يمكننا تأكيد خطفه؛ لكننا لم نتمكن من الاتصال به». ولا يزال مصير موظف في السفارة التونسية بطرابلس اختطفه مجهولون الشهر الماضي مجهولا حتى الآن، ولم ترد أي أنباء عن وضعه أو هوية خاطفيه.

ووقع حادث الخطف الجديد ليزيد من وطأة المشكلات الأمنية التي تعاني منها العاصمة طرابلس، وسط قلق عجز رسمي كامل عن حماية البعثات الأجنبية والعربية التي يفكر بعضها، كما قال مسؤول ليبي رفيع المستوى لـ«الشرق الأوسط»، في إغلاق مقراتها بشكل مؤقت تحسبا لاختطاف أعضائها.

وقال بيان رسمي للحكومة المؤقتة التي يترأسها عبد الله الثني، عقب اجتماع عقدته أمس إنها ناقشت الوضع الأمني في البلاد بصورة عامة، وأوصت باتخاذ إجراءات عملية وسريعة لحماية السفراء وأعضاء البعثات الدبلوماسية المعتمدة بليبيا. وأوضح البيان، أن الحكومة التي أدانت عملية اختطاف السفير الأردني بطرابلس، جددت التأكيد على أن الجهات المختصة بالحكومة كافة تقوم بواجباتها لتحرير السفير وضمان سلامته.

وأعلن الثني لدى لقائه أمس مع دنستي تيبوه، القائم بالأعمال الكندي في ليبيا، أن هناك إجراءات أمنية يجري اتخاذها لحماية البعثات الدبلوماسية في ليبيا؛ لكنه لم يكشف النقاب عنها.

من جهته، اتهم إبراهيم الدباشي، مندوب ليبيا لدى الأمم المتحدة، أعضاء بالمؤتمر الوطني العام (البرلمان) بمعرفة الجهات التي خطفت السفير الأردني، وإنهم «متعاطفون معها، إذا لم يكونوا أعضاء فيها». ودعا في تصريحات لقناة محلية هؤلاء الأعضاء إلى مواجهة الحقيقة والكشف عن هؤلاء من أجل وطنهم.

ونقل محمد عماري عضو المؤتمر الوطني عن سفراء كل من الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وإيطاليا، وألمانيا، والاتحاد الأوروبي، وممثل عن بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، التقاهم أخيرا، قلق دولهم تجاه الوضع الراهن في ليبيا، مشيرا إلى أن سفراء الاتحاد الأوروبي وبريطانيا وإيطاليا أعلنوا أنهم بصدد تعيين مبعوثين سياسيين، لأنهم حريصون جدا على إنجاح العملية السياسية الناشئة في ليبيا.

وكان وزير الخارجية وشؤون المغتربين الأردني ناصر جودة قد تلقى اتصالا هاتفيا من نظيره الليبي محمد عبد العزيز جرى خلاله بحث آخر تطورات حادثة اختطاف السفير الأردني والجهود المبذولة للإفراج عنه. ولفتت وكالة الأنباء الليبية الرسمية إلى أن عملية خطف العيطان أثارت قلقا واسعا في الشارع الليبي، وفي الأوساط السياسية والثقافية الليبية، كونه ليس الحادث الأول من نوعه، ولمدلولاته الخطرة، كونه وقع بوسط العاصمة طرابلس في ساعة الذروة، وتمكن مرتكبوه من الفرار والتواري بسرعة عن الأنظار، مما يعطي صورة سيئة في الخارج لسمعة ليبيا ولثورتها، وأهلها، وثوارها، ومؤسساتها العسكرية والأمنية.

وقالت الوكالة الرسمية، إن عملية الخطف كشفت مجددا خطورة الانفلات الأمني الذي تشهده البلاد وضعف مؤسسات الدولة الرسمية وأجهزتها الأمنية بعد نحو ثلاث سنوات من الإطاحة بنظام حكم العقيد الراحل معمر القذافي، في حين يؤشر عرض الخاطفين «إن ثبت» بمبادلته بسجين ليبي لدى الأردن على أن البلاد أصبحت رهينة لأهواء جماعات مسلحة تنشط في المشهد الليبي سواء تحت عباءة الدين أو بسبب انتماءات قبلية وجهوية ومناطقية وعرقية.

ونقلت الوكالة الرسمية عن مراقبين أن مثل هذه العمليات إن لم تجعل الدول والمنظمات تفكر في سحب بعثاتها ودبلوماسييها من ليبيا، فقد تدفع بعض الدول لمطالبة السلطات الليبية بإرسال وحدات خاصة لحماية دبلوماسييها ومقراتها في طرابلس ما يفتح الباب أمام احتمالات التدخل العسكري في ليبيا على خلفية البند السابع الذي لا يزال ساريا على ليبيا.

في غضون ذلك، قال عمر الشكماك وزير النفط والغاز المكلف في ليبيا، إن بإمكان قطاع النفط الليبي الوصول إلى الإنتاج المستهدف وهو 1.4 مليون برميل يوميا إذا توقفت الإضرابات التي تعطل العمل في الحقول ومرافئ النفط. ونقلت وكالة رويترز عن الشكماك قوله إن «قطاع النفط يستطيع أن يحقق المستهدف (وهو) في المتوسط 1.4 مليون برميل يوميا في ضوء الظروف العادية للعمليات. وهذا يعني عندما لا توجد إضرابات تعطل العمليات في الحقول والموانئ من معتصمين خارج القطاع النفطي».

وبدأت ناقلة تحميل النفط الخام في ميناء مرسى الحريقة بشرق ليبيا، وذلك للمرة الأولى منذ يوليو (تموز) الماضي، في أول علامة إيجابية على وضع نهاية لحصار أربعة موانئ من جانب مجموعة مسلحة يقودها إبراهيم الجضران تطالب بالحكم الذاتي لشرق البلاد. ويرى مراقبون أن طرابلس لا تزال تواجه عقبات كثيرة لاستعادة جزء كبير من إنتاجها النفطي، وما زالت قوات الجضران تحاصر أكبر مرفأين في ليبيا (السدرة ورأس لانوف) لحين التفاوض على تقسيم إيرادات البلاد من النفط.