تعديل الدستور وحكومة موسعة أهم خطوتين أمام الرئيس الجديد

توقع أن تكون الفترة المقبلة بمثابة مرحلة سياسية انتقالية

TT

توقع محللون متابعون للشأن السياسي الجزائري مواجهة أي مرشح يفوز بانتخابات الرئاسة التي جرت أمس، تحديين رئيسين خلال الفترة القصيرة المقبلة، أولهما تشكيل حكومة ذات تمثيل سياسي واسع، وثانيهما تعديل الدستور خلال فترة لا تتعدى نهاية العام الحالي. كما تقاطعت رؤى محللين كثيرين على أن الفترة المقبلة قد تكون بمثابة مرحلة سياسية انتقالية.

وذكر سياسي معارض لـ«الشرق الأوسط»، أنه من المرجح أن تتسم المرحلة التي تعقب انتخابات 17 أبريل (نيسان)، «بهدوء اجتماعي»، لكنها قد تعرف حراكا سياسيا قويا جدا، إذ ستلتقي جميع الأطياف السياسية، سواء تلك التي شاركت في الاقتراع الرئاسي أو قاطعته، من أجل «فرض مرحلة انتقالية». وكان سفيان جيلالي زعيم حزب «جيل جديد»، أحد أركان القوى السياسية التي قاطعت الاقتراع، قال إن «مجموعة الستة» قررت عقد ندوة وطنية في مايو (أيار) المقبل من أجل تنسيق جهودها للمرحلة المقبلة وإعداد مشروع دستور توافقي جديد.

ورأى المصدر نفسه، أن الرئيس بوتفليقة في حال فوزه «سيكون في موقف ضعف، مما يدفعه على الأرجح لقبول أن تكون رئاسته الرابعة للبلاد بمثابة مرحلة انتقالية» تشهد إقرار دستور توافقي. ولفت السياسي المعارض إلى أن عبد العزيز بلخادم، وزير الدولة المستشار الخاص للرئيس المترشح، كان صرح في مناسبة ما خلال الحملة الانتخابية بأن فترة رابعة محتملة لبوتفليقة يمكنها أن تكون مرحلة انتقالية. ورفض سياسيون آخرون مثل أحمد أويحيى رئيس ديوان الرئيس المترشح ولويزة حنون المرشحة الرئاسية الحالية، فكرة المرحلة الانتقالية. ويعزو محللون الوضع غير المريح الذي قد يجد بوتفليقة نفسه فيه في حال فوزه، إلى الحراك الواسع الذي برز خلال الأشهر الأخيرة رافضا ترشحه واتساع رقعة أحزاب المعارضة التي انخرطت مؤيدة لمنافسيه أو الأخرى التي اختارت مقاطعة الاقتراع من أصله، مقابل تضاؤل القوى السياسية المؤيدة للرئيس وانحصارها في حزبي السلطة التقليديين (جبهة التحرير والتجمع الوطني الديمقراطي) وأحزاب أخرى تعد في الحقيقة صغيرة.

لكن محللين آخرين وقفوا عند الموقف الغامض الذي اتخذه أقدم حزب معارض في البلاد، هو حزب جبهة القوى الاشتراكية، رافضا اتخاذ موقف محدد تجاه الانتخابات الأخيرة سواء بالمشاركة أو المقاطعة، «ومثله لا يحق له السكوت»، على حد تعبير المصدر نفسه. وتساءل هؤلاء المحللون عن احتمال وجود «اتصالات سرية» بين محيط بوتفليقة وقيادة جبهة القوى الاشتراكية، قد تمهد للحزب المعارض بالانخراط في حكومة مستقبلية لبوتفليقة إذ فاز بالاقتراع.

ويرى سياسيون ومحللون أن لجوء كل الأحزاب الإسلامية أو غالبيتها لخندق المعارضة جرد بوتفليقة من دعم شريحة واسعة في المجتمع ظل يرتكز عليها جزئيا منذ وصوله للحكم عام 1999. ويتوقع كثيرون أن يستمر بوتفليقة في حال إعادة انتخابه، معتمدا على تحالف حزبي جبهة التحرير والتجمع الوطني الديمقراطي إضافة إلى حزب تجمع أمل الجزائر (تاج) بزعامة الوزير عمار غول والحركة الشعبية الجزائرية بزعامة الوزير عمارة بن يونس.

ويعتقد أن أول مشروع سيسعى بوتفليقة في حال إعادة انتخابه لإنجازه يتمثل في تعديل الدستور خلال العام الحالي، وهو مشروع كان يريد تحقيقه العام الماضي إلا أنه تأخر لأسباب لم تعلن رسميا، بينما ربط محللون ذلك التأخر بمرض الرئيس. ويحوز الرئيس بوتفليقة حاليا في مكتبه مشروعا تفصيليا لتعديل الدستور، أعده خبراء في القانون بعد فترة مشاورات أجرتها لجنة شكلها الرئيس مع الكثير من الفعاليات السياسية في عام 2012. ويعتقد على نطاق واسع أن تعديل الدستور المرتقب قد يتضمن أساسا العودة إلى تحديد الفترات الرئاسية باثنتين على الأكثر، مثلما كانت قبل إلغائها بتغيير دستوري جزئي أجراه بوتفليقة نفسه، عبر البرلمان وليس الاستفتاء الشعبي أواخر 2008 مما سمح بالترشح لفترة ثالثة في استحقاق 2009.

وتتضارب المعلومات حول ضم المشروع المطروح أمام الرئيس، فكرة استحداث منصب نائب للرئيس، وهي فكرة برزت بقوة إثر إصابة الرئيس بالجلطة الدماغية في عام 2013 مما حال دون ظهوره علانية أو حديثه أمام الملأ. لكن المسؤولين الموجودين في محيط بوتفليقة، يحرصون دوما على الحديث عن «تعديل دستوري واسع يتماشى مع التغيرات التي طالت المجتمع الجزائري» بما يسمح لتسليم مشعل المسؤوليات إلى جيل ما بعد الاستقلال. وقال مسؤول في جبهة التحرير الوطني، حزب السلطة الرئيس الذي يرأسه بوتفليقة شرفيا، إن «الرئيس في حال إعادة انتخابه سيغير من دون قيود لأنه ليس له ما يخسره مستقبلا». وإذا جرى تعديل الدستوري فإنه سيجري حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة.

وفي مخطط المرشح الرئيس الثاني، بن فليس، هناك أيضا حديث عن سعي لتعديل الدستور خلال العام الحالي، وتضمين هذا التعديل العودة لتحديد الفترات الرئاسية باثنتين.