شاشة الناقد

«جو» يمسك برأس الأفعى

نيكولاس كايج وتاي شيريدان في «جو»
TT

إخراج: ديفيد غوردن غرين أدوار أولى: نيكولاس كايج، تاي شيريدان، روني جين بلفينز.

تقييم الناقد: (4*) الثعبان الذي يمسكه نيكولاس كايج من رأسه ليس مطاطياً على غرار الثعابين الكثيرة هذه الأيام، بل هو ثعبان حقيقي ولديه عضّة سامّة على الرغم من صغر حجمه. كايج في هذا الفيلم أصر على أن يمثّل والثعبان الحقيقي في مشهد ينتمي إلى فيلم يصطاد فيه المخرج الموهوب ديفيد غوردن غرين كل ما هو طبيعي. مرّة أخرى، من بعد فيلمه السابق «الأمير أفالانشي»، يقصد غرين تقديم حكاية تنقل شخصيات غير مألوفة على الشاشة. هناك شخصيتا عاملي إشارات طرق جبلية (يخطّان باللون الأصفر الشارات الفاصلة بين يمين الطريق وشماله)، وهنا شخصية مسؤول عن قطع الأشجار التي تهددها الآفة.

طبعاً الفيلم هو أكثر من ذلك: يتعامل «جو» مع رجل يكتنز في داخله غضباً قديماً يحاول السيطرة عليه إلى أن تجبره الظروف لإطلاقه. نتعرف عليه مديراً لمجموعة من العمال السود في عمل غريب: هناك في بعض المناطق الحرشية البعيدة يقوم هؤلاء بتسميم الشجر لكي يتسنى للشركة التي استأجرت هؤلاء العمال قطعها وإعادة زرع أشجار مثمرة. طريقة ذلك أن يهوى العامل على الجذع ليفتح فيه خندقا ثم يرشها بمادة سامة. بعد حين ستموت الشجرة وستتمكن المؤسسة من الحصول على الأرض وإعادة تأهيلها على النحو الذي يتيح استثمارها على نحو أفضل. على ذلك، هذا العمل وتلك المنطقة ليسا سوى سياج لما تدور الحكاية حوله. فتى (أبيض) في الخامسة عشرة من عمره اسمه غاري (تاي شريدان) يتقدم من جو ويطلب عملا. يكتشف جو وضع الشاب المعيشي الصعب، فهو يعيش في الريف داخل بيت تنتشر فيه القمامة ويسكن فيه غاري مع شقيقته التي توقفت عن الكلام ووالده ذي النزعة القاسية والشريرة الذي لا يترك زجاجة الكحول بعيدا عن متناول يده (بل يقتل من أجلها كما نرى لاحقا). جو يمنح الصبي وأباه عملاً. يتفوّق الأول ويعبّر الثاني عن غاياته الشريرة وحقده. من ناحية أخرى، ها هو جو يحاول ضبط الأمور قبل أن تفلت من بين يديه. قبل سنوات كان دخل السجن لاعتدائه على رجل شرطة. الآن هناك شرير اسمه ويلي (روني بلفينز) يبحث عنه لينتقم منه تبعاً لحادثة سابقة. جو يحاول ردع خطر المواجهة لكنه لن يستطيع.

نيكولاس كايج ممثل جيّد حين يقرر. عندما يجد الفرصة المناسبة لتقديم شخصية تختلف عن تلك البلاستيكية والكوميكية التي يقدّمها في أفلام الأكشن السريعة. وهنا يقدّم في الحقيقة أحد أفضل أداءاته في كل تاريخ مهنته. كذلك هو أفضل فيلم أنجزه المخرج غرين في حقبته القريبة. رغبته في التعامل مع شخصيات من خارج المدينة ومن خارج المألوف تلتقي ورغبته تقديم أفلام صعب تصنيفها، فهي ليست هوليوودية وليست من النوع المستقل والذاتي.