والد شاب بريطاني قتل في سوريا: حاولت إقناعه بالعمل في الإغاثة

الدغيس قال لـ «الشرق الأوسط» إنه اختفى دون أن يودع والدته

عبد الله الدغيس أصغر البريطانيين الذين قتلوا في سوريا - صورتان وزعتهما الشرطة الدولية (الإنتربول)، أمس، للمراهقتين النمساويتين سامرا كيزونوفيتش (16 سنة)، وسابينا سيلموفيتش (15 سنة)، بعد مغادرتهما فيينا إلى تركيا ويعتقد أنهما توجهتا للقتال في سوريا (إ.ب.أ)
TT

قال والد البريطاني عبد الله أبو بكر عامر الدغيس، من مدينة برايتون الساحلية، إن نجله عبد الله البالغ من العمر 18 سنة لقي حتفه في معركة بسوريا. وقال الدغيس في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن عبد الله ذهب إلى سوريا من دون علمه أو علم والدته، مشيرا إلى أنه عندما علم بسفر ابنه إلى تركيا، سافر إلى مدينة هاتاي التركية لإقناع نجله عبد الله الطالب الجامعي في برايتون بعدم الدخول إلى سوريا للانضمام إلى المسلحين، والعمل في المجال الإغاثي أو رعاية وإمداد العون للاجئين.

وقال إن نجله اختفى من منزلهم في برايتون نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي، من دون أن يودع والدته التي أبلغها عبر «فيس بوك» لاحقا بقوله: «إن الله يحب الصابرين»، و«إنما يوفّى الصابرون أجرهم بغير حساب»، مستشهدا بعدد من الآيات القرآنية، ويطلب منها العفو والمغفرة والدعاء له ولأخويه. وقال لأمه أيضا: «الصبر من أعظم خصال الخير التي حثّ الله عليها في كتابه العظيم، وأمر بها رسوله الكريم - صلى الله عليه وسلم - في سنته المطهرة». وأوضح أنه «لم يكن عبد الله يتحدث كثيرا، فعندما يكبر الأبناء فإنهم لا يتحدثون كثيرا مع الآباء عن حياتهم الخاصة، لقد علمت فجأة أنه أخذ جواز سفره وسافر إلى تركيا في يناير الماضي، وحاولت أن أقنعه بعدم اللحاق بالكتائب العاملة هناك ضد النظام، والعمل في المجال الإغاثي، ولكنه القدر».

وقال أبو بكر: «على حد علمي، ذهب عبد الله إلى سوريا من دون موافقتي أو موافقة والدته للقتال في سوريا ضد نظام الأسد. وقتل في معركة، على حد علمي»، وأضاف أن أحد أشقاء عبد الله (عامر) أصيب أيضا، في حين لم يصب شقيق ثان.

وكشف الدغيس لـ«الشرق الأوسط» أن نجليه الآخرين عامر، 20 سنة، وجعفر، 16 سنة، ما زالا يعملان داخل سوريا، من دون أن يكشف عن أي الكتائب أو القوات التي انضما إليها، أو إن كانا يعملان في المجال الإغاثي. وأكد الدغيس أن نجله ليس إرهابيا، وهناك العشرات من الأبرياء يموتون في النزاع المسلح في سوريا من دون ذنب، وأوضح أبو بكر أن نجله هو الحفيد الأول الذي يلحق بجده عمر الدغيس المحامي الشهير، والناشط الحقوقي مؤسس النقابات العمالية في عهد الملك السنوسي الراحل في ليبيا، الذي قتله العقيد الليبي الراحل القذافي عام 1980. وأضاف: «تغمد الله الحفيد والجد برحمته الواسعة». وعمر الدغيس بحسب نجله أبو بكر هو مؤسس الاتحاد المهني للنقابات العمالية والحرفية، والذي ضم 25 نقابة، انتسب إليها في ذلك الوقت أكثر من 54 ألف عضو عامل. كما كان له دور رئيس في توحيد «الحركة العمالية الليبية» عام 1960، تحت مظلة «اتحاد عمال ليبيا».

من جهتها، قالت شرطة مقاطعة سسكس البريطانية إنها تلقت يوم الاثنين الماضي معلومات تفيد بأن عبد الله الدغيس، من مدينة برايتون، قتل خلال الأسابيع الأخيرة، بينما قالت متحدثة باسم وزارة الخارجية البريطانية إن الوزارة كانت على علم بالتقارير التي تشير إلى مقتل مواطن بريطاني في سوريا وأنها كانت تفحص تلك التقارير.

وأردف أبو بكر: «لم أحثه على الذهاب مطلقا، وذهب إلى هناك بمحض إرادته. أنا حزين لفراق عبد الله، ولكن في الوقت نفسه أشعر ببعض الراحة لأنه ضحى بنفسه من أجل قضية عادلة، هناك أيضا عشرات الآلاف من إخواننا السوريين الذين قتلوا من دون ذنب، آمل أن يرقد في سلام، فعبد الله وأخواه ليسوا إرهابيين».

وعبد الله هو نجل شقيق عمر الدغيس، الذي احتجزته الولايات المتحدة في معتقل غوانتانامو بين عامي 2002 و2007 بعد القبض عليه في باكستان.

وتحدث عمر من مدينة طرابلس الليبية قائلا إنه لا يعرف كثيرا عن ملابسات وفاة ابن أخيه، وأضاف: «لقد فر من منزله، ولم نكن نعرف في البداية».

وكانت «الشرق الأوسط» التقت عمر الدغيس البريطاني العائد من غوانتانامو عم عبد الله الذي قتل في سوريا، حيث تحدث عن أن سنوات سجنه الست في معسكري «أوسكار» و«الخامس» بغوانتانامو كانت في سبيل الله، ولا يضمر اليوم في نفسه أي شيء ضد سجانيه، ويعد تلك الأيام نوعا من الابتلاء. وروى في لقاء أجرته معه «الشرق الأوسط» في لندن ظروف فقده البصر من عينه اليمنى في المعتقل، وقال إن ثلاثة من حراسه الأميركيين جاءوا إلى لندن للاعتذار إليه، بعد أن خرجوا من الخدمة، عن ممارساتهم بحق المساجين، حسب قوله، وأوضح أن اثنين منهم دخلا الإسلام، وأضاف: «أعلنا توبة صادقة نصوحا لا رجعة فيها». ويعتقد أن نحو 400 بريطاني ذهبوا إلى سوريا خلال العامين الماضيين، وقتل منهم نحو 20 شخصا. وفي الأشهر القليلة الماضية، أعرب المحققون في جرائم مكافحة الإرهاب عن مخاوفهم من سفر جهاديين بريطانيين إلى سوريا لتعلم كيفية صنع القنابل والتعامل مع البنادق.

وفي فبراير (شباط) الماضي، لقي عبد الواحد مجيد، من مدينة كرولي، حتفه عندما اقتحم سجن حلب المركزي بشاحنة محملة بالمتفجرات. وسافر مجيد، وهو أب لثلاثة أطفال، إلى سوريا في يوليو (تموز) الماضي كسائق لقافلة مساعدات تحمل الإمدادات إلى مخيمات اللاجئين على طول الحدود مع تركيا. وأمضى مجيد ستة أشهر في المنطقة، وكان يرسل لأسرته رسائل تظهر كيف كان يزاول عمله في بناء المخيمات وتحسين الظروف الصحية في تلك الخيام.

وجرى اعتقال أكثر من 30 شخصا خلال العام الجاري، حيث تصعّد الشرطة من حملتها الرامية إلى منع سفر مواطنين بريطانيين للقتال في سوريا.

وفي سياق متصل، وزعت الشرطة الدولية (الإنتربول) صور مراهقتين نمساويتين؛ سامرا كيزونوفيتش (16 عاما)، وسابينا سيلموفيتش (15 عاما)، على بعد من منزلهما في العاصمة النمساوية فيينا في العاشر من الشهر الحالي. وتبحث الشرطة الدولية عن المراهقتين اللتين يُعتقد أنهما وقعتا ضحية لعملية تجنيد من أجل الذهاب إلى القتال في سوريا بجانب مسلحين إسلاميين. وحسب صحيفة الـ«ديلي ميل» البريطانية فإنّ سامرا وسابينا هما من عائلات اللاجئين القادمين من البوسنة، والذين استقرّوا في النمسا عقب الحرب الإثنية التي نشبت في البوسنة في التسعينات، وولدتا على أرض النمسا. وظهرت صور الفتاتين على المواقع الإلكترونية وهما ترتديان زيا إسلاميا عبارة عن نقاب يغطي وجهيهما.