اقتصاديون يحثون السعوديين على توجيه جزء من قروضهم الاستهلاكية لشراء الأصول

أكدوا أن ذلك سيحميهم من مخاطر الديون المرتفعة خصوصا في ظل ارتفاع الطلب على القروض الشخصية

تعد القروض الاستهلاكية في السعودية الأعلى في المنطقة بعد الإمارات، خصوصا بعد تراجع أسعار الفائدة إلى 1.5 في المائة في الفترة الأخيرة (تصوير: خالد الخميس)
TT

أكد خبراء اقتصاديون أن نسبة الإقبال على القروض الشخصية سجلت ارتفاعا ملحوظا منذ بداية العام الحالي، بسبب خفض أسعار الفائدة التي تقدمها البنوك للمقترضين، حيث وصلت إلى 1.4 في المائة. وطالب الخبراء المستهلكين بضرورة توجيه السيولة إلى أصول استثمارية لحمايتهم من الديون التي تتراكم نتيجة ضعف التخطيط المالي والتوظيف السليم لتلك السيولة.

وقال فضل البوعينين، الخبير الاقتصادي، لـ«الشرق الأوسط»، إن سعر الفائدة سجل انخفاضا كبيرا في الآونة الأخيرة، مما أسهم في زيادة الإقبال على القروض الاستهلاكية، إلى جانب تشجيع القطاع المصرفي على الاقتراض من خلال تقديم نسب تعد الأقل على مستوى البنوك، حيث بلغت أدنى المستويات خاصة في القروض قصيرة المدة. ودعا المواطنين إلى الاستفادة من توظيف السيولة في الأصول مثل شراء السيارات أو الاستثمار في شراء عقار أو توظيفها في القنوات الاستثمارية الأخرى التي تحقق عوائد جيدة بدلا من تحويلها إلى سيولة استهلاكية ترفع معدل الدين، إلى جانب أن الكثير من المقترضين ربما يضطرون إلى العودة مجددا إلى ما يعرف بإعادة التمويل (قرض تكميلي) وهذا يرفع نسبة الفائدة عليه ويجعله مرتبطا بقائمة من الديون لمدة أطول.

وأضاف البوعينين أن سعر الفائدة سيظل في مسار الانخفاض حتى نهاية العام الحالي، إلا أنه من المتوقع أن يشهد ارتفاعا حسب المؤشرات الاقتصادية وأرقام النمو في الولايات المتحدة الأميركية التي تشير إلى أن هناك تحسنا سيطرأ على الاقتصاد مما ينعكس على ارتفاع سعر الفائدة. ومعلوم أن الريال السعودي مرتبط بالدولار، وبالتالي فإن أي تغير في سعر الفائدة سوف يؤثر على نسب الفائدة في السعودية.

من جهته، قال بارع عجاج، مدير إدارة الأصول بشركة «أنفال كابيتال»، إن خفض سعر الفائدة منح البنوك حرية المنافسة في عرض نسب متفاوتة على عمليات إقراض الأفراد، حيث كانت هي الشريحة الأكبر لدى المصارف، وذلك بسبب حاجة الأفراد إلى السيولة الاستهلاكية، إلا أن هذه السيولة يجب أن يتم توظيفها بشكل مدروس وأن يتم أخذها وفقا لحاجة اقتصادية مدروسة، فعلى سبيل المثال الحصول على سيولة للمساعدة في شراء أرض أو وحدة عقارية أفضل من إنفاقها في السلع الاستهلاكية التي تؤدي إلى نفاد السيولة واستمرار الدين، بعكس توظيفها في الأصول التي تعود بالنفع على ملاكها بعد فترة، وبذلك تتم الاستفادة القصوى من هامش الإقراض المنخفض الذي يصب في مصلحة العملاء، مشيرا إلى أن التوسع في إقراض أصحاب المشاريع أفضل من التوسع في التمويل الشخصي باعتبار أن الأول سوف يحقق فائدة كبيرة في خلق فرص وظائف مرادفة وكذلك المساهمة في الاقتصاد العام.

وبحسب تقارير رسمية فإن السعودية تحتل المرتبة الثانية من حيث ارتفاع حجم القروض الشخصية في منطقة الخليج بعد الإمارات التي تحتل المرتبة الأولى، وسط مطالب بإقامة برامج توعية اجتماعية للتخفيف من ظاهرة إنفاق السيولة في المنتجات الاستهلاكية التي يمكن لأرباب الأسر توفيرها عن طريق الدخل الثابت دون الحاجة إلى الاقتراض الذي يسبب لهم متاعب نتيجة الديون.

وكانت مؤسسة النقد السعودي «ساما» قد اتخذت العديد من التدابير للحد من التوسع في منح القروض الشخصية من قبل البنوك غير المدروس، مما قد يؤدي بدوره إلى الإضرار بالمواطنين والمقيمين ويثقل كاهلهم ويحمّلهم أعباء مالية غير مبررة. وجاء من بين تلك التدابير التي اتخذتها «ساما» إصدار ضوابط للتمويل الاستهلاكي في عام 2006، والتي حددت الممارسات ذات الصلة بالتمويل الاستهلاكي والاتفاقيات المتعلقة بها، بحيث لا تكون اتفاقية التمويل الاستهلاكي أو اتفاقية الضمان غير عادلة إذا كان الغرض منها أو يترتب عليها إجحاف بالنسبة إلى المصالح الاقتصادية للمقترض، أو غير ذلك في المضمون أو الشكل، إذ يتطلب الأمر ألا تتجاوز المدفوعات الشهرية الإجمالية للمقترض مقابل إجمالي قروضه 33 في المائة من الراتب الشهري، بما في ذلك استحقاق بطاقات الائتمان، في حين أن نسبة الاستقطاع من الراتب في بعض دول مجلس التعاون الخليجي تتجاوز 50 في المائة. كما أن الضوابط لا تسمح بأن يتجاوز الحد الأقصى لمدة استحقاق أي تمويل استهلاكي خمس سنوات.