الأمم المتحدة تحذر من كارثة إنسانية في«اليرموك».. والحصار يتسع إلى الحجر الأسود

أنباء عن وفاة 30 شخصا .. والسكان يزرعون الحشائش على الأسطح

TT

جددت الأمم المتحدة تحذيراتها من كارثة إنسانية في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين، الواقع جنوب العاصمة السورية دمشق، مع تعذر إيصال المواد الغذائية إليه منذ عشرة أيام، في حين تحدثت تقارير عن 30 حالة وفاة جوعا داخل المخيم في الآونة الأخيرة.

وأعلن ناشطون سوريون أمس ارتفاع أعداد المدنيين الذين قضوا جوعا في مخيم اليرموك إلى مائة شخص، منذ إطباق الحصار عليه قبل عام، بموازاة تحذير الأمم المتحدة من كارثة إنسانية. وقالت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) التابعة للأمم المتحدة إن أكثر من 20 ألف مدني يواجهون خطرا محدقا بالموت جوعا، وذلك بعد انهيار اتفاق هش بين أطراف النزاع السوري على السماح بإدخال الطعام. ومنذ عشرة أيام، لم تدخل أي إمدادات من الطعام إلى المخيم الذي تفرض عليه القوات الحكومية حصارا. نقلت صحيفة «الإندبندنت» البريطانية عن كريس غونيس، المسؤول بالوكالة، قوله إنه «حتى قبل هذا، كانت هناك تقارير عن حالات وفاة من الجوع، وأمهات يطعمن أبناءهن حشائش وتوابل التقطت من الطريق». وأضاف غونيس أن «الوضع في (اليرموك) كان بائسا بالفعل. والآن أصبح أكثر من بائس».

وقال ناشطو المعارضة إن الحصار «لا يقتصر على (اليرموك)»، إذ يطال المناطق المحيطة به، وأهمها منطقة الحجر الأسود المحاذية، مشيرين إلى أن المحاصرين جنوب دمشق «يقارب عددهم خمسين ألف مدني». وأفاد عضو تنسيقيات الثورة بريف دمشق إسماعيل الداراني لـ«الشرق الأوسط» بأن آخر الإمدادات الغذائية التي وصلت إلى المخيم «كانت منذ أكثر من عشرة أيام، وأشرف على إدخالها الهلال الأحمر السوري»، مشيرا إلى أن الكميات التي أدخلت «كانت ضئيلة». وأوضح أن المحاصرين في الداخل الذين يزيد عددهم على 20 ألف مدني «أدخلت إليهم كميات من الطعام لا تكفي ألف شخص»، وكانت تحت إشراف الأمم المتحدة، في حين يتهم النظام مجموعات مسلحة أبرزها «جبهة النصرة» بخرق الهدنة والدخول إلى المخيم مرة أخرى بعد اتفاق بين الحكومة والمعارضين، قضى بإدخال المواد الإغاثية مقابل التزام المعارضين بتسليم الأسلحة الثقيلة وعدم إظهار أسلحتهم الفردية. وأوضح الداراني أن المشكلة في «اليرموك»، «تتمثل في افتقاده إلى أراض زراعية، مما يضاعف من حجم الحاجة للغذاء»، قائلا إن السكان المحاصرين «عمدوا إلى زراعة أسطح الأبنية بالحشائش مثل الفجل والأعشاب، للتخفيف من مشكلة الجوع المستشرية في الداخل». وقال إن الحواجز العسكرية المحيطة بـ«اليرموك»، وأبرزها حاجز البوابة الواقع بين الميدان والمخيم، «تمنع إدخال المواد الغذائية بالكامل»، بينما تدخل مواد تموينية لتباع بالسوق السوداء في الداخل بأسعار خيالية، وذلك بكميات ضئيلة جدا وبتقنين كبير، واصفا دخولها بأنه «عمليات تهريب».

وإلى جانب مخيم اليرموك، تحاصر قوات النظام منطقة الحجر الأسود أيضا الواقعة جنوب دمشق، لكن سكان هذه المنطقة، «لا يستطيعون الخروج من مواقعهم»، نظرا إلى «غياب المرجعية العسكرية في الداخل وتنوع المجموعات المعارضة فيها»، كما تقول مصادر معارضة لـ«الشرق الأوسط». وأشارت تلك المصادر إلى أن تنوع السكان في المنطقة بين تركمان ونازحين من القنيطرة إضافة إلى السوريين والفلسطينيين، «أسس لمشهد عسكري معارض غير منظم، لا يتبع الجيش السوري الحر ولا التنظيمات ذات النفوذ الواسع، وانعكس حتى على المبادرات الآيلة للوصول إلى هدنة، أو إخراج المدنيين الراغبين في ذلك». وكانت السلطات السورية توصلت إلى اتفاقات هدنة في جنوب دمشق، أبرزها في المعضمية واليرموك، تقضي بتسوية أوضاع المعارضين بعد تسليم الأسلحة الثقيلة، وإخراج المدنيين المحاصرين وإدخال المواد الغذائية، بينما وقعت التسوية في اليرموك في فبراير (شباط) الماضي برعاية الأمم المتحدة. وبينما يعيش سكان جنوب دمشق تحت الحصار، أعلنت دمشق أن قواتها وزعت مساعدات إغاثية في بلدات القلمون بريف دمشق الشمالي الذي استعادت السيطرة عليه الأسبوع الماضي. وذكرت وكالة «سانا» الرسمية للأنباء أن القوات الحكومية «أمنت ما يلزم من احتياجات للمواطنين حيث قدم الجيش العربي السوري آلاف السلل من المواد الغذائية والأساسية لمئات الأسر في هذه البلدات».

وفي سياق متصل، ذكرت «سانا»، أمس، أن قوافل محملة بالمواد الغذائية والإنسانية «وصلت إلى مدينة حلب بعد أن أعادت وحدات من الجيش والقوات المسلحة تأمين الطريق الدولي». وقال محافظ حلب محمد وحيد عقاد إن «نحو 200 شاحنة محملة بالمواد الغذائية والخضار والفواكه والمساعدات الإنسانية إضافة إلى حافلات نقل ركاب بدأت بالوصول منذ صباح اليوم (أمس) بعد تأمين الطريق وتسهيل وصولها بعدما أعادوا فتح طريق حلب - خناصر وقضوا على المجموعات الإرهابية المسلحة التي قامت بقطع الطريق».