الأسد يزور معلولا في ظهور نادر بعد أسبوع من استعادة السيطرة عليها

المعارضة تعد جولته رسالة للغرب ولا تعكس الواقع الميداني

TT

زار الرئيس السوري بشار الأسد، بمناسبة عيد الفصح، أمس، بلدة معلولا المسيحية، التي استعادت القوات النظامية السيطرة عليها قبل نحو أسبوع، متوعدا مقاتلي المعارضة بأنه «لا يمكن لأحد أن يمحو حضارتنا»، وهو ما رأت فيه المعارضة السورية «رسالة للغرب بأن نظامه حام للأقليات»، مؤكدة أنها «لا تعني انعكاس موازين القوى لمصلحة النظام».

وأكدت وسائل الإعلام الرسمية السورية زيارة الأسد إلى مواقع مسيحية دينية في معلولا، بعد أقل من أسبوع على سيطرة القوات الحكومية عليها، مشيرة إلى أنه في عيد الفصح «ومن قلب معلولا، الرئيس الأسد يتمنى فصحا مباركا لجميع السوريين وعودة السلام والأمن والمحبة إلى ربوع سوريا كافة».

وتمثل زيارة الأسد للبلدة، أمس، ظهورا نادرا له خارج العاصمة، وتأتي بعدما عبر مسؤولون وحلفاء لسوريا في لبنان وغيره عن ثقة متزايدة في بقاء الرئيس السوري في منصبه.

وقالت الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا) إن «الأسد تفقد دير مار سركيس لليونانيين الأرثوذكس والذي يرجع عهده للقرن الرابع الميلادي، واطلع على آثار الخراب والتدمير الذي لحق بالدير على يد الإرهابيين»، في إشارة إلى مقاتلي المعارضة، مشيرة إلى أن الأسد تفقد أيضا دير مار تقلا.

وأظهرت صور بثتها الوكالة السورية في موقعها على الإنترنت الأسد وهو يلوح بيده ويتفقد قطعا أثرية ويجوب المنطقة برفقة رجال دين مسيحيين. كما نشرت على صفحة الرئاسة السورية في موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» صورة للأسد إلى جانب رجل دين مسيحي يحمل بين يديه أيقونة للسيد المسيح والعذراء مريم أصيبت بأضرار.

وفي تعليق مقتضب له أثناء الزيارة، قال الأسد: «لا يمكن لأحد مهما بلغ إرهابه أن يمحو تاريخنا الإنساني والحضاري»، مشددا على أن البلدة المسيحية التي استعادت قواته السيطرة عليها الاثنين الماضي، مدعومة بمقاتلي حزب الله اللبناني، «ستبقى مع غيرها من المعالم الإنسانية والحضارية السورية صامدة في وجه همجية وظلامية كل من يستهدف الوطن».

ورأت المعارضة السورية أن هذه الزيارة «سياسية بما يتخطى الاحتفال بإنجازات ميدانية». وأوضح عضو الائتلاف والمجلس الوطني السوري سمير النشار، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن الأسد «حاول إرسال رسالة للغرب بأنه يدافع عن الأقليات بسوريا، كما محاولة لتطمين الطوائف السورية بأن بقاءه يحميهم، وأن الصراع محصور مع الجماعات المتشددة»، لافتا إلى أن هذه الرسالة التي تأتي على أعتاب الانتخابات الرئاسية السورية «غير واقعية لأن النظام الذي يدعي العلمانية، يستعين بميليشيات طائفية للحفاظ على بقائه».

ورأى النشار أن الزيارة تتضمن رسالة عسكرية إلى الداخل السوري، إذ «يحاول أن يرفع من معنويات قواته التي تقاتل، بأن محيط دمشق بات آمنا»، نظرا لأنه «يتحرك في محيط العاصمة التي كانت حتى الأمس القريب بأكملها خاضعة لسيطرة المعارضة». وقال: «زياراته الميدانية في دمشق ومحيطها، يريد بها التأكيد أن هناك تقدما عسكريا فعليا على الأرض»، على قاعدة أن «الواقع الميداني ينسجم مع خطابه بأن الصراع يشهد تحولا لمصلحته». ولفت إلى أن هذه الإيحاءات لا تعكس الواقع، كون موازين القوى الآن ليست لمصلحة النظام بتاتا.

وتعد هذه الزيارة من التحركات النادرة للأسد، ففي أغسطس (آب) الماضي، زار داريا بريف دمشق، كما كان تفقد في عام 2012 حي بابا عمرو الذي كان معقلا لمقاتلي المعارضة في مدينة حمص (وسط) بعد سقوطه في أيدي القوات النظامية.

في غضون ذلك، اقتصرت احتفالات الطوائف المسيحية في سوريا بعيد الفصح على إقامة الصلوات والقداديس في الكاتدرائيات والكنائس وأماكن العبادة دون معايدات، نظرا لمخاطر أمنية مترتبة على الاحتفالات في الخارج، و«إكراما للشهداء الأبرار»، كما ذكرت وكالة «سانا» الرسمية السورية.

وكانت الأحياء المسيحية في مدينة دمشق، خلال هذا الشهر، عرضة لقذائف المورتر التي أطلقها مقاتلو المعارضة بالتزامن مع تصعيد عسكري تشهده أحياء ريف دمشق القريبة من العاصمة السورية، في محاولة للقوات النظامية استعادة السيطرة عليها.