مواجهات عنيفة في الأقصى.. وتراشق بين الأمم المتحدة وإسرائيل

الشرطة الإسرائيلية حاصرت المسجد واعتقلت مصلين تصدوا لنائب رئيس الكنيست

TT

زادت الأعياد المسيحية واليهودية من حدة التوتر في القدس على مدى الأسبوع الحالي، ووصلت ذروتها، أمس، باشتباكات عنيفة داخل ساحات المسجد الأقصى وفي محيطه بين فلسطينيين وقوات الشرطة الإسرائيلية، إثر حصار مرابطين في المسجد الأقصى، والسماح لمتطرفين يهود باقتحامه.

وخلفت المواجهات الأعنف منذ أشهر عددا من الإصابات في صفوف الفلسطينيين، وإصابتين في صفوف الشرطة الإسرائيلية التي اعتقلت نحو 16 فلسطينيا من داخل الأقصى.

وبدأ التوتر باكرا في محيط المسجد بعد أن منعت الشرطة الإسرائيلية من هم دون 50 سنة من دخوله. واشتبك شبان مع الشرطة، التي تحاصر المسجد من الخارج، قبل أن تتفجر الاشتباكات الأعنف عند اقتحام مجموعة من المستوطنين لساحات المسجد، يتقدمهم عضو الكنيست، ونائب رئيسه المتطرف موشيه فيغلين.

وقال عمر الكسواني، مدير المسجد الأقصى، إن «120 متطرفا إسرائيليا اقتحموا المسجد الأقصى المبارك، عبر باب المغاربة، تحت حماية الشرطة الإسرائيلية التي هاجمت المرابطين داخل المسجد بشكل عنيف».

من جانبه، قال متحدث باسم الشرطة الإسرائيلية إن ضباط الشرطة استخدموا قنابل الصوت لتفريق العشرات من المحتجين الذين رشقوا الشرطة بالحجارة والألعاب النارية. وأضاف أن ضابطين أصيبا إصابات طفيفة وعولجا في الموقع خلال الاشتباك الذي لم يستمر طويلا.

وعادة يستغل المتطرفون اليهود الأعياد الدينية اليهودية من أجل اقتحام الأقصى للمطالبة بالسماح لهم بالصلاة في المكان.

وفي غضون ذلك، تبادلت إسرائيل والأمم المتحدة الاتهامات بشأن منع روبرت سيري، مبعوث الأمم المتحدة للسلام في الشرق الأوسط، ودبلوماسيين آخرين وفلسطينيين، من عبور حاجز لحضور طقوس أقيمت أول من أمس بمناسبة «سبت النور» في كنيسة القيامة داخل أسوار البلدة القديمة في القدس.

وقال سيري في بيان إن ضباط أمن إسرائيليين منعوا مجموعة مصلين فلسطينيين ودبلوماسيين كانوا في موكب قرب الكنيسة «زاعمين أن لديهم أوامر بهذا الشأن». وأضاف: «كان من المقرر أن نزور برفقة مسؤولين في السلك الدبلوماسي كنيسة القيامة، بدعوة من المسيحيين الفلسطينيين في القدس. وانطلقنا عبر باب الجديد لكنيسة القيامة، ولكن العملية توقفت في رابع نقطة تفتيش قبل الدخول إلى بهو الكنيسة».

وأوضح سيري أنه انتظر مع دبلوماسيين من إيطاليا والنرويج وهولندا نصف ساعة وسط زحام شديد عند حاجز إسرائيلي بينما تجاهل الضباط طلبه للتحدث مع مسؤولين أكبر. ودعا سيري الأطراف كافة إلى احترام حقوق الحرية الدينية وضمان الوصول إلى الأماكن المقدسة للمصلين من كل العبادات، والإحجام عن الاستفزازات على الأقل أثناء المناسبات الدينية. ووصف سلوك سلطات الأمن الإسرائيلية بأنه «غير مقبول».

وردت إسرائيل بوصفها بيان سيري بأنه «محاولة لتضخيم حادث صغير للغاية». ونفى إيغال بالمور المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية اتهامات سيري، وقال إنه «يعاني من مشكلة خطيرة في تقدير الأمور».

لكنه اعترف بأن الشرطة اتخذت خطوات للحد من الحشد المكتظ في الكنيسة والشوارع الضيقة المحيطة بها، مضيفا: «إنه حادث صغير باستثناء الدفع والتدافع».

وأصدرت الخارجية الإسرائيلية بيانا قالت فيه إن بيان سيري «مستغرب». وأضاف: «لو كان أي أذى لحق بالمصلين بسبب عدم السيطرة على تحركات الحشود لكان السيد سيري سارع إلى إلقاء المسؤولية على نفس الشرطة التي يدينها لعدم أداء مهمتها بشكل سليم».

وجاء اقتحام الأقصى، أمس، رغم أن دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس التابعة للمملكة الأردنية، صاحبة الوصاية على المقدسات في القدس، طلبت من قيادة شرطة الاحتلال عدم فتح باب المغاربة أمام نائب رئيس الكنيست فيغلين والمستوطنين الآخرين، تحسبا من تداعيات ذلك على المسجد والمدينة.

وكان فيغلين أعلن مطلع الأسبوع نيته اقتحام الأقصى أمس، متعهدا «بتكرار ذلك مرة في كل شهر عبري».

وقال عزام الخطيب مدير عام أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى، إن «فيغلين يستفز مشاعر المسلمين ويجب إيقافه».

وكتب فيغلين على موقعه على «فيسبوك» عقب انتهاء الاقتحام، إن «الجبل (الأقصى) كان اليوم تحت احتلال حماس والحركة الإسلامية. الشرطة سمحت لنا بالدخول عبر ممر ضيق بطول أمتار قليلة، لمدة ثلاث دقائق، لم تكن حازمة مع المخربين، ورغبة منا بالتعاون مع الشرطة الواقعة بين فكي كماشة، وافقنا على الدخول بهذه الشروط، لكني أعلن أن هذه المرة هي الأخيرة، ومن الآن فصاعدا لن أقبل بهذا الخضوع».

ويدعو فيغلين إلى السماح لليهود بالصلاة في المكان على غرار ما يحدث في المسجد الإبراهيمي في الخليل.

لكن عضو الكنيست الإسرائيلي أحمد الطيبي رد بقوله إن ذلك «مرفوض كليا». وأضاف أثناء زيارة الأقصى أمس: «الأقصى للمسلمين وحدهم ولن يصلي أحد آخر في المكان».

واتهم الطيبي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بإعطاء ضوء أخضر للمتطرفين لاقتحام الأقصى.

واستنكر الاعتداءات على ممتلكات الأقصى بتحطيم النوافذ لتسهيل إلقاء القنابل والرصاص على المرابطين المحاصرين في المسجد القبلي. وشدد على ضرورة تكثيف وجود المسلمين في الأقصى، باعتباره واجبا دينيا ووطنيا.

من جهته، حذر عضو اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير الفلسطينية أحمد قريع (أبو علاء) من تجاهل المجتمع الدولي للجرائم الإسرائيلية بحق المسجد الأقصى وتصاعد الانتهاكات في مدينة القدس، داعيا إلى «ضرورة تكثيف الوجود وشد الرحال للمسجد الأقصى المبارك والصلاة فيه والمرابطة في ساحاته لصد أي اعتداء همجي من قبل قطعان المستوطنين ومنع المتطرف فيغلين وأعوانه من الاستمرار في تدنيس المسجد الأقصى المبارك وإحباط مخططات الاحتلال الإسرائيلي الهادفة إلى تهويد وتقسيم المسجد الأقصى المبارك».