القضاء الكويتي يعطل صحيفتين لخرقهما «حظر النشر» في قضية قيد البحث

نواب هددوا بمساءلة رئيس الحكومة.. وجمعية الصحافيين تعد القرار إساءة للحريات

TT

أصدر القضاء الكويتي أمس قرارا بتعطيل صحيفتي «الوطن» و«عالم اليوم» المحليتين لمدة أسبوعين، بسبب تناولهما لقضية كان النائب العام أصدر قرارا بمنع النشر فيها، تتعلق بتسجيلات صوتية منسوبة لأشخاص زعموا وجود محاولة لزعزعة الاستقرار في البلاد.

وسبق للنائب العام ضرار العسعوسي أن فرض بموجب صلاحياته قبل أسبوعين حظرا على وسائل الإعلام الكويتية لنشر أي أخبار أو بيانات تتعلق بالتحقيقات التي تباشرها النيابة العامة بشأن ما تردد عن نشر تغريدات ببرامج التواصل الاجتماعي بشبكة الإنترنت عن وجود شريط تسجيل يحتوي على معلومات وبيانات تدين بعض الأشخاص بالتآمر لقلب نظام الحكم في البلاد والطعن في حقوق وسلطات أمير البلاد، كما تتضمن هذه التغريدات نشر «بيانات وشائعات كاذبة ومغرضة للإضرار بالمصالح القومية للبلاد» كما جاء في بيان رسمي له. وأرجع العسعوسي قراره إلى أن تداول الحديث بكافة وسائل الإعلام المقروءة والمرئية والمسموعة وببرامج التواصل الاجتماعي بشبكة الإنترنت حول موضوع البلاغ، يضر بالمصلحة الوطنية ومجرى التحقيق. ومن جانبه، أكد رئيس تحرير صحيفة «الوطن» الكويتية الشيخ خليفة العلي الصباح بعد استلامه قرار الإيقاف أن صحيفته «ستحتجب اختياريا عن الصدور الورقي»، وسيبدأ اعتبارا من اليوم إجراءات قانونية ضد القرار، مشيرا إلى أن لديهم تحفظات قانونية، على القرار وعلى آليات إبلاغنا به. وقال «قناعتنا بوجود فهم خاطئ للقانون أدى إلى هذا القرار»، وأكد أن الصحيفة ستواصل الصدور الإلكتروني يوميا. وبين الشيخ خليفة أن صحيفته لم تتعرض إلى التحقيقات الحالية في النيابة العامة لا من قريب ولا من بعيد، ولم نتحدث عن إجراءات النيابة.

ونقلت وكالة «رويترز» عن الشيخ خليفة قوله «نحن نحترم القانون ونحترم قرار النائب العام، وصحيفة (الوطن) لم تتحدث عن الشريط أكثر من أي صحيفة أخرى، ويؤسفنا أن خصومنا يتداولون هذا القرار منذ الثلاثاء أو الأربعاء الماضي». ولم توجه لهم أي تهم. وأضاف «لم نخالف القانون بشأن قضية الشريط أو نشر جلسات مجلس الأمة المتعلقة به، ولا نرى أننا ارتكبنا أي خطأ حتى يتم معاقبتنا».

في غضون ذلك، أعلنت جمعية الصحافيين الكويتية في بيان لها أمس، أنها تتابع بقلق بالغ ما ورد من أخبار حول قرار إيقاف صحيفتي «الوطن» و«عالم اليوم» لمدة أسبوعين، بحجة عدم الالتزام بقرار النائب العام حول قضية ما يسمى بـ«الشريط»، وعدت «إصدار أي قرار ضد أي صحيفة أو مؤسسة إعلامية دون الاستناد إلى حكم قضائي نهائي قد يسيء للحريات وإلى سمعة الكويت».

وفي هذا السياق هدد أكثر من نائب في البرلمان الكويتي بمساءلة رئيس الحكومة بسبب قرار تعطيل الصحيفتين. وبين النائب عبد الكريم الكندري أنه سيقدم مع زميليه حسين القويعان ورياض العدساني استجوابا لرئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر المبارك الأسبوع الحالي لضمان إدراجه في الجلسة المقبلة للبرلمان والمقررة يوم 29 أبريل (نيسان) الحالي.

يذكر أن رئيس الحكومة الكويتية الشيخ جابر المبارك أطلع نواب مجلس الأمة (البرلمان) على تسجيلات تسلمها تناولت نفس القضية خلال جلسة طلب عقدها بشكل سري لمناقشة موضوع تسجيلات مزاعم مؤامرة زعزعة استقرار الكويت (معرفة شعبيا باسم قضية الشريط).

وقال المبارك للنواب خلال طلبه عقد الجلسة بشكل سري «كثر اللغط على موضوع الشريط وواجبي أن أطلع النواب على ما حدث بشأن الشريط»، كما أعلن خلال الجلسة السرية تقديمه للنيابة العامة مقاطع التسجيلات الصوتية المشتبه باحتوائها ما يحمل مزاعم لمؤامرة تستهدف زعزعة الاستقرار في الكويت وإحداث تغييرات في نظام الحكم طالبا ضمها إلى ملف البلاغ المقدم بخصوصها.

وتعود خلفيات الموضوع إلى نهاية العام الماضي عندما تقدم رئيس مجلس الأمة السابق جاسم الخرافي ببلاغ إلى النائب العام ضد حسابات على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» اتهمها بنشر «مزاعم» نسبتها إليه وإلى رئيس الوزراء السابق الشيخ ناصر المحمد، وادعت وجود شريط صوتي لدى رئيس جهاز الأمن الوطني الأسبق الشيخ أحمد الفهد الصباح يتحدث عن وجود مؤامرة تهدف إلى زعزعة الاستقرار في البلاد وإحداث تغييرات في نظام الحكم، وأن هذه الحسابات على «تويتر» أشارت إلى أن الشيخ الفهد سيتقدم بهذا الشريط إلى أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد.

واستند بلاغ الخرافي إلى مقتطفات تم نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، تحمل إساءة بالغة ليست للنيل منه فحسب، بل طويت داخلها سموم تحاول القضاء على البلد بأسره، وأن الشكوى ليست مجرد بلاغ عابر ضد شخص معين، فحسب بل لوصد باب الفتنة التي يحاول البعض فتحه على مصراعيه لإدخال البلاد في احتدام بين النظام الحاكم، والشرفاء المخلصين لهذا الوطن، وإحداث الفتنة بينهم. ومن جهته، مثل الشيخ أحمد الفهد أمام النيابة العامة للتحقيق قبل أسبوعين كشاهد في البلاغ المقدم من رئيس مجلس الأمة السابق جاسم الخرافي. وذكر الفهد عقب خروجه من النيابة «مثلت كشاهد في قضية مرفوعة تتعلق بموضوع تسجيل صوتي وبعض المغردين، وأكدت أنه ليس هناك تسجيل صوتي، ولكن ما وصل لي هو مقاطع تعنى بالشؤون المحلية والبرلمانية والأسرية والمالية، والإقليمية، وتم التعامل معها حسب مسؤولياتي وواجباتي الوطنية» مبينا أنه أطلع كل من الأمير ورئيس الوزراء الشيخ جابر المبارك على محتواها. وسبق للديوان الأميري الكويتي أن طالب المواطنين عدم الخوض في موضوع التسجيلات الصوتية المنسوبة لبعض الأشخاص باعتباره أمرا منظورا أمام النيابة العامة احتراما لمبدأ استقلال القضاء وفصل السلطات.