الأمير عبد العزيز بن عبد الله: معرض الحج في باريس رسالة سلام ومحبة للعالم أجمع

نائب وزير الخارجية السعودي قال لـ «الشرق الأوسط» إنه تظاهرة ثقافية ومعرفية تجسد رؤى خادم الحرمين الشريفين لتهيئة بيئة ملائمة للتواصل بين الثقافات

صورة للحرم المكي بعدسة الفنان السعودي أحمد ماطر ستعرض في معرض «الحج» في معهد العالم العربي بباريس.. وفي الإطار الأمير عبد العزيز بن عبد الله
TT

أعرب الأمير عبد العزيز بن عبد الله بن عبد العزيز نائب وزير الخارجية رئيس مجلس إدارة مكتبة الملك عبد العزيز العامة عن سعادته باستضافة العاصمة الفرنسية باريس لفعاليات معرض الحج الذي تنظمه مكتبة الملك عبد العزيز العامة بالتعاون مع معهد العالم العربي في باريس ابتداء من 22 أبريل (نيسان) الجاري ويستمر ثلاثة أشهر.

وأعرب الأمير عبد العزيز بن عبد الله في حوار مع «الشرق الأوسط» عن تقديره للرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند لرعايته حفل افتتاح معرض الحج في إطار علاقات الصداقة الوطيدة بين المملكة العربية السعودية وفرنسا، ودعم فرنسا لمبادرات خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز للحوار بين أتباع الأديان والثقافات والتي يمثل المعرض إحدى آلياتها سعيا للتعايش السلمي بين كافة الدول والشعوب.

وأكد الأمير عبد العزيز بن عبد الله توجه مكتبة الملك عبد العزيز العامة لإقامة معرض الحج في عدد من العواصم العالمية خلال السنوات المقبلة، بهدف التعريف بالحج كركن من أركان الإسلام وأكبر تجمع سنوي للسلام والمحبة والتعايش بين ملايين المسلمين على اختلاف جنسياتهم وأعراقهم ولغاتهم.

وفيما يلي نص الحوار.

* بداية، لماذا معرض الحج وما الرسالة التي تسعى المملكة العربية السعودية لإيصالها للعالم من خلال هذا المعرض؟

- يهدف معرض الحج إلى الإجابة على كافة التساؤلات التي قد تتبادر إلى الأذهان حول هذا التجمع السنوي الكبير لملايين المسلمين من جميع أنحاء العالم والذين يفدون إلى بلادنا المباركة لأداء فريضة الحج في مشهد لا مثيل له، والتعريف بالقيم الإيمانية والإنسانية المرتبطة بهذه الفريضة والتي يتجرد في أدائها المسلم من كل مشاعر الأنانية والكراهية والبغضاء لتتأصل في نفسه معاني الإنسانية الحقة. والرسالة التي يحملها المعرض أنه يمكن للبشر على اختلاف جنسياتهم ولغاتهم وأعراقهم وتباين ثقافاتهم أن يتعايشوا فيما بينهم لما فيه الخير وأن الحج، باعتباره ركنا من أركان الإسلام هو تجمع إيماني سنوي للإسلام والمحبة والمساواة والتسامح والتقرب إلى الله سبحانه وتعالى.

* إلى أي مدى تتفق أهداف معرض الحج مع مبادرات خادم الحرمين الشريفين للحوار بين أتباع الأديان والثقافات؟ وهل يمثل المعرض إحدى آليات تفعيل هذه المبادرات؟

- معرض الحج تظاهرة ثقافية ومعرفية تجسد في أهدافها رؤى خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لتهيئة بيئة ملائمة للتواصل بين الثقافة العربية الإسلامية والثقافات الأخرى وتوفير المناخ للالتقاء حول القواسم المشتركة على أسس من المعرفة الموضوعية بالخصائص والسمات التي تميز كل ثقافة عن الأخرى والتي يشكل الدين والعبادات إحدى ركائزها.

ومن هذا المنطلق، يمكن القول إن أهداف المعرض تعبر في بعض جوانبها عن رؤى القيادة السعودية بشأن الحوار بين أتباع الأديان والثقافات وآلية من آليات تفعيل مبادرات خادم الحرمين الشريفين للحوار العالمي والداعي للانفتاح على الآخر وإيجاد أرضية مشتركة للتعاون والتعايش السلمي بين الدول والشعوب.

* استضافت لندن المحطة الأولى للمعرض قبل عامين وهذا العام يقام بالعاصمة الفرنسية باريس فما دلالة ذلك؟

- نحن نتطلع من خلال معرض الحج إلى الوصول برسالته إلى المسلمين وغير المسلمين في جميع أنحاء العالم على اختلاف لغاتهم وثقافاتهم والبلدان التي ينتمون إليها. ومن هذا المنطلق كان إقامة المعرض في محطته الأولى بالعاصمة البريطانية لندن، ثم محطته الثانية في باريس وهذا يسهل الوصول لأعداد كبيرة من الناطقين باللغتين الإنجليزية والفرنسية، فضلا عن حالة النشاط الثقافي والمعرفي لهذه العواصم الكبرى التي يعيش فيها أعداد كبيرة من الجاليات الأجنبية بما فيها الجاليات الإسلامية. ونطمح من خلال إقامة المعرض في باريس إلى التأكيد على عالمية معرض الحج، ليس فقط لدوره في التعريف بالحج والقيم الإيمانية المرتبطة به، بل وباعتباره احتفاء بالتراث العالمي المرتبط بتطور الحج على مدى أكثر من أربعة آلاف عام.

ولا يفوتنا في هذه المناسبة أن نعرب عن شكرنا للرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند على ترحيب بلاده باستضافة معرض الحج في محطته الثانية بباريس وتشريفه لحفل افتتاح المعرض تأكيدا لعلاقات الصداقة السعودية - الفرنسية وتأييد فرنسا لمبادرات خادم الحرمين الشريفين للحوار بين أتباع الأديان والثقافات، كما نشكر لمعهد العالم لعربي في باريس جهوده في تنظيم المعرض في إطار اتفاقية التعاون مع مكتبة الملك عبد العزيز العامة.

لدينا توجه ثابت أن الرسالة التي يسعى معرض الحج لإيصالها تتطلب إقامته في أكثر من عاصمة عالمية، بالتنسيق مع عدد من المؤسسات العلمية والثقافية والأكاديمية والمتاحف الدولية بما يتناسب مع عالمية رحلة الحج، وكذلك عالمية القيم الإنسانية والإيمانية التي ترتبط بها وفي مقدمتها السلام بمفهومه الإنساني العظيم.

* عالمية الحج، إلى أي مدى تتجلى في فعاليات المعرض؟ وهل ثمة مشاركات لدول أخرى في هذه الفعاليات؟

- مبادرة المملكة ممثلة في مشاركة مكتبة الملك عبد العزيز العامة لتنظيم معرض الحج تأتي في إطار مسؤوليتها التي شرفها بها المولى عز وجل لخدمة الحرمين الشريفين ورعاية حجاج بيت الله الحرام، وحرصها على تقديم القيم الإنسانية والإيمانية لهذه الفريضة التي تهفو لأدائها أفئدة ما يزيد عن مليار وستمائة مليون مسلم يعيشون في جميع دول العالم، ولا يعني هذا احتكار المملكة لفعاليات المعرض بدليل أن المقتنيات التراثية في معرض الحج في باريس تزيد عن 230 قطعة متحفية منها 53 قطعة تقريبا من المملكة مقابل 177 قطعة من مقتنيات متاحف عالمية ودولية، والتي بادرت هذه المتاحف بتقديمها انطلاقا من قناعة بأهمية المعرض وعالميته المرتبطة بعالمية الحج وتراثه الإنساني.

كما يحتوي المعرض على عدد كبير من اللوحات والمراجع والمخطوطات والدراسات والصور الفوتوغرافية لمبدعين وكتاب ومستشرقين من مختلف الجنسيات استلهموا قيم ودروس الحج وحرصوا على توثيق هذا التجمع الإيماني الكبير.

وأقول بكل ثقة إن المملكة ترحب بكل مشاركة دولية لإثراء فعاليات المعرض بل ترحب أيضا بمشاركات المسلمين الذين أدوا فريضة الحج خلال عقود ماضية ولديهم ما يسهم في دعم رسالة المعرض كنافذة عالمية للتعريف بالحج وتاريخه والقيم الإنسانية المرتبطة به.

* وماذا عن الاستفادة من المعرض في التعريف بالجهود الضخمة التي تبذلها المملكة لخدمة ورعاية الحجيج؟

- مشاركة المملكة في المعرض تهدف إلى إبراز الجوانب الإنسانية لرحلة الحج وعرض ما تحتويه المتاحف السعودية من قطع متخصصة ونادرة توثق تطور الحج والخدمات التي تقدم للحجاج والتعريف بالتطور الكبير في مفهوم خدمة ضيوف الرحمن، ودلائل هذا التطور على أرض الواقع والتي تتمثل في المشاريع الكبرى التي أنجزتها الدولة خلال العقود الماضية لتيسير أداء مناسك الحج لأكبر عدد ممكن من المسلمين ومنها: مشروع توسعة خادم الحرمين الشريفين للمسجد الحرام، ومنشأة الجمرات، وقطار المشاعر المقدسة، وساعة مكة المكرمة، ومشروع سقيا زمزم، وبرامج تأمين سلامة الحجاج أثناء وجودهم بمكة المكرمة والمشاعر المقدسة والمدينة المنورة.

* وهل ثمة تنسيق بين مكتبة الملك عبد العزيز والجهات الحكومية المعنية بالحج في المملكة في تنظيم المعرض؟

- هناك منظومة متكاملة من الجهات الحكومية التي تتعاون من أجل تنظيم المعرض بصورة مشرفة تتناسب وعالمية الحج وعرض أفضل المقتنيات التي تزخر بها المتاحف السعودية والتي تروي تطور الحج على مر العصور، بالإضافة إلى التنسيق مع سفارة خادم الحرمين الشريفين في فرنسا بشأن نقل هذه المقتنيات إلى باريس وتأمينها وإعادتها، فضلا عن التنسيق مع عدد من المتاحف الدولية التي نشكر لها تفاعلها في تقديم مقتنياتها لمعرض الحج بعضها تعرض لأول مرة في معرض الحج بباريس ونحن حريصون أيضا على ألا تقتصر فعاليات المعرض على عرض المقتنيات التراثية، بل أن تتضمن أنشطة تفاعلية من خلال وورش العمل وتنظيم زيارات لطلاب المدارس والجامعات الفرنسية للمعرض، إضافة إلى الاستفادة من تقنيات الاتصالات والمعلومات في زيادة عدد المستفيدين من المعرض عبر إنشاء موقع خاص لمعرض الحج على شبكة الإنترنت الذي يقدم خدماته للزوار بعدد كبير من اللغات.