جولة جديدة من المفاوضات بين الخرطوم والحركة الشعبية اليوم في أديس أبابا

الوفد الحكومي يأمل في استجابة الحركات المسلحة لدعوة البشير للحوار

TT

تبدأ اليوم في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا جولة جديدة من المفاوضات بين الحكومة السودانية ومتمردي الحركة الشعبية – الشمال، في ظل متغيرات سياسية وعسكرية ترتبت على دعوة الرئيس السوداني عمر البشير للحركات المسلحة للمشاركة في الحوار الذي دعا له نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي، وإعلانه عن توفير ضمانات لممثليها، وفي أجواء تصعيد ميداني عسكري لافت على خلفية ما أطلق عليه الجيش الحكومي «عمليات الصيف الحاسم»، والتي حشد لها قوات كبيرة بهدف حسم التمرد خلال صيف هذا العام.

وقال عضو الوفد المفاوض والي جنوب كردفان السابق، عمر سليمان، لـ«الشرق الأوسط»، إن وفده سيغادر إلى أديس أبابا اليوم، بأمل استجابة الحركات المسلحة لدعوة الرئيس للمشاركة في الحوار، لا سيما أن الرئيس وعد بتوفير الضمانات لها، مستلهما تجربة المتمرد الجنوبي وقتها «وليم دينق» في عام 1965، الذي شارك في مؤتمر المائدة المستديرة قادما من التمرد. وأضاف سليمان أن وفده متفائل بالوصول لاتفاق مع متمردي الشمال، كاشفا عن موافقتهم على 28 مقترحا من ورقة الاتحاد الأفريقي بشأن التوصل لتسوية للنزاع بين الحكومة والحركة الشعبية – الشمال، وعن انتظارهم لرد الحركة الشعبية على المقترحات المقدمة في الوثيقة الأفريقية، موضحا أنه حال رد الحركة الشعبية على المقترحات الأفريقية فإن الطرفين سيحصران نقاط الخلاف للتفاوض حولها لتقريب وجهات النظر للوصول إلى نقاط التقاء يمكن أن تشكل أساسا لاتفاق بين الطرفين.

وتخوض القوات الحكومية قتالا ضد متمردي الحركة الشعبية - الشمال في منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان، اللتين منحتهما اتفاقية السلام السودانية «نيفاشا» وضعا خاصا، يقتضي إجراء مشورة شعبية بين سكان المنطقتين.

وائتلفت الحركة الشعبية – الشمال مع حركات دارفور المسلحة (حركة العدل والمساواة، حركة تحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي، حركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد نور)، وكونت تحالف «الجبهة الثورية» في عام 2011. ويخوض التحالف قتالا ضد الجيش الحكومي في ولايات دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان، وأعلن أن عملياتهم الحربية تستهدف إسقاط نظام حكم الرئيس البشير عبر العمل المسلح والانتفاضة الشعبية.

وتطالب الخرطوم بوقف إطلاق نار شامل وبدء تنفيذ الاتفاق الثلاثي المتضمن لإرسال فرق لتقييم احتياجات المدنيين، ودخول المساعدات الإنسانية عبر الأراضي السودانية وتوزيعها بمعرفة الأمم المتحدة، وبالرد على وثيقة الاتحاد الأفريقي التي تشير صراحة لقضايا المنطقتين. فيما تطالب الحركة الشعبية بعقد مؤتمر تحضيري للأحزاب السياسية في أديس أبابا، ووقف عدائيات «إنساني» لتهيئة المناخ، وبعملية دستورية شاملة تضم الأطراف كافة، وعقد اجتماع تمهيدي في أديس أبابا بمشاركة القوى السياسية كافة للاتفاق على القضايا الإجرائية، ومكان انطلاق العملية الدستورية، وإجراءات بناء الثقة والتدابير اللازمة للعملية الدستورية.. وهو الأمر الذي ترفضه الخرطوم، وتصر على حصر التفاوض على قضايا المنطقتين، وتعد فيه مقترحات الحركة الشعبية ورقة جديدة لا علاقة لها بورقة الاتحاد الأفريقي التي تتحدث عن المنطقتين.

وانحاز مقاتلو الحركة الشعبية – الشمال للجنوب أثناء الحرب الأهلية بين شمال وجنوب السودان، وكان من المنتظر تنفيذ بروتوكول المنطقتين الذي نصت عليه اتفاقية السلام السودانية، بيد أن الطرفين تلكآ في تنفيذه قبيل استفتاء جنوب السودان، مما أدى لاندلاع القتال بين الجيش الحكومي ومقاتلي الحركة الشعبية عشية استقلال جنوب السودان، وبدأت الحرب تدور في ما أطلق عليه «الجنوب الجديد».

وقال سليمان إن وفده سيذهب إلى أديس أبابا بعقل وقلب مفتوحين، مشيرا إلى أن وفده وافق على 28 من بنود ورقة الوساطة الأفريقية التي قدمتها للوفدين لدراستها والرد عليها، وتحفظ على ما تبقى فيها من مقترحات، فيما لم تسلم الحركة الشعبية ردها على تلك الورقة بعد.

وتستأنف المفاوضات بين الطرفين عقب تصعيد عسكري كبير بينهما، إثر تصريحات وزير الدفاع السوداني الأسبوع الماضي بأن المرحلة الثانية مما سماه «الصيف الحاسم» للقضاء على التمرد قد بدأت، وإعلان المتحدث باسم الجيش السوداني العقيد الصوارمي خالد سعد عن استعادة قواته لاثنتي عشرة منطقة بشرق جبال النوبة بولاية جنوب كردفان كانت تسيطر عليها قوات الحركة الشعبية، وعما سماه «دك حصون المتمردين وتحقيق انتصارات كبيرة عليهم، وإحداث خسائر كبيرة في أرواحهم ومعداتهم».

وأضاف المتحدث باسم الجيش السوداني في بيان الأسبوع الماضي أن قواته تنفذ المرحلة الثانية من عمليات الصيف الحاسم، مما مكنها من تأمين المنطقة الشرقية من ولاية جنوب كردفان حتى حدود جنوب السودان، وأنها أصبحت منطقة خالية من التمرد.