دمشق تهاجم الأمم المتحدة.. وتعد انتخابات الرئاسة «شأنا سياديا»

عضو في مجلس الشعب يعلن ترشحه للرئاسة.. وتيار قدري جميل ينفي صلته به

سوري يمر بدراجته الهوائية في أحد شوارع بلدة المليحة بريف دمشق، أمس، بينما تظهر واجهات الأبنية مدمرة جراء المعارك بين النظام والمعارضة (رويترز)
TT

رد النظام السوري أمس على المواقف الدولية التي انتقدت خطوته بإعلان فتح باب الترشح لانتخابات الرئاسة في البلاد، محملا «الأمم المتحدة ومبعوثها إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي مسؤولية عرقلة مفاوضات (جنيف2)»، وعدت وزارة الخارجية السورية «قرار إجراء الانتخابات الرئاسية في سوريا قرارا سياديا سوريا بحتا، لا يسمح لأي جهة بالتدخل فيه». تزامن ذلك مع تقديم عضو مجلس الشعب السوري ماهر عبد الحفيظ حجار، وهو شخصية سنية يتحدر من مدينة حلب، أوراق ترشحه لرئاسة الجمهورية.

وأوضحت الخارجية السورية في بيانها أن «فتح باب الترشح للانتخابات الرئاسية في سوريا يرتبط بالدستور السوري ويخضع لإرادة الشعب الذي صوت على هذا الدستور»، وأكدت أن «من رأى في إجراء الانتخابات وفقا للدستور والقوانين المرعية نسفا للجهود الرامية إلى إنجاح مؤتمر جنيف، فإن وزارة الخارجية والمغتربين تعود وتؤكد أن من يتحمل مسؤولية عرقلة (جنيف2) هو الأمم المتحدة ووسيطها الأخضر الإبراهيمي الذي جعل من نفسه طرفا متحيزا لا وسيطا ولا نزيها».

وكان الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، حذر قبل أيام من أن الانتخابات الرئاسية التي أعلنتها سوريا ستعرقل الجهود المبذولة للتوصل إلى حل سياسي للحرب المندلعة في البلاد منذ ثلاث سنوات، إذا أجريت في الثالث من يونيو (حزيران).

وتزامن ذلك مع تقديم عضو مجلس الشعب ماهر عبد الحفيظ حجار أوراق ترشحه لرئاسة الجمهورية. إذ أعلن التلفزيون الرسمي السوري في شريط عاجل أن «أول المرشحين لمنصب رئاسة الجمهورية في سوريا هو ماهر عبد الحفيظ حجار»، مشيرا إلى أنه «من مواليد عام 1968 في حلب». ونقلت وكالة «سانا» عن رئيس مجلس الشعب محمد جهاد اللحام تأكيده أن «المجلس تلقى من المحكمة الدستورية العليا إشعارا بأن السيد ماهر بن عبد الحفيظ حجار، والدته شهدية تولد حلب 1968، قدم للمحكمة طلبا أعلن فيه ترشيح نفسه لمنصب رئاسة الجمهورية العربية السورية مع الوثائق المرفقة به المبينة بالمادة 21 من قانون المحكمة الدستورية العليا».

ويتحدر حجار بأصوله من الطائفة السنية، وهو من مدينة حلب وحاصل على دبلوم دراسات لغوية عليا من كلية الآداب والعلوم الإنسانية من جامعة حلب، وانتسب عام 1984 إلى «الحزب الشيوعي السوري». ويعرف عن الحجار أنه من قوى «الجبهة الشعبية للتغيير والتحرير» عن حزب «الإرادة الشعبية» التابع لنائب رئيس مجلس الوزراء المقال قدري جميل. لكن حزب «الإرادة الشعبية» سارع إلى نفي أي صلة له بعضو مجلس الشعب ماهر حجار. وقال ناطق رسمي باسم الحزب، في بيان نشرته صحيفة «قاسيون»، إن «عضو مجلس الشعب السيد ماهر حجار ليس عضوا بأي هيئة قيادية أو قاعدية في الحزب الذي لم يحضر مؤتمره العام الأخير الذي انعقد في يونيو 2013 رغم دعوته إليه». وأضاف: «من ثم، لم يعد منذ ذلك التاريخ عضوا في حزب (الإرادة الشعبية) أو في (جبهة التغيير والتحرير)، وإن أي نشاط يقوم به العضو المذكور يمثله شخصيا، هو دون من سواه».

ويعد الحزب المذكور جزءا من «ائتلاف قوى التغيير السلمي» المحسوب على النظام والذي يضم أيضا «الجبهة الشعبية للتغيير والتحرير»، و«الحزب السوري القومي الاجتماعي»، و«التيار الثالث من أجل سوريا»، وكذلك «تيار طريق التغيير السلمي»، و«التجمع الماركسي الديمقراطي»، إضافة إلى لجان شعبية سلمية.

وفي هذا السياق، أكد عضو الائتلاف الوطني المعارض سمير نشار لـ«الشرق الأوسط» أن «ترشيح الحجار جاء بتعليمات من الجهات الأمنية السورية بعد فشل الاتصالات السرية التي جرت بين مستشار في القصر الجمهوري وأحد الشخصيات المعارضة للترشح في مواجهة الأسد وإعطاء الانتخابات شرعية قانونية».

وفي حين رفض نشار الكشف عن الشخصية المعارضة التي تواصلت مع النظام، أكد أن «خطوة البدء بإجراءات الانتخابات الرئاسية تدل على أن السلطة لا تريد حلا سياسيا وإنما تسعى إلى مواصلة سياسة القتل والتدمير».

وسارع الائتلاف الوطني المعارض عبر مكتبه الإعلامي إلى اتهام النظام بالزج بأسماء معارضين سوريين كجزء من مبادرة مقدمة إلى وزير المصالحة الوطنية لدى النظام، متهما الأخير بـ«اعتماد حملة تشويش بالترافق مع انتخاباته الرئاسية».

وكانت مواقع إخبارية مؤيدة للنظام أوردت معلومات عن انعقاد مؤتمر في دمشق بعنوان «قاسيون» بحضور معارضين سوريين، من بينهم رئيس «تيار التغيير الوطني» عمار القربي. ويهدف المؤتمر، الذي يرعاه وزير المصالحة الوطنية في الحكومة السورية علي حيدر، إلى إجراء مباحثات بين قيادات في المعارضة والنظام بالتزامن مع إجراء الانتخابات الرئاسية.

لكن رئيس «تيار التغيير الوطني»، عمار القربي، نفى في اتصال مع «الشرق الأوسط» صحة هذه الأنباء، مؤكدا أنه «جرى فبركتها في أقبية النظام السوري لتلميع صورة النظام قبل انتخاباته الرئاسية الهزلية». كما أصدر «تيار التغيير الوطني» بيانا أكد فيه أن «لا علاقة له بأي مبادرة أو برنامج سياسي واجتماعي يجري تحضيره داخل سوريا»، مؤكدا أن «زج اسم أمينه العام الدكتور عمار قربي إلى جانب أسماء معارضين وطنيين آخرين محاولة مكشوفة من جانب النظام لبث الإشاعات والإحباط بين المعارضين».

وشدد التيار على أنه «عندما يحضر لأي برنامج أو يدعم أي مبادرة سيعلن ذلك صراحة في بياناته ونشراته»، لافتا في الوقت نفسه إلى أن «مواقف التيار مواقف واضحة لا تحتاج إلى تفسير وتأويل».