حفل عشاء صحافيي البيت الأبيض صار مهرجانا هوليووديا

فرصة لانتقام الرئيس من الإعلاميين الذين يضايقونه بأسئلتهم

جانب من حفل عشاء البيت الأبيض في العام الماضي
TT

يقيم المراسلون الصحافيون المعتمدون في البيت الأبيض، مساء اليوم (السبت)، عشاءهم السنوي، الذي يحضره، عادة، رئيس الجمهورية. وهو حفل فكاهي أكثر منه رسمي؛ يتندر الصحافيون على الرئيس، ويتندر الرئيس على الصحافيين.

وكان كل جانب يريد الانتقام لتصرفات الجانب الآخر (الرئيس لانتقادات الصحافيين، والصحافيون لتهرب الرئيس، وبقية السياسيين، من إجابات صادقة عن أسئلتهم).

في عام 1920، عقد صحافيون يغطون البيت الأبيض حفل عشاء على شرف الرئيس ويلسون، بعد نهاية الحرب العالمية الأولى، وبعد فوزه بالرئاسة مرة أخرى. كان حفلا عاديا، من دون نكات أو مزاح، أو مضايقات، أو إحراجات. لكن، في حفل سنة 1924، كان الرئيس هو كولدج، الذي اشتهر بقلة الكلام. وتراهن صحافيون إذا كان سيلقي كلمة أو سيتحدث قليلا أو كثيرا، أو لن يتكلم أبدا.

وقف كولدج، وقال: «أقول للذين راهنوا إني لن أتكلم.. انهزمتم».

عبر الأعوام، تطور العشاء. وهبت عليه رياح التغيير والانفتاح. صار الرؤساء يتكلمون، ويتندرون.

وفي عام 1962، سمح الصحافيون لأول صحافيات بحضور العشاء (كان عذرهم أن الخطب فيها عبارات رجالية سفيهة تخدش حياء النساء). لكن تراجع الرجال بعد أن قادت الصحافية الأميركية اللبنانية، هيلين توماس، «ثورة نسائية»، علنا، اشتكت للرئيس جون كيندي. وطلبت منه مقاطعة العشاء إذا منعت منه النساء. وفعلا، قاطع كيندي عشاء ذلك العام.

وتندرت هيلين توماس في احتجاج: «يتمتعون برؤية النادلات الجميلات اللائي يبتسمن لهم. ويمنعونا لأننا نريد أن نتناقش معهم»، وتندر صحافي: «سمحنا لهيلين لأنها سمراء» (يشير هذا إلى اعتقاد بأن الرجال يفضلون البحلقة في الشقراوات).

في وقت لاحق، قادت هيلين توماس «ثورة نسائية» مماثلة لدخول نادي الصحافة الوطني (ربما أهم نادٍ صحافي في العالم) في واشنطن.

اليوم، بعد 50 سنة، صار الصحافيون (والأميركيون) أكثر انفتاحا. وتفوق عدد صحافيات البيت الأبيض (سمراوات، وشقراوات، وسوداوات) على عدد الصحافيين.

وأمس، كتبت روكسان روبرتز، محررة الشؤون الاجتماعية في صحيفة «واشنطن بوست»: «صار ما بدأ تجمعا صغيرا لصحافيي البيت الأبيض، وكانوا كلهم بيضا، ورجالا، مهرجانا لكل الناس، وكل الألوان. لمدة أربعة أيام. صارت فيه حفلات جانبية، وحفلات أزياء، واستعراضات، وتفاخرات، ومنافسات. صارت فيه (فيسبوك) و(تويتر)، وإعلانات شركات، وعلاقات اجتماعية».

وأمس، قال ستيفن توماس، رئيس اتحاد صحافيي البيت الأبيض، إنهم وزعوا قرابة ثلاثة آلاف تذكرة «خلال ثوان قليلة».

مثلما هز العشاء الأميركيين عندما حضرته أول صحافية، هزهم عندما حضرته أول صحافية مثلية؛ إلين ديجينيريز، مقدمة برنامج مقابلات تلفزيونية (حضرت مع حبيبتها). في ذلك الوقت، كان المثليون والمثليات ظاهرة جديدة. وظهرت الصحافية على غلاف مجلة «تايم».

حتى تندرات الرئيس على الصحافيين تطورت، وصارت أكثر انفتاحا. كان الرئيس يلقى نكات كتبها له مستشاروه. وفي عشاء السنة الماضية، جاء الرئيس باراك أوباما ومعه كبار مستشاريه ومساعديه. جاءوا هذه المرة في صورة ممثلين فكاهيين. وقدموا مسرحية صغيرة اسمها «هاوس أوف كاردز» (بيت الورق). أخذوا الاسم من مسلسل تلفزيوني. لكنهم تندروا على البيت الأبيض، ومنهم المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني، والمستشارة فاليري جاريت.

وضاعف البيت الأبيض «حربه الترفيهية» على الصحافيين. وقدم الرئيس أوباما نفسه شريط فيديو صغيرا على طريقة فيلم «ليون كنغ» (الأسد الملك) الكرتوني الذي جرت أحداثه في أفريقيا. وفيه أنه هو «الأسد الملك».

وبصورة أو أخرى، انتقلت هوليوود إلى واشنطن. وصار صحافيون وصحافيات يدعون ممثلين وممثلات.

قبل عامين، دعت صحافية تلفزيون «فوكس»، غريتا ساستيرن، الممثلة ليندسي لوهان. إلا أن، توم بروكو، كبير مذيعي تلفزيون «إن بي سي» المخضرم احتج وقاطع العشاء وأدلى بتصريحات صحافية قال فيها: «ماذا حدث لنا؟ ماذا حدث لعشاء صحافيين مرموقين يغطون البيت الأبيض؟ ماذا حدث لأهم صحافيين في العالم؟ يُحضِرون ممثلة مثيرة من هوليوود؟». لم يذهب بروكو إلى العشاء. ولهذا، لم يشاهد زملاءه الصحافيين وهم يتجمهرون حول الممثلة الشقراء المثيرة. ويتصورون معها، ويطلبون منها التوقيع على بطاقاتهم وأوراقهم.