التعافي الاقتصادي لمنطقة اليورو يفشل في خفض معدل البطالة

بلغت خلال مارس الماضي 18.91 مليون عاطل مقابل 18.93 مليون في فبراير

TT

أظهرت البيانات الاقتصادية الصادرة أول من أمس الجمعة أن التعافي الاقتصادي الضعيف لمنطقة اليورو فشل حتى الآن في إحداث تغيير ملموس في معدلات البطالة التي شهدت تراجعا في عدد العاطلين قليلا خلال مارس (آذار) الماضي.

وذكرت وكالة الإحصاء الأوروبية (يوروستات) أن إجمالي عدد العاطلين في دول اليورو بلغ خلال مارس الماضي 18.91 مليون عاطل، مقابل 18.93 مليون عاطل في فبراير (شباط) الماضي، حيث لم يجد أكثر من 22 ألف عاطل وظيفة.

ونتيجة لذلك، ظل معدل البطالة مستقرا عند مستوى 11.8 في المائة للشهر الرابع على التوالي. ويقل هذا المعدل قليلا عن الحد الأقصى الذي وصل إليه معدل البطالة في منطقة اليورو وهو 12 في المائة من قوة العمل. وقال جوناثان ليونيه، كبير خبراء اقتصاد الاتحاد الأوروبي في مؤسسة «كابيتال إيكونوميكس» للدراسات الاقتصادية «أرقام البطالة في منطقة اليورو لشهر مارس أبقت على صورة سوق العمل التي تشهد تحسنا تدريجيا ولكن بطيئا بصورة مؤلمة في مختلف دول العملة الموحدة».

وجاءت بيانات البطالة في الوقت الذي ظهرت فيه مؤشرات على أن منطقة العملة الأوروبية الموحدة التي تضم 18 دولة من دول اليورو قد بدأت تخرج من أزمتها الاقتصادية الطاحنة. وذكرت مؤسسة «ماركيت» البريطانية للأبحاث الاقتصادية، أول من أمس الجمعة، أنها عدلت قراءة مؤشر مديري مشتريات قطاع التصنيع في منطقة اليورو إلى 53.4 نقطة، وهو ما يؤكد تعافي القطاعات الأساسية لاقتصادات المنطقة. كما يأتي ذلك في الوقت الذي تستعد فيه البرتغال للخروج من برنامج الإنقاذ المالي كما فعلت آيرلندا، لتبقى اليونان وقبرص فقط في دائرة دول اليورو التي تحتاج إلى برامج إنقاذ مالي. كما شهد الأسبوع الحالي ظهور أنباء اقتصادية إيجابية من كل من اليونان وإسبانيا. فقد أعلنت اليونان يوم الأربعاء الماضي أنها ستحقق نتائج أفضل من المستهدف في ميزانية العام الحالي.

وقالت وزارة المالية اليونانية إنها تتوقع تحقيق فائض ميزانية أولي بمعدل 2.3 في المائة من إجمالي الناتج المحلي خلال العام الحالي، في حين كانت التقديرات السابقة تشير إلى 1.5 في المائة من إجمالي الناتج المحلي. وقال كريستوس ستايكوراس، نائب وزير المالية اليوناني، إن الحكومة تتوقع أيضا تحقيق فائض أولي في ميزانية 2018 قدره 5.3 في المائة من إجمالي الناتج المحلي. وأضاف في تصريحات بعد الإعلان عن الأرقام التي تمثل جزءا من خطة مشروع ميزانية الفترة من 2015 إلى 2018 التي تم رفعها إلى البرلمان أن اليونان «دخلت مرحلة الاستقرار بعد عدة سنوات عصيبة بالنسبة للشركات والأسر، وهذا تحقق بعد تضحيات عظيمة». وقال إن «البلاد حافظت على مكانها في أوروبا واستعادت المصداقية الدولية. حققنا وتجاوزنا أهداف برنامجنا». كما أن إسبانيا أعلنت الشهر الماضي تحقيق نمو اقتصادي خلال الربع الأول من العام الماضي بمعدل 0.4 في المائة، وهو أفضل أداء لها منذ ست سنوات.

كما رفعت الحكومة الإسبانية الأربعاء الماضي توقعاتها بشأن نمو الاقتصاد خلال العام الحالي مقارنة بتوقعاتها السابقة. وتتوقع الحكومة نمو الاقتصاد خلال العام الحالي بمعدل 1.2 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، ثم بمعدل 1.8 في المائة العام المقبل. وتأتي هذه التوقعات الجديدة في الوقت الذي سجل فيه الاقتصاد نموا قويا نسبيا خلال الربع الأول من العام.

كانت تقديرات الحكومة بشأن نمو الاقتصاد سابقا 0.7 في المائة خلال العام الحالي، و1.2 في المائة للعام المقبل. وهذه التوقعات جزء من خطة اقتصاد كلي أقرتها الحكومة الإسبانية.

في الوقت نفسه، فإن بيانات البطالة الصادرة اليوم أكدت الفجوة في الأداء الاقتصادي بين دول الشمال في منطقة اليورو دول الجنوب المتعثرة. فقد سجلت اليونان وإسبانيا أعلى معدلات البطالة في المنطقة، حيث بلغ المعدل في اليونان 26.7 في المائة خلال يناير (كانون الثاني) الماضي، وفي إسبانيا 25.3 في المائة في مارس الماضي. وكان أقل معدل بطالة في مارس الماضي بالنسبة لمنطقة اليورو من نصيب النمسا التي سجلت 4.9 في المائة، وألمانيا التي سجلت 5.1 في المائة من قوة العمل. كما جاءت بيانات البطالة الصادرة أمس قبل اجتماع مجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي لمراجعة السياسة النقدية الأسبوع المقبل لتشير التوقعات إلى أن الاجتماع سيناقش إمكانية إطلاق حزمة جديدة من إجراءات تحفيز الاقتصاد وقطع الطريق على خطر الكساد الذي يمكن أن يهدد منطقة العملة الأوروبية الموحدة.

وقال مارتن فان فلايت، المحلل الاقتصادي في «آي إن جي بنك»، إن معدل البطالة المرتفع وبخاصة في جنوب أوروبا يمكن أن يؤدي إلى ضغوط كساد في مختلف أنحاء منطقة اليورو. في الوقت نفسه، بلغ معدل البطالة في منطقة الاتحاد الأوروبي ككل الذي يضم 28 دولة 10.5 في المائة، وهو نفس مستواه في فبراير الماضي.