أنباء عن شمول مفاوضات حمص إطلاق سراح معتقلين إيرانيين وعناصر من حزب الله

اشتباكات عنيفة في حلب.. وقذيفة تقتل أربعة في دمشق بينهم رياضي

صورة وزعت أمس لصبي سوري يمر في شارع تعرض لأضرار جسيمة في زملكا بريف دمشق (رويترز)
TT

دخلت المفاوضات بين نظام الرئيس السوري بشار الأسد ومقاتلي المعارضة لإخلاء الأحياء المحاصرة في مدينة حمص من المقاتلين المعارضين، منعطفا جديدا بعد أنباء أفادت بأن المباحثات بين الطرفين شملت إطلاق سراح معتقلين إيرانيين وعناصر من حزب الله اللبناني تحتجزهم المعارضة. غير أن المعلومات تضاربت حول مكان احتجازهم والجهات التي تعتقلهم.

وكان النظام السوري والمعارضة توصلا إلى إعلان هدنة أول من أمس، عبر وساطة دولية من منظمة الأمم المتحدة، تضمنت وقف العمليات القتالية مدة ثلاثة أيام (اعتبارا من يوم الجمعة) على أن يغادر المقاتليو والمدنيون حمص في اليوم الثالث إلى الريف الشمالي وأن يتبادل الطرفان إطلاق سراح المعتقلين من الجانبين.

وأعرب الائتلاف الوطني السوري المعارض عن اعتقاده إمكانية التزام النظام السوري بالهدنة المبرمة في مدينة حمص مع كتائب المعارضة، كاشفا عن أن لنظام الأسد مصلحة في الالتزام بالهدنة لإطلاق أسرى موجودين لدى «الجبهة الإسلامية» وهم من الإيرانيين.

وقال الائتلاف، على لسان عضو هيئته السياسية محمد خير الوزير، أمس، إن «نظام الأسد والثوار توصلوا لهدنة برعاية (الجبهة الإسلامية) والأمم المتحدة». ولفت، في تصريحات خاصة بموقع «الائتلاف» على شبكة الإنترنت، إن «مدة الهدنة ثلاثة أيام يتخللها وقف إطلاق النار، على أن يخرج المقاتلون والمدنيون من حمص في اليوم الثالث إلى الريف الشمالي بأسلحتهم وعتادهم كاملة، وتتضمن الهدنة أيضا إطلاق المخطوفين من الجانبين». وقال إن «هذا أول اتفاق يمكن إطلاق اسم هدنة بين طرفين عليه وليس عقد إذعان كما حصل في الهدنات الأخرى بباقي المناطق، وخاصة في المعضمية بريف دمشق».

بدوره، قال المتحدث باسم وزارة الدفاع في الحكومة المؤقتة، كنان محمد، لـ«الشرق الأوسط» إن «الصفقة تتضمن إطلاق سراح ضابط إيراني محتجز لدى كتيبة شهداء البياضة في حمص مقابل خروج مقاتلي المعارضة من الأحياء المحاصرة»، من دون أن يستبعد إمكانية أن تتوسع الصفقة لتشمل إطلاق سراح عشرة عناصر من حزب الله محتجزين لدى «الجبهة الإسلامية».

وفي غضون ذلك، نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن أحد المفاوضين عن المعارضة المسلحة ويدعى أبو الحارث قوله: إن «المفاوضات دخلت مرحلة جديدة معني بها لواء التوحيد (إحدى الكتائب المنضوية ضمن «الجبهة الإسلامية»)، إذ يجري التفاوض معه من أجل الإفراج عن ضباط إيرانيين يحتجزهم في حلب»، مقابل السماح «بخروج المقاتلين من حمص سالمين مع ضمانات»، في حين ذكرت شبكة «سوريا مباشر» المعارضة أن اتفاق الهدنة جرى «بحضور روسي وإيراني، ويتضمن إفراج المعارضة عن ضابط روسي تأسره (الجبهة الإسلامية) في ريف اللاذقية منذ العاشر من أبريل (نيسان) الماضي، وإيرانية قبض عليها مقاتلو المعارضة عند معبر باب السلامة في مارس (آذار) الماضي، إضافة إلى عشرين مقاتلا إيرانيا».

من جهته، عد محافظ حمص، طلال البرازي، «المفاوضات لإخراج مقاتلي المعارضة اقتربت من التوصل إلى اتفاق نهائي»، مشيرا إلى أن «البحث يتركز في استكمال بنود الاتفاق الذي يضمن بالنتيجة تسلم المدينة خالية من السلاح والمسلحين».

وقال البرازي إن «المفاوضات التي تجري بين ممثلين عن السلطات السورية ووجهاء من أحياء حمص تتسم بالجدية»، مؤكدا أن «وقف إطلاق النار الذي بدأ تطبيقه الجمعة لا يزال ساريا»، معربا عن أمله «أن يصمد حتى يجري الاتفاق نهائيا». ولفت محافظ حمص إلى وجود «عوائق لوجيستية تتعلق بآلية تنفيذ الاتفاق نظرا لوجود فصائل متعددة داخل الأحياء المحاصرة في المدينة القديمة وفي حي الوعر»، مشيرا إلى أن «80 في المائة من الموجودين داخل هذه الأحياء راغبون في تسليم أنفسهم، لكن (جبهة النصرة) تمنعهم من ذلك». وقدر البرازي عدد «المسلحين في حمص القديمة وحي الوعر بنحو 2800»، مشيرا إلى أن «بعضهم سيغادر إلى الريف ومنهم من يرغب في البقاء بالمدينة بعد تسوية وضعه».

وتحاصر القوات النظامية أحياء حمص القديمة منذ ما يقارب السنتين. وتضم الأحياء نحو 700 مدني و1000 مقاتل، بحسب مصادر معارضة. وقد جرى مطلع العام الحالي خرق هذا الحصار عبر اتفاق أشرفت عليه الأمم المتحدة، خرج بموجبه نحو 1400 مدني من هذه الأحياء.

ميدانيا، نقلت وكالة الأنباء السورية «سانا» عن مصدر في قيادة الشرطة قوله إن «قذيفة هاون أطلقها إرهابيون أصابت حافلة صغيرة لنقل الركاب (سرفيس) في حي الدويلعة، مما أدى إلى مقتل أربعة مواطنين وإصابة ثلاثة آخرين وإلحاق أضرار مادية بعدد من السيارات». وسارع الاتحاد الرياضي السوري لكرة القدم إلى نعي مدرب حراس منتخب سوريا صلاح مطر الذي قتل بحسب الاتحاد بسقوط القذيفة على الحافلة. وتزايدت خلال الأسابيع الأخيرة وتيرة إطلاق قذائف على دمشق، ومصدرها على الأرجح مواقع لمقاتلي المعارضة في محيط العاصمة. وتزامن ذلك مع تصعيد القوات النظامية عملياتها العسكرية في ريف دمشق، لا سيما في منطقة الغوطة الشرقية التي تحاصرها القوات النظامية منذ أشهر.

وفي معضمية الشام بريف دمشق، أفاد ناشطون بدوي انفجار متوسط على طريق السومرية، نجم عن عبوة ناسفة مزروعة في سيارة أثناء محاولة تفكيكها من قبل القوات النظامية. وأشار شهود عيان إلى توجه سيارات الإسعاف إلى الموقع وسط انتشار أمني كثيف وقطع الطرق المحيطة.

وفي حلب، تواصلت الاشتباكات العنيفة في محيط مبنى المخابرات الجوية ومنطقة الزهراء في غرب المدينة بين القوات النظامية مدعمة بقوات الدفاع الوطني وميليشيات عراقية وعناصر حزب الله اللبناني، من جهة، والكتائب الإسلامية المقاتلة في حلب وفي مقدمها «جبهة النصرة» و«الجبهة الإسلامية» و«الجيش الحر»، بالتزامن مع اشتباكات في محيط سجن حلب المركزي المحاصر من الكتائب المقاتلة منذ أشهر طويلة. وتحاول قوات النظام التقدم لفك حصار المعارضة عن السجن.

في موازاة ذلك، أفاد «تجمع أحرار حلب الشهباء» بإخلاء رئاسة جامعة حلب مباني الجامعة يوم أمس، وإلغاء جميع المحاضرات العلمية والعملية بعد سقوط عدد من قذائف الهاون على كليتي الاقتصاد والآداب ومنطقة الفرقان، تسببت في وقوع عدد من الجرحى، بينهم حالات خطيرة.

وقالت «سانا» إن «12 مدنيا قتلوا وأصيب 52 شخصا آخرين في حلب جراء سقوط عدد من قذائف الهاون على عدد من أحياء مدينة حلب السكنية». ولفت مصدر في محافظة حلب إلى أن «قذائف هاون أطلقها إرهابيون سقطت على أحياء التل وشارع النيل وجامعة حلب ومشفى السلوم وفندق بلانيت في حي العزيزية بحلب، مما أدى إلى مقتل 12 مواطنا وإصابة 52 آخرين».

من جهة أخرى، انتقدت صحيفة «الثورة» السورية الرسمية، مسؤولة العمليات الإنسانية في الأمم المتحدة فاليري أموس، متهمة إياها بـ«النفاق». وذكرت الصحيفة في افتتاحيتها أمس، أن أموس «استجمعت كل ما في القاموس الغربي من نفاق ودجل لتسطره في تقاريرها ومسوداتها المسبقة التي نالت عليها موافقة العواصم الغربية قبل أن تتلوها في قاعات مجلس الأمن أو على منابر الإعلام».

واتهمت الصحيفة المسؤولة الأممية بالخروج عن «مهمتها وتجاوز نطاق مسؤوليتها»، مطالبة الأمم المتحدة بأن «تبادر إلى الخطوة الأولى لنزع فتيل ما تشعله أموس بأكاذيبها وفبركاتها، حيث ثبت بالقرائن والأدلة أنها باتت عبئا ثقيلا على المنظمة وتسيء إلى عمل المنظمة ودورها وتهدر آخر ما تبقى لها من مصداقية».

وجاء هجوم الصحيفة التابعة للنظام على أموس بعد تحميلها يوم الأربعاء الماضي خلال جلسة مغلقة لمجلس الأمن كل الأطراف مسؤولية فشل تطبيق القرار 2139 الذي ينص على ضرورة إدخال شحنات من المساعدات الإنسانية إلى السكان في سوريا.