سلفيون جهاديون يتظاهرون أمام البرلمان المغربي للمطالبة بإلغاء قانون الإرهاب

استمرار تفكيك الخلايا الإرهابية عكر صفو حوارهم مع السلطات

TT

شكك عشرات السلفيين، معظمهم معتقلون سابقون في قضايا إرهابية، في حقيقة التفجيرات الإرهابية التي هزت الدار البيضاء في 16 مايو (أيار) 2003، وطالبوا خلال وقفة احتجاجية، نظمتها «اللجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين» أمس أمام مقر البرلمان في الرباط، بكشف حقيقة المدبرين الحقيقيين لتلك التفجيرات، التي روعت المغرب، وخلفت عشرات القتلى.

وطالب المشاركون في الوقفة الاحتجاجية في بيانهم الختامي السلطات المغربية «بفتح تحقيق نزيه وشفاف في ملابسات تلك الأحداث حتى يتسنى للشعب المغربي معرفة الجناة الحقيقيين والمدبرين الفعليين لتلك الأحداث الأليمة، كما نطالب مجددا بإسقاط قانون مكافحة الإرهاب الجائر الذي راح ضحيته ولا يزال مئات الأبرياء إن لم نقل الآلاف». كما طالبوا بالإفراج عن المسجونين في قضايا إرهابية، مشيرين إلى «مع كل محاولة لتخليص أولئك المظلومين من معاناتهم وفك الحصار عن قضيتهم تطلع علينا أجهزة الأمن بتفكيك خلايا جديدة واعتقال إرهابيين جدد».

وفي الدار البيضاء، ككل سنة، اجتمع سياسيون ونشطاء وأعضاء في جمعيات ضحايا التفجيرات الإرهابية التي عرفها المغرب، في ساحة محمد الخامس أمام النصب التذكاري للأحداث التي عرفتها مدينة الدار البيضاء للتنديد بالإرهاب ودعوة السلطات إلى اتخاذ كل التدابير والاحتياطات حتى لا يتكرر ذلك.

وعلى مدى أحد عشر عاما فكك المغرب أزيد من 130 خلية إرهابية، ومكنت الضربات الاستباقية للأمن المغربي من تفادي الكثير من العمليات التي كانت تستهدف مؤسسات ومصالح أمنية وأجنبية. كما فتحت السلطات حوارات غير رسمية مع رموز السلفية الجهادية، أسفرت عن إعلان مراجعات من داخل المعتقلات، وصولا إلى الإفراج عن مجموعة من أبرز الشيوخ، من بينهم محمد عبد الوهاب الرفيقي، الملقب (أبو حفص) وحسن الكتاني وعمر الحدوشي ومحمد الفيزازي، كما استفاد عشرات المعتقلين في إطار ملفات السلفية الجهادية من العفو الملكي.

غير أن تكرار حالات العود بعد الإفراج عن معتقلي السلفية الجهادية، وتوجه معظم المفرج عنهم إلى بؤر التوتر، خاصة سوريا وشمال مالي، جعل السلطات الأمنية تتعامل بحذر شديد مع مبادرات الحوار والمصالحة.

وتشير تقارير إلى أن أزيد من نصف المعتقلين السابقين في ملفات السلفية الجهادية بالمغرب توجهوا بعد خروجهم من السجن إلى سوريا، حيث أصبح للمغاربة جماعة مسلحة خاصة تحمل اسم «حركة شام الإسلام» وتركز نشاطها في ريف اللاذقية. ويقدر عدد الجهاديين المغاربة في سوريا بنحو 1500 شخص.

ويقول عبد الله الرامي، الباحث المغربي المتخصص في الجماعات الأصولية، «الملاحظ أن المغاربة يوجدون في كل الجبهات، وضمن كل المجموعات. وأغلبهم يظهرون في الأشرطة والصور التي تنشرها هذه الجماعات دون وضع أقنعة على وجوههم». ويضيف الرامي أن «التنسيقية المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين» شكلت أهم قناة لتجنيد الجهاديين المغاربة وإرسالهم إلى الجبهات، مشيرا إلى أن الكثير من القياديين والنشطاء في هذه التنسيقية التحقوا بسوريا، ومنهم من قتل في الأشهر الأخيرة، وعلى رأسهم محمد الحلوي، الناطق باسم التنسيقية، وإبراهيم بنشقرون، أحد أبرز نشطائها في فاس، والذي كان أميرا لحركة شام الإسلام قبل مقتله في معركة الأنفال بداية الشهر الماضي.

وأضاف الرامي أن الضربات الاستباقية للأمن المغربي حالت دون تشكل تنظيم سلفي جهادي في المغرب. وقال «السلفية الجهادية في المغرب تعاني من غياب قيادة وزعامة موحدة، ومن انعدام التنظيم. وهذا ما يفسر ضعفها في الداخل وتشتت ولاءاتها في الخارج».

ويتخوف المغرب كثيرا من مخاطر عودة المقاتلين من سوريا وشمال مالي. وشدد الأمن المغربي مراقبته للحدود لمنع أي تسرب. وحتى الآن تمكن الأمن المغربي من اعتقال أزيد من ستين مقاتلا عادوا من سوريا، جلهم ما زالوا ينتظرون حكم الهيئة القضائية المتخصصة في قضايا الإرهاب بمحكمة الاستئناف بسلا المجاورة للعاصمة الرباط.