توقعات ببلوغ المصرفية الإسلامية في المغرب تسعة مليارات دولار بعد خمس سنوات

البرلمان المغربي يشرع في مناقشة قانونها وترقب اعتماده قبل أغسطس

بنك المغرب المركزي («الشرق الأوسط»)
TT

أكدت دراسات وتقارير مختلفة أن زهاء 85 في المائة من المغاربة يترقبون انطلاق التعامل بالمنتجات المصرفية الإسلامية في المغرب، حسب خبراء شاركوا في ندوة عقدتها فرق أحزاب الغالبية بالبرلمان المغربي أول من أمس في مقر مجلس النواب.

وقال عبد الله بوانو، رئيس فريق حزب العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة، بأن البرلمان المغربي سيشرع في مناقشة مشروع القانون المصرفي الجديد، الذي تضمن البنود المتعلقة بتنظيم المصارف التشاركية (الإسلامية)، خلال الأسبوع المقبل، وأن القانون سيتم اعتماده بشكل نهائي قبل شهر أغسطس (آب) المقبل. وأضاف أن الحكومة وفرق الغالبية عازمة على وضع حد للتأخر الذي عرفه إخراج هذا القانون، مشيرا إلى أن هذه الندوة التي تنظمها فرق الغالبية حول البنود المتعلقة بالمصارف التشاركية قد تأجلت عدة مرات في السابق.

وأشار بوانو أن الحكومة تتجه إلى إدخال الصيرفة الإسلامية بشكل متدرج بعد صدور القانون، وسيتم في البداية الترخيص لعدد قليل من المؤسسات، مع إعطاء الأولوية للمؤسسات المغربية التي تشارك فيها مؤسسات مغربية مع مؤسسات إسلامية متخصصة لديها خبرة وتجربة مؤكدة في مجال التمويل الإسلامي.

وقال عبد الرحمن الحلو، رئيس مكتب أبواب للاستشارة عضو الجمعية المغربية للدراسات والأبحاث في الاقتصاد الإسلامي، بأن دراسة أخيرة أنجزها مكتب الخبرة العالمي تومسون رويترز أكدت أن 86 في المائة من المغاربة يرغبون في التعامل بالمنتجات المالية الإسلامية، وهو رقم قريب من الأرقام التي توصلت إليها دراسات واستطلاعات سابقة للرأي. وأضاف الحلو أن دراسة رويترز قدرت أن حجم أصول التمويلات الإسلامية في المغرب سيبلغ 73 مليار درهم (9 مليارات دولار) خلال الخمسة أعوام الأولى من انطلاقها، وهو ما يعادل نحو 5 في المائة من إجمالي أصول المنظومة المصرفية في المغرب.

وأضاف الحلو «من شأن هذه النسبة أن تطمئن السلطات المالية والمصرفية في المغرب، وأن تهدئ من روع المتخوفين من أن يؤدي إدخال المصرفية الإسلامية إلى زعزعة استقرار النظام المالي المغربي». وأشار الحلو إلى أن حصة الأصول الإسلامية من إجمالي الأصول المالية في تجارب معظم الدول الإسلامية تدور بين 3 و5 في المائة، فيما عدا ماليزيا التي تشكل حالة خاصة والتي تبلغ فيها هذه الحصة نحو 29 في المائة. وقال: «وبالتالي فلم يعد هناك مبرر لتأخير إخراج قانون التمويلات التشاركية، وفتح المجال أمام هذه المنتجات التي ستجلب قيمة إضافية حقيقية للاقتصاد المغربي وتدعم صلابة واستقرار نظامه المالي».

وأجمع الخبراء والبرلمانيون الذين تدخلوا خلال الندوة التي نظمت تحت قبة البرلمان على أن المغرب لديه امتياز لكونه سيبدأ مجال الصيرفة الإسلامية من حيث انتهى الآخرون. وقال خليل البنيوري، نائب رئيس مصرف دار الصفا التابع لمجموعة التجاري وفا بنك والمتخصص في المنتجات المصرفية البديلة: «على اعتبار المغرب آخر بلد يدخل مجال المنتجات المالية الإسلامية سيكون عليه أن يستفيد من كل التجارب السابقة بأن يأخذ أفضل ما فيها وأن يتجنب سلبياتها ليعطي نموذجا خاصا جديدا ومتميزا».

وأشار البنيوري إلى أن اختيار المغرب الحديث في مشروع القانون عن «المصارف التشاركية»، وبالتالي تأكيده على الطابع التشاركي للمعاملات الإسلامية، يعد مؤشرا على عزمه على تجاوز الجانب السلبي في ممارسة الصيرفة الإسلامية، والذي يحصر جل نشاطها في المعاملات المتعلقة بالمديونية. واقترح البنيوري أن ينص قانون المصارف التشاركية على ضرورة تخصيص نسبة محددة من الأصول لعمليات المشاركة. كما اقترح البنيوري تضمين القانون لترتيبات دقيقة لضمان الحياد الجبائي حتى لا تجد المنتجات المالية الإسلامية نفسها في وضع غير متكافئ مع المنتجات المصرفية التقليدية من حيث الكلفة ومستوى الضرائب.

وثمن المتداخلون إسناد مهمة الرقابة الشرعية للمجلس العلمي الأعلى، المتخصص في الإفتاء في القضايا العامة بالمغرب، والذي يرأسه العاهل المغربي، والذي أسند إليه القانون مهمة إبداء الرأي بالمطابقة للشريعة في جميع المعاملات والمنتجات التي تعرضها البنوك التشاركية. معدين أن ذلك يجعل هيئة الرقابة الشرعية في وضع يضمن لها أعلى درجة من الاستقلالية.

وشرع المغرب في إدخال المنتجات الإسلامية بشكل تدريجي مند سنة 2007 عندما سمح للمؤسسات المصرفية التقليدية بتسويق بعض المنتجات المالية الإسلامية المحدودة تحت اسم «المنتجات المصرفية البديلة» على أساس مذكرة لمحافظ البنك المركزي حددت مواصفات هذه المنتجات وكيفية تسويقها. غير أن ارتفاع تكاليف هذه المنتجات وإخضاعها لضرائب وجبايات إضافية، إضافة إلى عدم السماح للبنوك في وصفها بالإسلامية في دعايتها، حد من انتشارها. وفي مايو (أيار) 2010 مر المغرب إلى مرحلة ثانية عبر الترخيص لمجموعة التجاري وفا بنك المصرفية بفتح فرع مصرفي متخصص في المنتجات البديلة تحت اسم دار الصفا. وتدخل المصرفية الإسلامية اليوم مرحلة جديدة في المغرب مع إدراج باب خاص بها ضمن القانون المصرفي الجديد الذي سيشرع البرلمان المغربي في مناقشته الأسبوع المقبل.