وزيرة الشؤون الاجتماعية التركية: كارثة المنجم خلفت وراءها 432 طفلا يتيما

إصابة شخص في اشتباكات بين الشرطة ومحتجين في إسطنبول

الشرطة التركية تفرق متظاهرين في حي أوكميداني في اسطنبول احتجاجا على مأساة منجم سوما أمس (أ.ف.ب)
TT

قالت عائشة نور إسلام وزيرة الأسرة والشؤون الاجتماعية التركية أمس إن كارثة منجم الفحم في سوما غربي تركيا التي أودت بحياة 301 عامل الأسبوع الماضي تسببت كذلك في فقدان 432 طفلا لآبائهم.

وقالت نور إسلام لوكالة الأناضول للأنباء إن «متوسط عمر هؤلاء الأطفال هو 10 سنوات». وتعهدت الحكومة بتقديم المساعدات للمحتاجين.

يذكر أن معظم الرجال الذين لقوا حتفهم في أسوأ كارثة مناجم في تاريخ تركيا كانوا هم العائل الوحيد لأسرهم.

من جهة أخرى، اجتمعت مجموعة من عمال المناجم الذين نظموا اعتصاما خارج محافظة منطقة سوما مع مسؤولين حكوميين، من بينهم وزير الطاقة والموارد الطبيعية تانر يلدز ووزير العمل والضمان الاجتماعي فاروق جليك. ويطالب عمال المناجم بتحسين معايير السلامة قبل موافقتهم على العودة للعمل في المنطقة.

وكان البرلمان التركي قد اجتمع الثلاثاء وأول من أمس لبحث سبل تحسين السلامة ولكنه لم يجر تمرير أي قرار بهذا الشأن. وقال عمال المناجم بشركة سوما القابضة لوكالة الأنباء الألمانية إنه لا توجد لديهم معلومات بشأن موعد عودتهم إلى العمل، أو ما إذا كانوا سيتقاضون رواتب أثناء إغلاق المنجم.

وقال أحد عمال المناجم شريطة عدم الكشف عن هويته خشية تعرضه لمتاعب بسبب تعبيره عن رأيه: «لا أحد يهتم بنا.. نحن لا نعرف من سيدفع رواتبنا».

وكان ثمانية من المسؤولين بالشركة، من بينهم الرئيس التنفيذي قد ألقي القبض عليهم هذا الأسبوع. ولا يزال السبب الحقيقي للحادث مجهولا مع استمرار التحقيقات في حين تنفي الشركة حدوث أي إهمال.

وأثارت كارثة منجم سوما في تركيا موجة جديدة من هجمات الحكومة الإسلامية المحافظة ضد الصحافة المستقلة والأجنبية واصفة الانتقادات لكيفية إدارتها الأزمة بأنها «استفزازات».

واستهدف مراسل مجلة دير شبيغل الألمانية في إسطنبول حسنين كاظم من قبل مناصري النظام التركي إلى حد أنه اضطر للابتعاد بضعة أيام بعد تلقيه تهديدات بالقتل.

وأحصى على حسابه على تويتر «أكثر من عشرة آلاف تغريدة أو بريد إلكتروني أو رسائل على فيسبوك بينها مئات تتضمن تهديدات بالقتل».

وقال كاظم وهو يحمل الجنسية الألمانية ومتزوج تركية في رسالة عبر البريد الإلكتروني لوكالة الصحافة الفرنسية إنه «أخذ عطلة لبضعة أيام حفاظا على أمنه». وأضاف «بعد أيام سأعود إلى إسطنبول وأستأنف عملي». ووراء الحملة ضده عنوان مقال كتبه حول أسوأ حادث صناعي في تاريخ تركيا وهو «إردوغان.. اذهب إلى الجحيم».

وشرح الصحافي أن هذا العنوان لم يكن سوى استعادة لما قاله أحد عمال المنجم بعد نجاته من الكارثة التي أسفرت عن مقتل 301 من زملائه.

وسارع مناصرو رئيس الوزراء رجب طيب إردوغان وحكومته المتهمين بإهمال سلامة عمال المنجم وعدم التعاطف مع ضحايا المأساة، إلى توجيه تهديدات وإهانات للصحافي. وكتب بعضهم على تويتر «أنت لا تستحق سوى الموت!» أو تغريدات أخرى تطالبه بالرحيل عن البلاد.

ومن دون تردد اعتمدت الصحافة المؤيدة للنظام سريعا النهج نفسه. ووصفت صحيفة «يني سافاك» مجلة دير شبيغل بأنها «أداة ألمانيا لزعزعة الأمن القومي في تركيا». وتأتي هذه الحملة قبل أيام من زيارة إردوغان إلى ألمانيا حيث سيقوم بحملة انتخابية لدى 1,5 مليون ناخب تركي يقيمون هناك تمهيدا للانتخابات الرئاسية المرتقبة في 10 و24 أغسطس (آب) المقبل.

ولو لم يعلن ترشيحه بعد رسميا، إلا أن ترشح إردوغان الذي يحكم تركيا من دون منازع منذ 2003 ليس موضع أي شك. وإردوغان الذي أثارت غضبه الانتقادات ضده منذ مأساة 14 مايو (أيار)، عبر عن استيائه شخصيا عبر مهاجمته متظاهرا كان يردد صيحات استهجان ضده خلال زيارته التفقدية إلى سوما الأسبوع الماضي.

وهاجم إردوغان أيضا الصحافة الثلاثاء في كلمته الأسبوعية أمام البرلمان. ورد رئيس الحكومة على الصحافي في صحيفة حرييت يلماظ أوديل الذي ندد بعدم كفاءته، قائلا «إن من أدلى بهذه الكلمات غير الأخلاقية لا يرقى إلى كائن بشري» وطالب بإقالته. ورد إردوغان أيضا على كاتبة في صحيفة بوستا تدعى يازغولو الدوغان تجرأت وشككت بقرار الحكومة منح صفة «شهداء» لعمال المنجم المفقودين.

ولم تكن الصحافة الأجنبية بمنأى عن الانتقادات، بدءا بهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) التي واجهت اتهامات بأنها عمدت إلى استقدام «ممثلين لكي يلعبوا دور أقرباء عمال المنجم» لكي يعمموا «الأكاذيب والتشهير» في العالم أجمع. ونفى مراسل البي بي سي بالتأكيد هذا الأمر منددا مثل مراسلين أجانب آخرين «بهجمات لا أساس لها». وقبل سنة تقريبا انتقد إردوغان بشدة تغطية حركة الاحتجاج المناهضة للحكومة التي هزت نظامه متحدثا عن «مؤامرة». وتم آنذاك صرف عشرات الصحافيين أو أرغموا «على الاستقالة». وتركيا مصنفة بين الدول الأكثر قمعا لحرية الصحافة في العالم من قبل منظمات الدفاع عن حريات الصحافة غير الحكومية، مع الصين وإيران.

من جهة أخرى قالت وكالة أنباء دوغان الخاصة ووسائل إعلام أخرى إن الشرطة التركية أطلقت قنابل الغاز لتفريق محتجين يلقون قنابل حارقة ويرشقون الحجارة في حي أوكميداني في إسطنبول أمس مما أسفر عن إصابة شخص واحد بجروح خطيرة.

ونشرت مواقع إخبارية تركية ومواقع التواصل الاجتماعي على الإنترنت صورة لرجل رأسه غارق في بركة من الدماء. وأظهرت لقطات الفيديو الشرطة وهي تطلق مدافع المياه على المحتجين وشرطيا يطلق نيران مسدسه في الهواء بجوار عربة مدرعة للشرطة، حسبما نقلت رويترز.

وقالت وكالة دوغان إن الحادث وقع عندما بدأت مجموعة تتراوح بين 10 و15 شخصا تردد شعارات بشأن شاب مات في اشتباكات سابقة مع الشرطة وكارثة منجم الأسبوع الماضي قتل فيها 301 شخص.

وأضافت الوكالة أنه كانت تجري على مقربة مراسم جنازة في الوقت الذي وقع فيه الاشتباك وأن شخصا واحدا في المنطقة سقط على الأرض وسط بركة من الدماء.

ولم يتسن لشرطة إسطنبول تأكيد تفاصيل الحادث الذي وقع في حي أوكميداني الذي تقطنه الطبقة العاملة ويشهد احتجاجات متكررة.

ووقع الحادث بعد نحو عام من احتجاجات انطلقت من وسط إسطنبول كانت بداية صيف من الاحتجاجات المعادية للحكومة في أنحاء البلاد.