«داعش» تظهر مجددا في ريفي حمص وحماه بعد تمددها بمحاذاة العراق

المعارضة تتخوف من تجدد اقتتال يعيق العمليات ضد النظام

خريطة دير الزور
TT

كشف مقتل أبو المقدام، قائد لواء المدفعية والصواريخ في حركة أحرار الشام الإسلامية، التابعة للجبهة الإسلامية، الأسبوع الماضي، على يد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام المعروف بـ«داعش»، عن عودة نفوذ التنظيم إلى أرياف وسط سوريا، وتحديدا في حمص وحماه، بعد إحكام السيطرة على شمال شرقي البلاد في الرقة، والتمدد إلى دير الزور حيث يقترب من السيطرة على كامل أريافه المتصلة بمناطق نفوذه في العراق.

وتحول التنظيم المتشدد، من التركيز على قتال القوات الحكومية السورية، إلى قتال المقاتلين المعارضين السوريين، منذ «تخطيطه للسيطرة على المناطق المحاذية للعراق الصيف الماضي». ويؤكد مصدر معارض لـ«الشرق الأوسط» أن نيات «داعش» لإعلان دولته الإسلامية في المناطق الغنية بالنفط والمتاخمة للحدود العراقية، كشف عنها في شهر يونيو (حزيران) الماضي، حين سيطر على مستودعات للذخيرة تابعة للقوات النظامية في ريف حماه الشرقي، ونقلها إلى شرق وشمال شرقي سوريا حيث خاض معارك مع فصائل المعارضة فيها، التابعة للجيش السوري الحر وكتائب إسلامية أخرى.

غير أن هذا التمدد، الذي بات يشكل خطرا على وحدة المعارضة السورية، كما يقول المصدر، بدأ يتضاعف خلال الشهر الماضي بظهور «داعش» في مناطق الوسط مجددا. وأوضح مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط» أن مقاتلي «داعش»، يوجدون في هذا الوقت في ريف حمص الشمالي وريف حماه، إلى جانب مناطق سيطرتهم الواسعة في ريف حلب الشمالي والرقة ودير الزور، كما يوجدون في ريف حمص الشرقي قرب حقول النفط، والمناطق الممتدة في البادية باتجاه دير الزور، أهمها المحطة الثانية، مشيرا أيضا إلى ظهور بعض المقاتلين التابعين للتنظيم في بلدات بريف دمشق الجنوبي وتحديدا في يلدا وببيلا والحجر الأسود. وكان مقاتلو تنظيم «داعش» انسحبوا من وسط وشمال سوريا باتجاه مناطق نفوذهم في ريف حلب الشمالي والرقة، في شهر فبراير (شباط) الماضي، بعد اشتباكات مع مقاتلي الجيش السوري الحر وكتائب إسلامية في المنطقة، بدأت في شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، لمنع سيطرة «داعش» على المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة. وفي ريف دمشق، كان آخر ظهور لمقاتلي «داعش» في الخريف الماضي، حين شنت القوات الحكومية السورية مدعومة بمقاتلي حزب الله اللبناني حملة عسكرية واسعة لطرد مقاتلي المعارضة من القلمون بريف دمشق والبلدات المحيطة بجنوب العاصمة السورية. وترى مصادر المعارضة أن محاولات تمدد «داعش» المستمرة، تهدد الهدف الاستراتيجي للمعارضة المتمثل في قتال قوات النظام، إذ تضاعفت احتمالات التقاتل الداخلي، مشيرة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن التنظيم المتشدد يحول وجهة البندقية ويستنزف الجهود، مما يستبعد طرد القوات النظامية.

وتنضم محاولات «داعش» للتمدد في وسط سوريا، إلى محاولاتها للسيطرة على كامل المناطق السورية المحاذية للحدود العراقية الخاضعة لسيطرة التنظيم في العراق، وأهمها محافظة الأنبار، بهدف وصل خطوط الإمداد بين العراق وسوريا، وشحن النفط السوري من حقول النفط السورية إلى مناطق نفوذها في العراق، كما تقول المصادر. وكان تنظيم «داعش» انسحب من معظم أنحاء دير الزور في فبراير الماضي بعد معارك عنيفة، قبل أن يجدد هجومه على فصائل المعارضة المسلحة في دير الزور الشهر الماضي.

ويقول عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط»، إن «جبهة النصرة والكتائب الإسلامية لا تحتفظ في هذا الوقت إلا بالمنطقة الشرقية بدير الزور، وانحصر وجودها في مناطق عشائرية توفر لها الحاضنة الشعبية، بعدما سيطرت (داعش) على منطقة جغرافية واسعة، تمتد من مدينة الباب التي تبعد 30 كيلومترا عن مدينة حلب إلى الشرق، وتصل إلى جديد عكيدات جنوب شرق دير الزور. ووفق هذا المبدأ، فإن (الدولة الإسلامية) باتت تسيطر على غالبية المنطقة الممتدة شرق نهر الفرات في محافظة دير الزور من الصبحة، وصولا إلى الرقة والحسكة التي تتنازل فيها مع المقاتلين الأكراد على النفوذ في بعض المناطق الكردية. أما في ريف حلب، فيمتد نفوذها من الباب إلى دير حافر مرورا بمنبج وسد تشرين الذي يصل إلى الرقة».

وإلى الشرق، لا تزال القوات المعارضة التي تقاتل «داعش» تحتفظ بعدد من البلدات، أهمها مركدة التي تشهد اشتباكات. ويقول الناشط عبد السلام الحسين لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «مقاتلي (داعش) يحاولون تعزيز نفوذهم ووصل دولتهم حتى البوكمال على الحدود العراقية السورية»، التي سيطر عليها مقاتلو المعارضة السورية في بداية 2013. ويضيف أن «المعارك لم تتوقف منذ أكثر من 15 يوما في مناطق عدة من الريف الشرقي لدير الزور»، موضحا أن «داعش» أحرزت تقدما في بعض المناطق.

ويقول المتحدث باسم هيئة الأركان في الجيش الحر للجبهة الشرقية عمر أبو ليلى، إن «(داعش) تمكنت منذ ذلك الوقت من نشر ثلاثة آلاف مقاتل بين الرقة حتى دير الزور». ويضيف أن «معظم مقاتليه أجانب»، مؤكدا أن «داعش» تلقت أوامر من زعيمها أبو بكر البغدادي بالتركيز على دير الزور للسيطرة عليها «إنها بوابتهم الرئيسة إلى العراق».

وفيما يؤكد المعارضون أن التنظيم يملك النفط والمال والسلاح، يشرح الحسين أن عاملي النفط والانتماء العشائري لهما حصة في هذا الصراع، مشيرا إلى أن المسألة تحولت إلى ما يشبه الحرب العشائرية ويدخل النفط في الموضوع. ويضيف: «هناك قيادات سابقة في الجيش الحر قامت بمبايعتهم، والنفط الموجود داخل دير الزور تقدر قيمته بالمليارات، ومن خلاله يمكنهم أن يجمعوا مالا ليشتروا الذخيرة ويقووا جيشهم». ويشير إلى أن عناصر «الدولة الإسلامية» عمدوا قبل أيام في إحدى المناطق إلى توزيع الفاكهة، في محاولة لكسب ود الناس.