منع اللاجئين السوريين في لبنان من القيام بأي تجمعات سياسية عشية الانتخابات الرئاسية في سوريا

قبل أيام من موعد الاستحقاق وتزامنا مع انطلاق حملات داعمة للأسد

TT

طالبت وزارة الداخلية اللبنانية، عشية الانتخابات الرئاسية السورية المرتقبة في 28 مايو (أيار) الحالي للموجودين خارج البلاد، اللاجئين السوريين «بعدم القيام بأي تجمعات سياسية ولقاءات علنية ذات أبعاد سياسية»، مؤكدة أنها «لن تتهاون في التعامل بحزم مع أي نشاط يؤثر على الأمن والاستقرار في لبنان، أو على علاقة النازحين بالمواطنين اللبنانيين».

وأكدت وزارة الداخلية في بيان «تمسك الحكومة بتحييد لبنان عن الصراع الدائر في سوريا، مع احترامها لحرية الخيار السياسي للنازحين، بما لا يتعارض مع قواعد الأمن الوطني اللبناني».

وأوضحت مصادر الوزارة لـ«الشرق الأوسط» أن قرارها يندرج في إطار «السعي لتفادي أي إشكالات قد تنشأ بين المؤيدين للنظام السوري والمعارضين له، قبل أيام من الانتخابات الرئاسية المرتقبة».

ولفتت إلى أنه ومع «تنامي الحساسيات بعد أكثر من حادثة، وآخرها إشكال فردي وقع بين لاجئ سوري وأحد اللبنانيين في منطقة برج حمود في بيروت، وجد وزير الداخلية نهاد المشنوق وجوب التعاطي بحزم مع الموضوع، على أن لا تمس حريات اللاجئين».

وعدّ الأمين القطري لحزب البعث الوزير السابق فايز شكر أن قرار وزارة الداخلية «منافٍ لأبسط حقوق المواطن واللاجئ على حد سواء، في بلد يتغنى بالديمقراطية»، لافتا إلى أنه «استهداف مباشر لاستحقاق الرئاسة السورية، بعد مواقف أوروبية سابقة منعت السوريين من إتمام حقهم في الانتخاب».

وقال شكر لـ«الشرق الأوسط» إن بيان وزارة الداخلية «معيب جدا وجائر ولا يخدم الدولة اللبنانية ولا الوزارة ولا النظام بشكل عام»، لافتا إلى أن «أكثر من مسيرة ومظاهرة خرجت أخيرا بعد أن حظيت بموافقة محافظي المناطق، وآخرها مظاهرة خرجت في منطقة البقاع»، شرق البلاد.

وانطلقت حملة الرئيس السوري بشار الأسد الانتخابية في لبنان بالتزامن مع بدء الحملات في سوريا، فجاب عشرات السوريين في الأيام الماضي بمواكب سيارة شوارع بيروت ومنطقتي الضبية والنبعا في المتن والجنوب، إضافة إلى البقاع ومنطقة الضاحية الجنوبية لبيروت، حاملين لافتات مؤيدة للأسد وأعلاما سورية وأخرى لبنانية موالية له.

وكانت السفارة السورية لدى لبنان دعت في وقت سابق المواطنين السوريين المقيمين في لبنان «إلى ممارسة حقهم الدستوري وواجبهم الوطني بالمشاركة في الانتخابات الرئاسية السورية».

وأشارت إلى أنه بإمكان السوريين في لبنان الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية المقررة يوم الأربعاء 28 مايو 2014، في مقر سفارة الجمهورية العربية السورية.

واقترح عضو كتلة القوات اللبنانية النائب أنطوان زهرا، أمس (الخميس)، على الحكومة منع السوريين الذين يشاركون في الانتخابات الرئاسية السورية، من العودة إلى لبنان كلاجئين «لغياب أي سبب أمني، وباعتبار أنه لا مبرر لعودته إلى لبنان كلاجئ، بل عليه الدخول بطريقة شرعية».

وكان خلاف فردي بين لاجئ سوري وأحد اللبنانيين وقع في منطقة برج حمود في بيروت، الأسبوع الماضي، تطور لإشكال كبير بين أهالي المنطقة واللاجئين السوريين فيها. وقد قررت السلطات المحلية (المجلس البلدي لبرج حمود) على أثره منع السوريين من التجول في المنطقة بين الساعة الثامنة مساء لغاية السادسة صباحا.

وقد كانت مناطق لبنانية أخرى فرضت على اللاجئين السوريين منعا للتجول في ساعات محددة خلال السنوات الثلاث الماضية.

ويبلغ عدد اللاجئين السوريين المسجلين لدى مفوضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة في بيروت نحو مليون و73 ألفا، بينما تؤكد السلطات اللبنانية أن عددهم الإجمالي قارب المليونين.

ويتهم أكثر من فريق سياسي الحكومة السابقة التي كان يرأسها النائب نجيب ميقاتي بالفشل في إدارة ملف اللجوء السوري، وتحويله لأزمة كبيرة يتخبط فيها لبنان.

وترزح البلاد منذ ثلاث سنوات تحت ضغط اجتماعي وأمني واقتصادي وسياسي نتيجة رفض السلطات المعنية إقامة مخيمات للاجئين السوريين، خوفا من تكرار تجربة اللجوء الفلسطيني، بحيث لا يزال نحو نصف مليون لاجئ فلسطيني يستقرون منذ عام 1948 في 12 مخيما، موزعين على المناطق اللبنانية.

وأعلن وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس في تصريح سابق لـ«الشرق الأوسط» أنه بات هناك إجماع وطني توصلت إليه اللجنة الوزارية المكلفة البحث في حلول لأزمة اللجوء السوري، انسحب بعدها إلى مجلس الوزراء، حول إقامة مخيمات للاجئين السوريين داخل الأراضي السورية، أو في المناطق العازلة، لافتا إلى أن هذا الموضوع ينتظر بلورته دوليا من خلال مفاوضات تديرها الأمم المتحدة مع سوريا.

ويعيش اللاجئون السوريون في لبنان إما في شقق استأجروها، وإما في غرف صغيرة أو لدى عائلات لبنانية مضيفة، وإما في مخيمات عشوائية منتشرة على الأراضي اللبنانية تفتقر إلى الحد الأدنى من مقومات العيش.