الرئيس اليمني يعلن عن إجراءات «قاسية وصعبة» لوقف الانهيار الاقتصادي

الحكومة تشكل لجنة عاجلة لمعالجة الاختلالات الأمنية والمالية

TT

أعلن الرئيس اليمني الانتقالي عبد ربه منصور هادي عن إجراءات «قاسية وصعبة»، سيتخذها خلال الفترة المقبلة، لوقف التدهور الاقتصادي الذي تعيشه البلاد، فيما شكلت حكومة الوفاق الوطني لجنة وزارية تتكون من ثمانية وزراء، لوضع خطط عاجلة للاختلالات الأمنية، وإيجاد حلول اقتصادية.

وتشهد البلاد، التي احتفلت أمس بالعيد الوطني الرابع والعشرين لتحقيق الوحدة اليمنية، تدهورا خطيرا، في شتى المجالات الاقتصادية والسياسية والأمنية، وهو ما يهدد بفشل المرحلة الانتقالية، منذ الإطاحة بالرئيس السابق علي عبد الله صالح عام 2011، إثر انتفاضة شعبية. وقال هادي، الذي انتخب لفترة مؤقتة عام 2012، في خطاب وجهه إلى شعبه، بمناسبة عيد تحقيق الوحدة «سنتخذ إجراءات لمنع حدوث أي تدهور اقتصادي وأي تراجع لسعر العملة الوطنية، حتى وإن كانت بعضها تبدو قاسية أو صعبة»، مضيفا «سنبذل قصارى جهدنا في التخفيف من المعاناة، ولن نعمل إلا من أجل المصلحة الوطنية العليا». وأشار إلى «الصعوبات الكبيرة التي تواجهها البلاد على الصعيد الاقتصادي خلال السنوات الماضية والتي ازدادت حدة هذا العام»، وقال إن «انخفاض الصادرات النفطية أدى إلى عجز في الموارد المالية للموازنة العامة للدولة، وجزء كبير من هذه الموارد ذهب في دعم المشتقات النفطية». وأرجع هادي ما تواجهه البلاد من تحديات إلى «تراكمات سنوات طويلة من السياسات الاقتصادية الخاطئة ومن الفساد الذي استشرى في كل مرافق وأجهزة الدولة، ويحتاج للكثير من الوقت والصبر والثقة المتبادلة بين القيادة والشعب». وكشف هادي عن أسباب الأزمة التي تعيشها البلاد في المشتقات النفطية، وقال «هناك ما يحول دون تمكن الحكومة من تحقيق الوفرة المطلوبة للسوق من المشتقات النفطية، وهو الحرص على عدم استنزاف الاحتياطي النقدي في شرائها»، موضحا أنه أمر بإنهاء الازدواج الوظيفي وإلغاء الأسماء الوهمية، في الأجهزة المدنية والعسكرية والأمنية، إضافة إلى تحسين مستوى كفاءة التحصيل والحد من التهرب الضريبي والجمركي، ولفت إلى أن «الجهاز التنفيذي لاستيعاب أموال المانحين سيبدأ في العمل الجاد بقيادته الجديدة بعد أن استكمل بنيته الإدارية».

وتصاعدت حدة الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يعيشها اليمن، خلال الأشهر الثلاثة الماضية، حيث تبادلت الأطراف المشاركة في الحكم، المؤتمر الشعبي العام وأحزاب اللقاء المشترك، الاتهامات بخصوص التسبب في الأزمة، وهو ما انعكس على المرحلة الانتقالية التي تعيشها البلاد، منذ توقيع اتفاق نقل السلطة، والمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، وتسبب في البطء بتنفيذ مخرجات الحوار الوطني. وعقدت حكومة الوفاق التي يتقاسم حقائبها مناصفة المؤتمر والمشترك، اجتماعا استثنائيا، أمس، لمناقشة المعالجات الجارية لتجاوز شحة المشتقات النفطية وتعزيز الأمن والاستقرار، بعد يوم من تهديد البرلمان بسحب الثقة إذا لم تضع الحكومة حلولا لهذه الأزمة.

وأقرت الحكومة في اجتماعها وضع خطة عاجلة، وشكلت لذلك لجنة وزارية تتكون من وزراء الدفاع، والتخطيط، والمالية، والكهرباء، والنفط، والصناعة، والخدمة المدنية، ووزير الداخلية ومحافظ البنك المركزي، وأعلنت أنها في حالة انعقاد دائم، لمواجهة المشاكل الراهنة، وستعمل على معالجتها وفقا لخطوات عملية ومدروسة بما يؤدي إلى تحقيق الاستقرار الاقتصادي وتعزيز الوضع المالي، ووقف الاختلالات الأمنية.

إلى ذلك، حذر الخبير الاقتصادي الدكتور محمد الميتمي من كارثة، وانهيار اقتصادي، في حال لم تتخذ الحكومة حلولا عاجلة لذلك. وقال الميتمي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «إن العجز في موازنة الدولة وصل إلى حدود غير آمنة وخطيرة، فهناك نحو 10 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، في العجز اليوم، ولا يمكن أن تستمر الدولة في مثل هذا العجز، فالمؤشرات تقول إن الحكومة إذا لم تنفذ خطة عاجلة لوضع حد لهذا العجز فإنها ستصبح عاجزة عن دفع مرتبات وأجور موظفي الدولة خلال الفترة المقبلة». وقال الميتمي إن «نسبة الموارد المفقودة للدولة تصل إلى 80 في المائة من موازنة الدولة الحالية، وتتركز هذه الموارد في دعم المشتقات النفطية، التي تستنزف أكثر من 3 مليارات دولار سنويا، كما أن الفاقد الضريبي يصل إلى نحو 600 مليار ريال يمني، أي ما يعادل أقل من 3 مليارات دولار تقريبا، وهناك نحو 450 ألف موظف وهمي في مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية والأمنية، يستنزفون أكثر من 120 مليار ريال يمني، أي ما يعادل 550 مليون دولار».