جديد الشاعرة العراقية ريم قيس كبة «مساء الفيروز» خرز يشاكس القلادة ويمزج الحبيب بالوطن

ريم قيس كبة وفي الاطار غلاف المجموعة الشعرية الجديدة
TT

بقامتها النحيلة، بنظارتها، ببحة صوتها، بحركات يديها، بالفضة والفيروز في جيدها ومعصميها وأناملها، تبدو الشاعرة العراقية ريم قيس كبة وكأن من السهل أن يرسمها فنان، لكنها تبقى صاحبة القصائد السهلة الممتنعة التي كرست حنجرتها لأناشيد الحب. هكذا خلقها ربها وهكذا اختارت أن تكون.

عاشت ريم عواصف العراق، ولما خطر لها أن في مقدور قصيدتها أن تستريح وأن تتكئ على وسادة الولع، في الشام أو في القاهرة، طاردتها العواصف وفرضت عليها أن تنشطر ما بين حب وحرب، فكتبت عن تلك الحالة ودست في ثنايا الحب الكثير من مرارة الحصار والفقد وتعثر الأحلام. وفي مقابلة نشرت معها، قبل مغادرتها بغداد، قالت: «لقد تحولنا إلى محللين سياسيين، من البائع الجوال بالعربة إلى البروفسور في الجامعة. حتى الأطفال صارت السياسة لغتهم، ونحن لا نريد أكثر من أن نعيش.. أن نعيش». كررتها بإصرار عاشقة للحياة تأبى أن تفرّط بهذه النعمة.

الشاعرة التي شبهوها في بداياتها بنازك الملائكة، صدرت لها مجموعة جديدة بعنوان «مساء الفيروز»، عن دار الحكمة في لندن، حيث استقر بها المطاف، بالتعاون مع المركز الثقافي العراقي في العاصمة البريطانية. وزينت الغلاف لوحة للفنانة بان كبة. وقد توزعت القصائد في ثلاثة عناوين فرعية: «خرزة أولى» و«خرزة ثانية» و«خرزات»، في إحالة لحبات مسبحة الفيروز. في الـ«خرزة الأولى» قصائد تحاكي الوطن والمنفى وتعكس حياة الشاعرة في وطن بديل، تتغنى بحب العراق ورائحة شطه وفيء نخله. إننا نجدها تخاطب الحبيب وكأنها تخاطب الوطن، وتخاطب الوطن وكأنه المعشوق الأوحد. وقد تراوح الشكل في هذا الجزء من المجموعة ما بين المقاطع القصار والقصائد متوسطة الطول. أما في الـ«خرزة الثانية» فالقصائد تتنوع ما بين وجد صوفي ومشاعر صارخة تكتنف الصورة والفكرة معا. وهو ما اتسمت به تجربة الشاعرة منذ بداياتها. والجزء الثالث يشتمل على سبعين مقطعا شعريا قصيرا جدا، للحب فقط. وما يميز هذه المقاطع عن سواها من تجارب أنها احتفظت بتفعيلاتها الخليلية دون اللجوء إلى النثر. كما خلت من العناوين والاكتفاء بتوثيق تاريخ كتابة كل مقطع.

يأتي هذا الكتاب بعد أن أصدرت ريم قيس كبة عددا من المجموعات الشعرية، فاز بعضها بجوائز أدبية مرموقة، ومنها «نوارس تقترفُ التحليق» 1991، «احتفاءً بالوقت الضائع» 1999، «أغمضُ أجنحتي وأسترقُ الكتابة» 1999، «متى ستصدق أني فراشة؟» 2005، «بيتُنا» 2009، «البحرُ يقرأُ طالعي» 2010، بالإضافة إلى إصدارها أول ديوان صوتي في العراق تحت عنوان «زقزقات» 2002، وهي التي ترجمت كتاب «أن تقرأ لوليتا في طهران» للكاتبة الإيرانية آذر نفيسي.