إيران تضبط إيقاع البيت الشيعي.. والمالكي يعلن تشكيله الكتلة الأكبر

تفاديا لمزيد من الانقسام بعد رفض الحكيم والصدر الولاية الثالثة

مقتدى الصدر و عمار الحكيم و نوري المالكي
TT

كشف سياسي عراقي مطلع عن أن «إيران دخلت على خط الأزمة داخل التحالف الوطني الشيعي عندما شعرت بأن هناك أطرافا داخل هذا البيت بدأت تغرد خارج سرب القوة الشيعية الأكبر، وهو من شأنه تفتيت وحدة هذا البيت حتى مع اختيار رئيس الوزراء من أحد الكتل الشيعية».

وأضاف السياسي العراقي في حديث لـ«الشرق الأوسط»، طالبا عدم الإشارة إلى اسمه أو هويته إن «إيران ربما كانت خلال الفترة التي سبقت الانتخابات تقف على مسافة واحدة من القوى الشيعية بانتظار ما يمكن أن تفرزه الانتخابات من أوزان لكل طرف فيها لكي تحدد موقفها من المرشح لرئاسة الحكومة العراقية المقبلة». ويضيف السياسي المطلع «لكن إيران وجدت أن من المصلحة أن تعمل على ضبط إيقاع الخلافات داخل المكون الشيعي وبعد أن تمكن المالكي من إحراز العدد الأكبر من المقاعد، وهو ما أثار حفيظة خصومه من الكتل السياسية الأخرى وكذلك داخل البيت الشيعي وهو ما بات يهدد وحدة هذا البيت بعد رفض الائتلاف الوطني ممثلا بالمجلس الأعلى الإسلامي بزعامة عمار الحكيم والتيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر منح المالكي ولاية ثالثة».

وطبقا لما يراه السياسي المطلع فإن «إيران تمكنت من تحييد زعيم التيار الصدري الذي التزم الصمت بعد إعلان نتائج الانتخابات، تاركا للكتلة التي تنطق باسمه «الأحرار» أن تتصرف خلال الاجتماعات داخل الهيئة السياسية للتحالف الوطني أو حتى خلال اللقاءات مع الكتل الأخرى، طبقا للثوابت القديمة التي حددها الصدر، وهي «الوقوف ضد الولاية الثالثة للمالكي». وفيما يتعلق بالحكيم فإن السياسي العراقي يقول إن «الحكيم وفي إطار كل تحركاته التي لم يستثن منها المالكي فإنه وبعد أن أدرك أن إيران تميل لصاحب الاستحقاق الأكبر انتخابيا بات يركز تحركاته على تقوية التحالف الوطني وتحويله إلى مؤسسة يمكنها في الأقل تحييد حركة رئيس الوزراء المقبل ومنع تفرده بالقرار».

ويشير السياسي العراقي إلى جملة من المتغيرات التي باتت تصب الآن في صالح المالكي ومن أهمها «ميل إيران الواضح إلى جانبه مع عدم إعلان الولايات المتحدة الأميركية موقفا معارضا له بالإضافة إلى تشظي الساحة الداخلية، سواء على صعيد الجبهة الكردية، حيث إن هناك خلافات عميقة بين الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني وبين الاتحاد الوطني بزعامة جلال طالباني الذي أعلن وعلى لسان عضو اللجنة التفاوضية فرياد راوندوزي أنه ليست هناك خطوط حمراء على المالكي، يضاف إلى ذلك الانشقاقات التي حصلت في الجبهة السنية وهو ما ضاعف رصيد المالكي من النواب».

المالكي من جانبه أعلن أمس وفي تصريح متلفز أنه ضمن الأغلبية اللازمة لتشكيل الحكومة. وقال المالكي إن «الأغلبية اللازمة لتشكيل الحكومة القادمة، باتت متحققة وهناك الآن 175 صوتا مضمونا، ولكن نحن نريد ضم المزيد من الشركاء الذين يتفقون معنا في البرنامج والمبادئ التي ستعتمد في الحكومة المقبلة». وحول تمسك بعض الكتل والسياسيين بما يصفونه بالخطوط الحمراء ضد هذا الطرف أو ذاك، قال المالكي: «أنصح الجميع بأن يقرأوا التغييرات جيدا، فقد جرت مياه كثيرة خلال السنوات الأربع الماضية ولم يعد أحد يمسك عنق العملية السياسية».

وفي سياق التحركات داخل التحالف الوطني الشيعي، فقد التقى رئيس المجلس الأعلى الإسلامي العراقي عمار الحكيم بزعيم منظمة بدر هادي العامري الذي هو أحد حلفاء المالكي ومقرب من إيران. ودعا الحكيم طبقا للبيان الذي صدر عن مكتبه إلى «أهمية الاستفادة من التجربة الماضية»، مشددا على «ضرورة معالجة الإشكاليات». وأشار الحكيم بحسب البيان إلى «أهمية ترشيح شخصيات ذات كفاءة والعمل على مراقبة أدائها في المرحلة المقبلة»، مشددا على «أهمية التماسك الداخلي وتشكيل الفريق القوي المنسجم الذي يعمل وفق برنامج محدد ورؤية واضحة لإدارة الدولة».

من جهته بين العامري «تطابق رؤاه مع رؤى الحكيم في تحويل التحالف الوطني إلى مؤسسة فاعلة تعمل وفق رؤية وبرنامج واضح».

في السياق نفسه، أكد حميد معلة الساعدي، المتحدث الرسمي باسم المجلس الأعلى الإسلامي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «ما يهمنا بالدرجة الأولى هو تقوية التحالف الوطني الذي يخرج منه رئيس الوزراء بصرف النظر عن الكتلة التي ينتمي إليها داخل التحالف، إذ إن تحويل التحالف إلى مؤسسة وبنظام داخلي بحيث يلزم رئيس الوزراء بالعودة إليه من شأنه أن يحد من تفرد رئيس الوزراء وسلطته». وأضاف الساعدي أن «القضية الهامة أيضا هي الكيفية التي نستطيع من خلالها تشكيل فريق قوي ومنسجم قادر على النهوض بأعباء المرحلة المقبلة ويحظى برضا وقبول الفضاء الوطني»، مؤكدا أن «هذه كلها هي التي تجري مناقشتها الآن قبل الحديث عن شخص رئيس الوزراء».