الأسد يتصدر لائحة بأسماء المشتبه بهم من النظام والمعارضة في جرائم حرب بسوريا

القضاء الأوروبي استثنى من العقوبات مصرفا إسلاميا يملكه مساهمون سوريون وقطريون

سوريون يسيرون وسط الدمار بعد غارة جوية نفذتها مروحية تابعة للجيش السوري في حلب أمس (أ.ف.ب)
TT

يتصدر الرئيس السوري بشار الأسد قائمة تضم 20 لائحة اتهام لمسؤولين حكوميين ومقاتلين من المعارضة، أعدها خبراء، لمحاكمتهم في يوم من الأيام عن جرائم حرب، ويرى مدعون دوليون سابقون في جنيف أنه «يمكن ملاحقة مرتكبي الجرائم في النزاع السوري، على الرغم من عرقلة روسيا والصين في الأمم المتحدة».

جاء ذلك بينما قررت محكمة الاتحاد الأوروبي رسميا أمس إلغاء إدراج بنك سوريا الدولي الإسلامي على لائحة الهيئات المستهدفة بعقوبات أوروبية، وعدت مبررات استهدافه بالعقوبات «غير كافية».

وقال ديفيد كرين، كبير الادعاء السابق بالمحكمة الخاصة بسيراليون الذي يرأس الآن مشروع «المحاسبة في سوريا»، إن «القائمة سلمت إلى المحكمة الجنائية الدولية واستندت في كل واقعة إلى انتهاك محدد لاتفاقية روما التي يمكن بموجبها توجيه الاتهام إلى مشتبه به».

وأعد فريق منفصل من محققي الأمم المتحدة أربع قوائم سرية بالمشتبه بهم في جرائم الحرب من كل الأطراف في سوريا، لكنه امتنع عن الكشف عن أي أسماء. وقال كرين إن «القائمة التي وضعتها مجموعته من الخبراء ضمت عناصر بالجيش السوري ومن النخبة السياسية، بالإضافة إلى تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، و(جبهة النصرة)»، لكنه لم يذكر أسماء غير الأسد.

وقال كرين لوكالة «رويترز»: «لدينا نحو 20 لائحة اتهام لمن يتحملون المسؤولية الأكبر. هذا جهد محايد. نحن لا نلاحق فقط الأسد والمقربين منه، وإنما نوثق فعليا كل الحوادث على الجانبين».

وكان كرين يتحدث بعدما شارك أول من أمس في لجنة لمناقشة التعذيب والجرائم الأخرى التي ارتكبت في مراكز الاحتجاز أثناء الحرب الأهلية في سوريا التي بدأت باحتجاجات سلمية على حكم عائلة الأسد في 2011.

ويقول مدعون سابقون منهم كرين إن «صورا نشرت في يناير (كانون الثاني)، التقطها مصور بالشرطة العسكرية السورية، أشير له باسم (قيصر)، قدمت (دليلا واضحا) يظهر التعذيب المنهجي والقتل لنحو 11 ألف معتقل في ظروف تستحضر أجواء معسكرات الموت النازية».

وقال كرين عن الصور التي بلغ عددها 55 ألف صورة لجثث بعضها مفقوءة العينين، وتحمل علامات على التجويع: «نادرا ما نحصل على هذا النوع من الأدلة.. غالبا ما يكون عرضيا».

وقال السير ديزموند دي سيلفا، الذي شارك في كتابة تحليل عن صور «قيصر»، كما أنه أيضا مدع كبير سابق في قضية سيراليون، متحدثا أمام اللجنة: «كونوا على ثقة من أن هذه الصور لا يمكن تلفيقها، هذه تصل بالمسؤولية عما حدث إلى أعلى سلم المسؤولية. إنه ليس عمل كولونيل خارج على جماعته أو ميجور مجنون.. هذه سياسة حكومة».

وعدّ كرين أنه يمكن ملاحقة مرتكبي الجرائم في النزاع السوري، على الرغم من عرقلة روسيا والصين في الأمم المتحدة. وقال: «يجب ألا يحول فيتو في مجلس الأمن دون مواصلة التحرك والبحث عن العدالة للشعب السوري».

واستعملت روسيا والصين، العضوان الدائمان في مجلس الأمن في 22 مايو (أيار) الماضي، حق النقض لإجهاض مشروع قرار قدمته فرنسا، ينص على إحالة جرائم ارتكبها النظام والمعارضة السورية إلى المحكمة الجنائية الدولية.

وتعد موافقة مجلس الأمن الدولي ضرورية كي تنظر المحكمة الجنائية الدولية في الملف السوري، ولكن كرين يرى أنه توجد خيارات أخرى لتحقيق العدالة، وذلك عبر محاكم خاصة وطنية أو إقليمية.

في غضون ذلك، ألغت محكمة الاتحاد الأوروبي رسميا قرار إدراج بنك سوريا الدولي الإسلامي على لائحة الهيئات المستهدفة بعقوبات أوروبية.

وقالت المحكمة في قرارها إن «قيام البنك بتعاملات مالية لأشخاص يملكون أيضا حسابات في مصرفين آخرين (خاضعين لعقوبات أوروبية أيضا)، لا يعد كافيا لتبرير إدراجه على لائحة العقوبات». وكان الاتحاد الأوروبي استبق هذا القرار في نهاية مايو الماضي عبر شطب البنك من لائحة العقوبات.

وبنك سوريا الدولي الإسلامي مصرف سوري رأسماله يملكه مساهمون قطريون وسوريون.

وكان الاتحاد برر عقوباته (تجميد الأصول) بحق بنك سوريا الدولي الإسلامي عبر التأكيد أن هذا المصرف يستخدم «واجهة» لحساب المصرف التجاري السوري؛ مما أتاح لهذا الأخير الالتفاف على العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي عليه.

ومن 2011 إلى 2012، سهل بنك سوريا الدولي الإسلامي تمويلا بشكل سري بمبلغ قيمته نحو 150 مليون دولار لحساب المصرف التجاري السوري، كما قال الاتحاد الأوروبي. وبالإضافة إلى التعاون مع المصرف التجاري السوري، سهل بنك سوريا الدولي الإسلامي عدة مدفوعات لحساب المصرف التجاري السوري اللبناني المستهدف أيضا بعقوبات الاتحاد الأوروبي.

ورأى الاتحاد في السابق أن بنك سوريا الدولي الإسلامي ساهم عبر سلوكه هذا في دعم النظام السوري ماليا.

وفي قرارها، ترى المحكمة التي تتخذ من لوكسمبورغ مقرا لها، أن الاتحاد الأوروبي لم يتمكن من إثبات أن التعاملات التي قام بها بنك سوريا الدولي الإسلامي لحساب زبائن يملكون أيضا حسابا في المصرف التجاري السوري، أو المصرف التجاري السوري اللبناني، تضمنت مخاطر عالية بأن المال مصدره النظام السوري أو أشخاص مستهدفون شخصيا أو معنويا بعقوبات أوروبية.

ولفتت المحكمة إلى أن العقوبات على المصرف التجاري السوري والمصرف التجاري اللبناني السوري، لم تفرض بسبب عناصر متعلقة بزبائنهما، لكن بسبب التبعية للنظام السوري، بالنسبة للأول، ولأن الثاني كان يعد فرعا لهذا الأخير. وكشفت المحكمة أيضا أن الاتحاد الأوروبي لم يقدم أي دليل يتيح وصف زبائن بنك سوريا الدولي الإسلامي بأنهم ضالعون في القمع العنيف الذي يمارس ضد المدنيين في سوريا.