الغموض يلف مصير قادة نينوى الثلاثة.. والمحافظ يتهمهم بـ«تضليل» المالكي

وزارة البيشمركة تنفي وجود أي تنسيق للبدء في عملية تحرير المحافظة

TT

وصف رئيس الوزراء العراقي، نوري المالكي، ما حدث في الموصل بأنه مؤامرة وفقا للمعلومات الأمنية التي وردت إليه إثر انهيار القطعات العسكرية.

وفيما لا يزال الغموض يكتنف مصير ثلاثة من أبرز قادة الجيش العراقي ممن تولوا ملف نينوى في الآونة الأخيرة (الفريق عبود كنبر قائد العمليات المشتركة، وعلي غيدان قائد القوات البرية، ومهدي الغراوي قائد عمليات نينوى) - قال المالكي في كلمته الأسبوعية أمس: «لا نريد الخوض في تفاصيل المؤامرة والخدعة التي حصلت في أحداث الموصل، ولكن نبحث عن فرض الأمن والقضاء على الإرهابيين، ولا بد على الكتل السياسية الظهور بموقف موحد وكشف ظهران المؤامرة التي تتعرض لها مدينة الموصل». وتوعد المالكي بـ«معاقبة المتخاذلين والمتآمرين من قادة وضباط وآمرين في أحداث الموصل»، من دون الإشارة إلى أسماء محددة، لكنه كشف عن أن «هناك متآمرين فسحوا المجال أمام جماعات إرهابية لدخول الموصل هربت من ضغط العمليات العسكرية الجارية في سوريا».

وتأتي إشارات المالكي إلى احتمال معاقبة «قادة متخاذلين» في وقت لم يعلن أي من القادة الثلاثة المختفين عن الظهور أمام وسائل الإعلام منذ الإعلان عن توجههم إلى قطعات قوات البيشمركة في منطقة تلكيف وتسليمهم أنفسهم إلى تلك القوات التي نقلتهم إلى أربيل ومن ثم وصلوا إلى بغداد بالطائرة، طبقا لما أشارت إليه مصادر لم يجر التأكد من صحتها.

غير أن قياديا كرديا أبلغ «الشرق الأوسط» أن «المعلومات التي توافرت لديه تشير إلى صحة المعلومات التي جرى تداولها بشأن انسحاب القادة الثلاثة، عبود كنبر وعلي غيدان ومهدي الغراوي، إلى قوات البيشمركة وتسليمهم أنفسهم إثر الانهيار الذي حصل في الجهد العسكري». وأضاف القيادي الكردي، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أنه «شاهد جنودا أكرادا ينتمون إلى الجيش الاتحادي ظهروا على بعض القنوات الكردية وهم يؤكدون أنهم وأعدادا أخرى من الجنود العراقيين من مختلف المحافظات ما زالوا يحملون أسلحتهم ومستعدين للقتال، ولكنهم فوجئوا بعدم وجود قادة وآمرين يعطونهم أوامر لمواصلة القتال».

من جهتها، أعلنت وزارة الدفاع العراقية إحالة «الضباط والمراتب المتسربين والمتخاذلين» إلى المحاكم العسكرية. وقال بيان لوزارة الدفاع إن لديها «الثقة العالية لتصحيح المسار وتجاوز الأخطاء التي حدثت. وستقوم قواتنا بتنفيذ عمليات مدبرة على المواقع كافة التي دنستها التنظيمات الإرهابية». وبينت الوزارة أن «ما حدث من تداع في أداء الوحدات العسكرية في الموصل ليس نهاية المطاف، وقد احتلت الكثير من المواقع والمدن سابقا في العراق أو في بلدان أخرى ووقعت بيد العصابات الإرهابية وقد جرى تحريرها واستعادتها من قبل القوات الأمنية والمواطنين الشرفاء المدافعين عن العراق وأهله وأن العبرة بالخواتيم».

وكان محافظ نينوى، أثيل النجيفي، الذي تتهمه أوساط ائتلاف دولة القانون بالتخاذل والهروب إلى أربيل، قد اتهم القادة العسكريين في المحافظة بتضليل المالكي بشأن الوضع الأمني في المحافظة قبيل سيطرة تنظيم داعش على الموصل. وقال النجيفي في مؤتمر صحافي عقده بأربيل، إنه «قبل ساعة من فرار القادة العسكريين من المنطقة، كنت معهم وطلبت منهم أن يسلحونا نحن أهل الموصل، لنستطيع أن نحمي أنفسنا، فقالوا إنهم سيقدمون طلب تسليح من بغداد حتى يقدموها لنا»، مبينا «بعدها، تركوا مدرعاتهم وسيارتهم المصفحة والهمرات العسكرية وناقلات الجنود وعددا كبيرا من الأسلحة في الموقع وفروا». وطالب النجيفي بـ«تقديم القادة العسكريين الذين كانوا يديرون العمليات في قيادة عمليات نينوى في ذالك اليوم، وهم الفريق الأول الركن عبود كنبر والفريق أول الركن علي غيدان والفريق الركن مهدي الغراوي وقائد الشرطة الاتحادية فريق محسن، ومن كان مجتمعا معهم لإدارة العمليات، لتقديمهم لمحكمة عسكرية لإيضاح التقارير الخاطئة التي كانوا يقدمونها إلى القائد العام للقوات المسلحة وسبب انهيارهم وانسحابهم فجأة دون أن يبينوا أي شيء». وأضاف النجيفي أنه «على مدى خمس سنوات منذ تشكيل قيادة العمليات في العراق، لا توجد قيادة تستمع إلى أوامر المحافظ أو توجيهاته»، مؤكدا أن «قيادة العمليات لم تكن تقبل حتى أن تطلعنا على الخطة الأمنية التي لديها، وخلال اليومين كان هنالك تواصل مكثف معهم وطلبنا منهم فقط أن يعلمونا ماذا يريدون أن يفعلوا، قالوا لدينا خطة محكمة ولم يبينوا ما الخطة».

ودعا النجيفي إلى تشكيل منظومة أمنية جديدة في المحافظة تعتمد على المواطنين في حماية المدينة من الغرباء، مبينا أن العمل الأمني الجديد يكون عن طريق تحريك الناس في لجان شعبية تستعيد المدينة وتخرج الجماعات المسلحة منها. وكشف النجيفي عن مجاميع مسلحة أخرى من الرافضين للوضع للعملية السياسية من داخل الموصل ساهمت إلى جانب تنظيم «داعش» في السيطرة على المدينة، مبينا عدم علمه بعلاقة بعض هذه المجاميع بعزة إبراهيم الدوري نائب الرئيس العراقي السابق.

وأفاد النجيفي أن إقليم كردستان كان مستعدا لحماية الموصل لكنه أراد طلبا رسميا من المالكي لقيادة الإقليم لتدخل قوات البيشمركة، لافتا إلى أن بغداد مكابرة، حيث لم تطلب بشكل مباشر من الإقليم التدخل وبالنتيجة حدث ما حدث. بدورها استبعدت وزارة البيشمركة وجود أي تنسيق مع بغداد للإعداد لعملية عسكرية لاستعادة السيطرة على مدينة الموصل.

ونفى هلكورد حكمت مدير الإعلام في وزارة البيشمركة في حديث لـ«الشرق الأوسط» وجود أي تنسيق أو تعاون مع الحكومة الاتحادية في بغداد لمشاركة البيشمركة في إعادة السيطرة على الموصل. وأضاف حكمت «هناك فقط اتفاق محلي بين القيادات المحلية للجيش العراقي والبيشمركة أخلى الجيش العراقي بموجبه مواقعه في عدد من المناطق في أطراف الموصل ومناطق من كركوك وديالى لقوات البيشمركة التي دخلتها، للقيام بحماية هذه المناطق»، مشيرا إلى أن الجيش العراقي أخلى نقطة ربيعة الدولية مع سوريا وتسلمت قوات البيشمركة حمايتها لأنها نقطة مهمة جدا. وأشار إلى أن قيادات الجيش العراقي المحلية في بعض مناطق كركوك اقترحت على قوات البيشمركة أن تحل محل الجيش فيها، موضحا أن الجيش العراقي مستمر بإخلاء مقراته لقوات البيشمركة.