«حزب الله» سيقاتل في العراق «حين تقتضي الحاجة».. والدور الإيراني أكبر

حماسة في أوساطه للدفاع عن النجف وكربلاء أكثر من المشاركة بالقتال في سوريا

صورة أرشيفية لعناصر من «حزب الله» في صيدا خلال تشييع قيادي بارز قتل في سوريا (أ.ب)
TT

لن ينفي «حزب الله» مشاركته في القتال بالعراق، متى حصلت، على غرار ما فعل بادئ الأمر في سوريا، باعتبار أنه لن يجد صعوبة في طرح مبررات كالتي أطلقها لتبرير وجوده في سوريا منذ أكثر من عامين. ولعل ما نقل عن أمين عام «حزب الله» السيد حسن نصر الله الأسبوع الماضي لجهة استعداد الحزب لتقديم شهداء في العراق «خمس مرات أكثر مما قدمناه في سوريا فداء للمقدسات لأنها أهم بكثير»، إعلان واضح عن جهوزية الحزب للتدخل في العراق بعد تمدد «الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)» في أكثر من مدينة هناك.

وأكد رئيس كتلة «حزب الله» النيابية محمد رعد أن العراق لن يُترك وحيدا، وقال في احتفال تأبيني جنوب البلاد أمس: «فشلتم في سوريا وفشلتم في العراق وعندما وجدتم العراق يتجه إلى تشكيل حكومة لا تنسجم مع مصالحكم وسياساتكم، أفلتم (داعش) من عقالها، لكنها ستعود إليكم بعد أن يُسقطها شعبنا في العراق، الذي لن يُترك وحيدا، حتى وإن خان من خان وسلم من سلم». وعدّ رعد أن التفجير الانتحاري الذي وقع في منطقة ضهر البيدر شرق لبنان الأسبوع الماضي وأدى لمقتل عنصر أمني وجرح آخرين، هو «فلتة من المهزومين الذين لم يبق لهم وكر ولا قاعدة لوجستية تدعم مخططاتهم السياسية»، وأضاف: «إذا كنتم تقصدون في لبنان من خلال هذا التفجير والعمل الإرهابي بأن تثنوا من عزمنا بأن نرى حقيقة فعلتكم في العراق، فهذا لن يكون، ونحن نعرف كيف نواجه مخططكم في عقر داره وكيف نسقط كل أوهامكم».

وتلقى الدعوة للمشاركة في القتال بالعراق ترحيبا في بيئة «حزب الله» نظرا للحيثية الدينية لمقامي كربلاء والنجف. وتتحدث مصادر معنية لـ«الشرق الأوسط» عن «اندفاع أكبر في هذه البيئة مقارنة بما كان عليه الوضع عند الإعلان عن المشاركة بالقتال في سوريا». وتضيف المصادر: «حينها أصر معظم مناصري الحزب على وجوب أن تقتصر المشاركة على حماية مقام السيدة زينب في ريف دمشق، أما اليوم فالوضع مختلف ولا تردد أبدا بتأييد دخول (حزب الله) إلى العراق».

ولا يرى الكاتب والمحلل السياسي قاسم قصير، المقرب من «حزب الله» أي سبب «مبدئي» يمنع الحزب من المشاركة في القتال بالعراق، خاصة أن نصر الله كان قد أعلن أخيرا أن عناصر الحزب سيكونون موجودين حيث تقتضي الضرورة، لافتا إلى أنه «حين تقتضي الحاجة سنرى عناصر الحزب في العراق، لكنه وحتى الساعة لا حاجة على المستوى اللوجستي لخطوة مماثلة خاصة في ظل تطوع نحو ثلاثة ملايين عراقي لصد (داعش)، بالإضافة إلى عديد الجيش العراقي».

وأكد قصير في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «كل الاحتمالات واردة، فإذا تطورت الأمور ميدانيا وباتت تستلزم مشاركة الحزب، فمن الناحية المبدئية الحزب جاهز، كما من ناحية القدرات، فليس من الضرورة أن يكون حجم مشاركته في العراق مماثلا لحجم مشاركته في سوريا ولا حتى الشكل نفسه».

وتوقع قصير أن تقتصر مشاركة «حزب الله» في القتال بالعراق، متى حصلت وهي قد لا تكون بالأفق القريب، على عناصر النخبة والخبراء والمستشارين العسكريين، موضحا أن الظروف اللوجستية لتحرك عناصر الحزب ستكون «أصعب» مما هي في سوريا نظرا إلى أنه ليست هناك حدود لبنانية مشتركة مع العراق. وقال: «ما سيحسم نتيجة المعارك في العراق لن يكون العنصر البشري بقدر ما سيكون السلاح المستخدم وشكل القتال». وينسجم موقف قصير إلى حد بعيد مع نظرة رئيس «مركز الشرق الأوسط للدراسات» العميد المتقاعد هشام جابر، العسكرية للموضوع، إذ يستبعد جابر أي تدخل لـ«حزب الله» على المدى القريب في العراق، متوقعا أن يكون الدور الإيراني أكبر في الموضوع العراقي، نظرا للمسافة التي تفصل العراق عن لبنان وتلك التي تفصل إيران عن العراق. وقال جابر لـ«الشرق الأوسط»: «(حزب الله) يعي تماما أن الدخول في العراق لن يكون كما الدخول في سوريا، هو قد يرسل العشرات من كوادره لتنظيم بعض الوحدات تحت ستار زيارة الأماكن المقدسة، أما إرسال أعداد كبيرة من عناصره فهو أمر غير وارد إلا في حال أصبح الجنوب العراقي مهددا».

واستبق نواب في تيار «المستقبل» أي قرار لـ«حزب الله» بدخول العراق بالتحذير من ارتدادات ذلك على الداخل اللبناني. وشدد النائب جمال الجراح على أنه «إذا ذهب (حزب الله) للقتال في العراق ولم يتعلم من تجربته في سوريا ستذهب البلاد إلى المجهول». وأمل الجراح أن «نكون قد استفدنا مما حصل في الموضوع السوري، وألا نورط أنفسنا في العراق، وعدم استجلاب نيران المنطقة إلى الداخل اللبناني في ظل وضع أمني وسياسي هش». وفتحت إيران منتصف الشهر الحالي مراكز لتسجيل المتطوعين الذين يريدون الذهاب للقتال في العراق، تحت شعار: «الدفاع عن المراقد الشيعية في كربلاء والنجف وبغداد وسامراء». ونقلت وكالة «فارس» الإيرانية عن أمين لجنة النشاطات الشعبية في مجلس بلدية طهران محمد رضا زمرديان أن باب التطوع مفتوح لكل من يرغب في الذهاب إلى العراق والقتال من أجل الدفاع عن المقدسات الشيعية، لافتا إلى أن هناك آلاف المتطوعين مستعدون لتلقي الأوامر للذهاب إلى العراق والقتال من أجل الدفاع عن المقدسات في كربلاء والنجف. ونُقل عن نصر الله الأسبوع الماضي أن حزبه سينفذ ما يُطلب منه «وحيث يجب أن نكون سنكون، ولقد ولى زمن تهديم المقدسات وسبي الأعراض، ودخولنا إلى سوريا كان واجبا من أجل حماية لبنان». وشدد نصر الله على أنه «طالما هناك رجل اسمه السيد القائد (المرشد الأعلى في إيران علي خامنئي)، وهنالك مقاومة وشعب عراقي ومرجعيات دينية، لن يحصل أي شيء لمقدساتنا في العالم». وتابع: «هنا في لبنان آلاف المستعدين للشهادة. نحن مستعدون أن نقدم شهداء في العراق خمس مرات على ما قد قدمنا بسوريا فداء للمقدسات، لأنهم أهم بكثير».