محكمة الاستئناف السودانية تبطل حكم الإعدام على مواطنة أدينت بـ«الردة»

المتهمة مريم إسحق رفضت فرصة الاستتابة أمام القاضي ونفت ارتدادها عن الإسلام

TT

أنهت محكمة سودانية جدلا حقوقيا استمر لأكثر من شهرين، بين دعاة حقوق الإنسان والمنظمات الدولية والسلطات الحكومية السودانية، بإلغائها لحكم الإعدام شنقا والجلد لسيدة سودانية اتهمت بالردة عن الإسلام واعتناق المسيحية دينا، والزواج من كتابي.

وحسب رسالة بثتها وكالة الأنباء السودانية (سونا) على الهواتف الجوالة، فإن محكمة الاستئناف أمرت بإطلاق سراح «أبرار الهادي»، التي تشتهر أيضا باسم «مريم إسحق»، وإلغاء قرار محكمة الموضوع ضدها. وأثار الحكم الذي أصدرته محكمة جنايات «الحاج يوسف» شرق الخرطوم، 16 أبريل (نيسان) الماضي، بالإعدام شنقا حتى الموت والجلد مائة جلدة ضد السيدة المذكورة، جدلا داخليا وعالميا، بعد أن أدانتها بجريمتي الارتداد عن الإسلام والزنا من قبل زواجها المسيحي.

وأمهلت محكمة الموضوع السيدة فرصة «استتابة» لم تتجاوز نصف الساعة، فرفضت الاستتابة وتغيير موقفها، وقالت إنها تعتنق الديانة المسيحية، وتعدها دينا فاضلا وجميلا، ونفت ارتدادها عن الإسلام، وأصرت على أنها لم تكن مسلمة البتة، بل مسيحية، فأصدر القاضي حكمه. ودون إخوة «مريم» بلاغا في المحكمة اتهموها فيه بالردة عن الإسلام وبالزواج من غير مسلم، وأنكروا كونها مسيحية، وأصروا على أنها كانت مسلمة تحمل اسمه «أبرار الهادي»، وأن الماثلة أمامهم باسم مريم إسحق ما هي ابنتهم «أبرار الهادي». وشغلت قضية «أبرار- مريم» الرأي العام المحلي السوداني والدولي والإقليمي، بوصفها قضية حرية شخصية وحرية تدين، ودعت منظمات حقوقية وإنسانية محلية ودولية ودول غربية لإلغاء الحكم ضد مريم، وعلى رأسها الولايات المتحدة. ووصف النشطاء والناشطات وقتها الحكم بـ«القاسي والسريع»، ودعوا لمراجعته، بيد أن موالين للحكومة ورجال دين أثنوا عليه، وتمنوا إعدامها لتكون عظة لغيرها، في الوقت الذي تمسكت فيها أسرتها بردتها.

وفور إطلاق سراح مريم إسحق، اتجهت إلى مكان مجهول، رفض محاميها الإفصاح عنه، وتروج شائعات بأن السلطات الأميركية منحتها حق الإقامة في الولايات المتحدة، إلا أنه لم يجر التأكد من هذه المعلومات. ووضعت مريم، طفلها في السجن، بعيد صدور حكم الإعدام عليها، فضلا عن طفلها الآخر الذي يرافقها في سجنها، وهو ما يعني أنها ستمنح فترة إرضاع لمدة عامين قبل تنفيذ الحد، وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية، بيد أن قرار الاستئناف بإلغاء قرار محكمة الموضوع أنهى الجدل حول القضية. وكانت سفارات الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا وهولندا قد أبدت قلقها العميق على الشابة، وناشدت حكومة السودان في بيان باحترام حرية الاعتقاد بما في ذلك حرية تغيير المعتقدات، بوصفها حقا مكفولا وفقا لدستور السودان الانتقالي 2005 والقانون الدولي لحقوق الإنسان.

وطالبت تلك السفارات السلطات القضائية السودان للتعامل مع حالة مريم «بعدل ورحمة»، بينما قالت منظمة العفو الدولية إن مريم إسحق نشأت مع أم مسيحية أرثوذكسية في غياب والدها المسلم. وعدّت منظمة التضامن الدولي المسيحي البريطانية المختصة بحرية التدين حالة مريم واحدة من سلسلة حالات كثيرة في السودان، تتضمن عمليات ترحيل قسري للمسيحيين ومصادرة وتدمير ممتلكات الكنيسة، وهو الأمر الذي نفاه وزير الإعلام السوداني أحمد بلال، كما نفى وجود أي اضطهاد للمسيحيين في البلاد.

وتزعم المفرج عنها أنها مريم إسحق، وأن والدها مسلم من دارفور تركها تتربى مسيحية على يد والدتها بعد أن تخلى عنهما، في الوقت الذي تقول فيها الأسرة الشاكية إن مريم إسحق ما هي إلا ابنتهم أبرار إبراهيم، وإن زعمها أنها مريم إسحق عار من الصحة.