إسرائيل تتجه لتغيير طابع العمليات العسكرية في الضفة مع قرب انتهاء بنك الأهداف

عمليات البحث عن «المفقودين» تتسع.. وهنية يروج لانتفاضة

ما زال الجيش الإسرائيلي يبحث عن أنفاق قرب مدينة الخليل في الضفة الغربية في محاولة للعثور على المفقودين الإسرائيليين الثلاثة (أ.ب)
TT

واصل الجيش الإسرائيلي حملة الاعتقالات التي تطال الفلسطينيين في الضفة الغربية، وأعلن أمس اعتقال 37 آخرين في إطار الحملة التي تشنها إسرائيل للعثور على ثلاثة إسرائيليين خطفوا قبل 11 يوما. وقال وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعالون إن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية تعمل وفق افتراض أن المفقودين ما زالوا على قيد الحياة.

وأضاف يعالون، أثناء تفقده جنوده في مدينة الخليل حيث تتركز أعمال البحث عن المستوطنين، أن العثور عليهم «يتصدر الأولويات» الآن. واستمع يعالون إلى تقارير من قادة الجيش في المنطقة حول سير عمليات البحث. ووسعت إسرائيل، أمس، نطاق البحث عن المستوطنين المختفين واقتحمت مناطق بعيدة ونائية في محيط الخليل بالتزامن مع استمرار عمليات الاعتقالات في كل الضفة. وقالت الناطقة باسم الجيش الإسرائيلي بأنه «في إطار العمليات الجارية اعتقلت القوات الإسرائيلية 37 مشتبها به وفتشت 80 موقعا». وأضافت: «منذ الاختطاف قبل 11 يوما، اعتقل نحو 361 مشتبها بهم بينهم 250 من حركة حماس و57 منهم أطلق سراحهم في صفقة تبادل الأسرى مع جلعاد شاليط».

وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2011 أفرجت إسرائيل عن 1027 أسيرا فلسطينيا مقابل إطلاق سراح الجندي جلعاد شاليط الذي كان محتجزا في غزة، وعاد نصف هؤلاء الفلسطينيين إلى الضفة الغربية.

وقررت إسرائيل إعادة اعتقال بعضهم لاستكمال فترة محكومياتهم السابقة على خلفية اتهام حركة حماس بالوقوف وراء «اختطاف» الشبان الثلاثة، فيما فتش الجيش أكثر من 1500 مبنى ومؤسسة ومئات الكهوف، إضافة إلى إغلاقه ومصادرته أموالا ووثائق من جمعيات أهلية ومؤسسات يعتقد أنها تابعة لحماس. وأعلن الجيش الإسرائيلي، أمس، أنه عثر على أنفاق تحت بيوت في مدينة الخليل، ومصانع للعبوات الناسفة، فيما نشر الشاباك الإسرائيلي، عن أحد أسرى صفقة شاليط، الذين أعيد اعتقالهم وهو زياد عواد من سكان بلدة اذنا غرب مدينة الخليل، أنه كان مسؤولا عن قتل الضابط في الشرطة الإسرائيلية باروخ مزراحي، عشية عيد الفصح اليهودي في أبريل (نيسان) الماضي، بالقرب من اذنا. وبحسب الشاباك فإن عواد (42 عاما) الذي كان يقضي حكما بالسجن لمدة 27 عاما لقتله متعاونين مع الاحتلال، اعتقل معه ابنه عز الدين الذي يشتبه بأنه قدم المساعدة لوالده في التخطيط لعملية قتل الضابط. ولا توجد أي علاقة بين اعتقال عواد والبحث عن المستوطنين المختفين، لكن الجيش الإسرائيلي يأمل في العثور على طرف خيط يقود إلى المستوطنين الثلاثة من خلال توسيع دائرة البحث، خصوصا مع تقديرات أمنية بأن بنك الأهداف في الضفة سينضب خلال أيام. وقالت مصادر سياسية إسرائيلية بأن مداولات مع كبار قادة الجيش والأجهزة الأمنية انتهت بضرورة تغيير طابع العملية العسكرية في الضفة حتى نهاية الأسبوع بحثا عن المستوطنين.

وكتب عاموس هرئيل في صحيفة «هآرتس»، بأن إسرائيل تتجه إلى تقليص أعداد جنودها في الضفة والتركيز على الجانب الاستخباراتي والعملاني الدقيق، خصوصا أثناء شهر رمضان الذي سيبدأ بعد أقل من أسبوع تجنبا لتصاعد المواجهات كذلك.

ويعزز ذلك أن حركة حماس بحسب التقديرات الأمنية الإسرائيلية والفلسطينية تسعى إلى إشعال انتفاضة في الضفة الغربية.

وصرح رئيس الوزراء المقال إسماعيل هنية صراحة بذلك أمس، قائلا: «إن الانتفاضة انطلقت في الضفة الغربية المحتلة» وإن «غزة ليست بعيدة عن صناعة الأحداث الكبيرة». وقال هنية، خلال مراسم تشييع وزير الصحة السابق في حكومته السابقة، مفيد المخللاتي: «إن تهديدات العدو لا تخيف غزة والضفة، أو أطفال الحجارة الذين يقارعون المحتل حتى ساعات الفجر في الضفة الغربية». وأضاف: «العدو لا يستطيع وضع حد للمقاومة أو حماس في الضفة، والقمع الإسرائيلي لن ينجح في كسر إرادة شعبنا». وأردف: «قطاع غزة ليس بعيدا عن صناعة الأحداث الكبيرة، وإن شهداء الإعداد (أثناء حفر نفق) الذين ارتقوا قبل يومين أكبر دليل على أنهم يكتبون عمق هذه الرسالة».

ولا تحبذ السلطة الفلسطينية فكرة أن تدفع حماس نحو انتفاضة في الضفة وتنظر بكثير من التشكك لمثل هذه الدعوات. وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس أعلن أنه لن يسمح لإسرائيل بجر الفلسطينيين إلى مربع العنف والفوضى. وتبادلت الحركتان الاتهامات خلال الأيام القليلة الماضية بشأن الموقف من العدوان الإسرائيلي على الضفة. وضغطت إسرائيل مجددا مستغلة هذا الخلاف لفض الشراكة بين السلطة وحماس.

وقال وزير الشؤون الاستراتيجية والاستخبارات، يوفال شتاينتس، بأن «على رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أن يبرهن أنه شريك للسلام من خلال فك الشراكة مع حركة حماس ووقف التحريض». وأضاف: «لا يمكن إعفاء السلطة الفلسطينية من مسؤولية اختطاف الشبان الثلاثة إذ أنه من واجبها منع أي نشاطات إرهابية في أراضيها». وفي غضون ذلك، قالت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حنان عشراوي بأن القيادة الفلسطينية ستتوجه إلى مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة من أجل وقف ما وصفته بالعدوان الإسرائيلي المتواصل على الفلسطينيين رغم التوقعات باستخدام الولايات المتحدة للفيتو. وفي سياق متصل، أوصت الشرطة الإسرائيلية المستشار القانوني للحكومة، يهودا فاينشطاين، والمدعي العام، شاي نيتسان، بالشروع في تحقيق جنائي ضد عضو الكنيست حنين الزعبي على خلفية تصريحاتها الأخيرة التي قالت فيها «إن خاطفي الشبان الإسرائيليين الثلاثة ليسوا إرهابيين». وقدمت الشرطة التوصية بعد تقديم نواب من اليمين، وإسرائيليين، شكاوى ضد زعبي اتهموها فيها بالتحريض على خطف إسرائيليين. ووقع رئيس شعبة التحقيقات في الشرطة الإسرائيلية، ميني يتسحاكي، على التوصية بالتحقيق ضد الزعبي التي عقبت قائلة بأنها «لم تنتهك أي قانون بل إنها تقوم بواجبها الأخلاقي والإنساني والسياسي بالنضال ضد القمع ومن أجل تحقيق العدل»، ورأت أنه «ليس هناك أي قانون يمنع شخصا من التعبير عن رأيه الخالص».