جدل حول إحالة مادة في قانون البورصة الكويتية للمحكمة الدستورية

تعاقب من يقوم بتداولات وهمية بالحبس مدة تصل إلى خمس سنوات

جانب من تداولات البورصة الكويتية
TT

يثير قرار إحالة مادة قانونية تقيد حركة المضاربين في السوق الكويتية إلى المحكمة الدستورية العليا نقاشا.

وتعاقب المادة 122 من قانون هيئة أسواق المال من يقوم بتداولات وهمية في البورصة بالحبس مدة تصل إلى خمس سنوات وغرامة مالية تصل إلى 100 ألف دينار.

وشكلت هذه المادة مع غيرها من مواد القانون التي هدفت لتحقيق الشفافية في التداولات وحماية مصالح صغار المستثمرين عقبات أمام المضاربين الذين اعتادوا على العمل دون حسيب ولا رقيب.

وبحسب وكالة «رويترز» يرى خبراء أن إحجام المضاربين عن التداول ساهم في دخول السوق فيما يشبه الركود منذ أن بدأ تطبيق القانون في 2011 والذي جاء قبل أن تلملم السوق شتاتها في أعقاب الأزمة المالية العالمية في 2008.

بيد أن الخبراء يقولون في الوقت نفسه أيضا إن نص المادة 122 يتسم بالعمومية بحيث يمكن أن تدخل أي تداولات تحت طائلتها كما أنها قد توقع العقوبة على أفعال هي في حد ذاتها صحيحة إن كان القصد من ورائها خلق «إيحاء زائف أو مضلل» للآخرين وهو ما يجعل العقوبة تتجه للنيات وليس للأفعال.

وقال الدكتور بدر الملا وهو محام ومؤلف كتاب النظام القانوني لأسواق المال لـ«رويترز» إن «شبهة عدم الدستورية واضحة في المادة 122.. لقد أصبحت من الاتساع بحيث يمكن للأبرياء أن يقعوا فيها.. كل شخص معرض أن يدخل في أتون هذه الجريمة طالما ليست هناك معايير منضبطة للتداولات القانونية والأخرى غير القانونية».

وأضاف الملا أن المادة 122 تعاقب المتداولين على النيات «يقولون أنت اشتريت بهدف حث الناس على الشراء. ما الذي أدراك أني حثثت الناس على الشراء أو البيع.. أنا أشتري وأبيع والقانون يسمح لي بالشراء والبيع.. أنت لماذا دخلت في نيتي؟».

وأوضح الملا أن ما بين 70 و80 في المائة من القضايا المحالة لنيابة أسواق المال تكون عادة بسبب المادة 122 وهو ما جعل هناك حالة «من الإجماع» لدى اللجنة المالية والاقتصادية في مجلس الأمة (البرلمان) الكويتي بضرورة تعديل هذه المادة عندما تقدم لها نواب منذ نحو شهرين بتعديلات على مواد القانون.

وشرع مجلس الأمة مطلع أبريل (نيسان) في تعديل القانون بعد أن تقدم النواب بالتعديلات التي شملت 37 مادة وكلف اللجنة المالية البرلمانية بإعداد تقرير بشأن هذه التعديلات المقترحة خلال أسبوعين.

ورفض المجلس في حينها طلبا حكوميا بتمديد أجل إعداد التقرير لأكثر من ذلك وهو ما عده مراقبون مؤشرا قويا على جدية المجلس في إنجاز تعديلات القانون. بيد أن التعديل لم يجر حتى الآن.

وقال الملا «كل شخص يتداول يحط يده على قلبه.. مش عارف هل سيقع في التجريم (طبقا لهذه المادة) أم لا يقع».

لكن مدير إدارة الصناديق الاستثمارية في إحدى الشركات الاستثمارية الكبرى قال لـ«رويترز» مشترطا عدم ذكر اسمه إن «تأثير هذه الإحالة للمحكمة الدستورية على تداولات البورصة سيكون محدودا ولحظيا كما أن الظن بأن هذه الخطوة هي مرونة من قبل السلطات تجاه المضاربات هو اعتقاد خاطئ».

وأضاف أن «الفترات التي ارتفعت فيها السوق اعتمدت بالأساس على حركة الأسهم الثقيلة بينما أغلب الشبهات التي جرى رصدها كانت تجري على أسهم هي بالأساس متعثرة وقيمتها متدنية ومع ذلك كانت تجرى عليها مضاربات محمومة.. وكثير من صغار المتداولين راحوا ضحية هذه المضاربات».

وأعرب عن أمله أن ينتج عن إحالة المادة 122 للمحكمة الدستورية «آلية واضحة المعالم لتعريف التداولات التي تنطوي على شبهة تدليس وعدم شفافية».

وكانت القيم المتداولة اليومية في بورصة الكويت تزيد قبل الأزمة المالية العالمية في عام 2008 عن 200 مليون دينار (710 ملايين دولار) يوميا لكنها انخفضت إلى النصف تقريبا بعد الأزمة.

وكان المتداولون يعولون على القانون الذي أقر عام 2010 وبدأ العمل به في 2011 في علاج جوانب القصور والإسهام في تنشيط البورصة.

لكن ما حدث هو العكس حيث انخفضت التداولات اليومية حاليا إلى حدود 20 مليون دينار وأحيانا أقل أي نحو عشرة في المائة من قيم ما قبل الأزمة.

وأعرب فؤاد عبد الرحمن الهدلق نائب المدير العام في شركة الدار لإدارة الأصول الاستثمارية (أدام) عن مخاوفه من إلغاء هذه المادة وعودة ما وصفها «بالمضاربات السيئة».

وقال الهدلق «هذا القانون وضع لحماية المتداولين جميعا سواء كانوا صغارا أم كبارا من عمليات التدليس والبيع المرتب السابق الذي يهدف للإيهام بأن هناك طلبا على سهم وتدبيس (توريط) مساهمين عادة ما يكونون صغارا للدخول على هذه الأسهم».

لكن المحامي بدر الملا قال إن «الدفع بعدم الدستورية لا يشمل المادة 122 كلها وإنما يشمل حالة واحدة من عدد من الحالات تحدثت عنها هذه المادة». مبينا أن «المحكمة تبحث في حدود الدعوة ويمكنها أن تحكم بعدم دستورية جزء من هذه المادة لا أن تلغيها كلها».

وأكد الهدلق أن هناك جهات ونوابا «يحاولون خلع أنياب وأظافر هيئة أسواق المال بحيث تصير هيئة عديمة المنفعة.. هدف هيئة أسواق المال هو القدرة على ردع المحتالين».

وأضاف الهدلق أنه يريد أن «تحتفظ الهيئة بكامل القوة القانونية لإحالة هؤلاء الأشخاص للنيابة وعدم تفريغ القانون من محتواه».

ويغلب النشاط المضاربي في بورصة الكويت على النشاط الاستثماري ويقول محللون إن «كثيرا من المضاربات الحالية تأتي على حساب صغار المتداولين الذين لا يمتلكون الخبرة الكافية ولا الأدوات التي تمكنهم من كشف التداولات الحقيقة من الوهمية».

من جهة أخرى عادت مؤشرات أسواق المنطقة للتراجع الملموس في تعاملات جلسة يوم أمس، حيث تراجع المؤشر العام لسوق دبي بضغط قاده قطاع الاستثمار بنسبة 4.32 في المائة ليغلق مؤشرها العام عند مستوى 4296 نقطة. وتراجع المؤشر العام للبورصة السعودية بنسبة 1.08 في المائة ليغلق مؤشرها العام عند مستوى 9553.56 نقطة بضغط قاده قطاع الفنادق والسياحة. وتراجعت البورصة الكويتية بنسبة 0.73 في المائة ليغلق مؤشرها العام عند مستوى 6972.89 نقطة بضغط قاده قطاع سلع استهلاكية. وتراجعت البورصة القطرية بنسبة 0.19 في المائة ليغلق مؤشرها العام عند مستوى 12436.05 نقطة بضغط قاده قطاع البنوك والخدمات المالية. كما تراجعت البورصة البحرينية بنسبة 0.17 في المائة ليغلق مؤشرها العام عند مستوى 1427.76 نقطة بضغط من قطاع البنوك التجارية وقطاع الاستثمار. فيما ارتفعت البورصة العمانية بنسبة 0.27 في المائة ليغلق مؤشرها العام عند مستوى 6934.72 نقطة وسط ارتفاع ملموس في قيم وأحجام التداولات. وفي المقابل تراجعت البورصة الأردنية بنسبة 1.96 في المائة ليغلق مؤشرها العام عند مستوى 2099.09 نقطة.