مواجهة مصيرية بين إيطاليا والأوروغواي لقطف بطاقة الدور الثاني أو الرحيل

كوستاريكا متصدرة المجموعة الرابعة تستعرض أمام إنجلترا الباحثة عن انتصار شرفي قبل مغادرة المونديال

هودجسون مدرب إنجلترا يأمل في توديع المونديال بانتصار على كوستاريكا (أ.ب) - الجدية على ملامح لاعبي إيطاليا في التدريب الأخير قبل مواجهة الأوروغواي الصعبة (إ.ب. أ) - سواريز مصدر الخطورة في منتخب الأوروغواي
TT

تتجه الأنظار اليوم إلى ملعب أرينا داس دوناس الذي يحتضن موقعة البقاء والأعصاب بين المنتخبين الإيطالي ونظيره الأوروغواياني لخطف البطاقة الثانية في الجولة الثالثة الأخيرة من منافسات المجموعة الرابعة لمونديال البرازيل 2014 التي ستشهد لقاء آخر استعراضيا بين كوستاريكا التي ضمنت التأهل وإنجلترا التي خرجت من سباق المنافسة.

ولم يكن أحد يتوقع المسار الذي سلكته هذه المجموعة التي أطلق عليها لقب مجموعة الموت بسبب ضمها ثلاثة أبطال عالم سابقين، ومن المؤكد أن أشد المتفائلين في كوستاريكا لم يتوقعوا أن يكون منتخب بلادهم في الدور الثاني قبل حتى خوضه الجولة الثالثة الأخيرة.

وقد رسم المنتخب الكوستاريكي بخطفه البطاقة الأولى بعد فوزه الافتتاحي على الأوروغواي 3 - 1 ثم بإسقاطه إيطاليا 1 - صفر، سيناريو موقعة نارية بين المنتخبين العملاقين، فيما سيكتفي الإنجليز بمواجهة شرفية مع ممثل الكونكاكاف يبحثون خلالها عن توديع البرازيل بفوز معنوي بعد أن سقطوا أمام إيطاليا والأوروغواي بنتيجة واحدة 1 - 2 في مباراتيهما الأوليين.

وسيكون المنتخب الإيطالي بحاجة إلى تعادل من مواجهته مع نظيره الأوروغواياني لكي يتجنب تكرار خيبة مونديال جنوب أفريقيا 2010 حين ودع الدور الأول دون أي انتصار وتنازل بالتالي عن اللقب الذي توج به في ألمانيا 2006، وذلك لأنه يتفوق على منافسه الأميركي الجنوبي بفارق الأهداف.

ووضعت إيطاليا نفسها في هذا الموقف الحرج «التقليدي» بالنسبة لها في دور المجموعات بعد أن قدمت أمام كوستاريكا أداء مغايرا تماما لذلك الذي قدمته في الجولة الأولى أمام إنجلترا.

واعتادت إيطاليا على المعاناة في دور المجموعات بغض النظر عن مستوى منافسيها إن كانوا أبطال عالم سابقين أو منتخبات مغمورة تبحث عن ترك أثر صغير لها في العرس الكروي العالمي، وأبرز دليل على ذلك مونديال 1982 في إسبانيا عندما تعادلت في مبارياتها الثلاث أمام بولندا (صفر - صفر) وألبيرو (1 - 1) والكاميرون (1 - 1) ونجحت في نهاية المطاف بالتأهل إلى الدور التالي بفضل فارق الأهداف المسجلة الذي فصلها عن الأخيرة، إذ سجل «الآزوري» هدفين وتلقى هدفين فيما سجلت الكاميرون هدفا وتلقت شباكها هدفا. ورغم ذلك واصل الإيطاليون مشوارهم ووصلوا إلى النهائي وتوجوا باللقب على حساب ألمانيا (3 – 1).

ومن المؤكد أن «الآزوري» لا يريد تكرار التجربة المريرة التي عاشها في جنوب أفريقيا 2010 أو في مشاركاته الأربع التي تلت تتويجه بلقبه الثاني عام 1938 أو تجربة مونديال 1974، ولكي يتجنب ذلك عليه الارتقاء إلى مستوى التحدي أمام منتخب مندفع منتش من انتفاضته أمام إنجلترا بقيادة هدافه «القاتل» لويس سواريز.

ولا يمكن لإيطاليا أن تلعب من أجل التعادل لأنها تدرك تماما أن فريق المدرب أوسكار تاباريز يملك أسلحة فتاكة قد تصل إلى شباكها في أي لحظة قاتلة على غرار سواريز الذي خطف هدف الفوز المصيري على إنجلترا في الدقيقة 85، أو أدينسون كافاني أو حتى المخضرم دييغو فورلان في حال دخل إلى اللقاء في الشوط الثاني. ولم يكن المدرب تشيزاري برانديللي موفقا في خياراته التكتيكية أمام كوستاريكا إذ عجز لاعبوه عن التعامل مع مصيدة التسلل التي نصبها لهم منافسوهم، أو في تبديلاته خصوصا أنطونيو كاسانو الذي كان من المفترض أن يؤمن بخبرته المساندة اللازمة في خط المقدمة لكنه أثقل كاهل بلاده بعد أن فشل حتى في السيطرة على الكرة في الكثير من المواقف. كما أن المهاجم ماريو بالوتيللي الذي كان بطل المباراة الأولى أمام إنجلترا، لم يقدم شيئا بل إنه لعب دورا سلبيا في تحول مجرى المباراة لمصلحة كوستاريكا وليس لفريق بعد أن حاول التفنن في تسديد الكرة فوق الحارس وهو وجها لوجه معه عوضا عن تسديدة أرضية أو تخطي الأخير والتسجيل في الشباك الخالية.

وازدادت مشكلات إيطاليا لأنها ستفتقد بشكل شبه مؤكد لاعب وسطها دانييلي دي روسي الذي تعرض لإصابة في ربلة ساقه اليمنى خلال لقاء الخميس الماضي أمام كوستاريكا. وسيشكل غياب دي روسي ضربة للمنتخب الإيطالي خصوصا أنه يعد ركيزة أساسية في تشكيلة برانديللي، ومن المتوقع أن يحل بدلا منه تياغو موتا الذي كان من العناصر المخيبة أيضا أمام كوستاريكا بعدما فضله المدرب على حساب ماركو فاريتي الذي قدم أداء جيدا في لقاء إنجلترا. وفي حال تأهل إيطاليا إلى الدور الثاني حيث ستواجه أول أو ثاني المجموعة الثالثة (كولومبيا ضمنت تأهلها والتنافس على البطاقة الثانية ما زال قائما بين ساحل العاج - ثلاث نقاط - واليابان واليونان - نقطة لكل منهما)، قد لا تتمكن أيضا من الاعتماد على دي روسي لأنه يحتاج إلى أسبوع من أجل التعافي بحسب طبيب المنتخب.

وبدا المنتخب الإيطالي متأثرا بالمجهود الذي قام به ضد الإنجليز، كما أنه تواجه الجمعة مع منتخب (كوستاريكا) معتاد على الأجواء المناخية الصعبة. واعترف برانديللي بأن عددا من لاعبيه عانوا بدنيا ضد كوستاريكا، وفي ظل اعتياد الأوروغواي على اللعب في أجواء مماثلة، شدد المدرب الإيطالي على ضرورة تقديم جهود مضاعفة ضد أبطال أميركا الجنوبية، مضيفا في معرض رده على سؤال حول تراجع عطاء صانع الألعاب أندريا بيرلو خصوصا في الشوط الثاني: «رأيت الكثير من اللاعبين المرهقين. من بين المشكلات التي يجب معالجتها الآن، المحافظة على تنظيم الفريق على أرضية الملعب لكي نتمكن من توزيع طاقاتنا بشكل أفضل». وأضاف: «ستكون مباراة صعبة للغاية. تواجهنا معهم العام الماضي في كأس القارات وبعد أن لعبنا جيدا لمدة 35 دقيقة، سيطروا على المباراة. لكن الآن، علينا التخلي عن كل الأفكار السلبية. يجب أن نتحضر ذهنيا ونفسيا».

وكان المنتخبان تواجها الصيف الماضي في كأس القارات على المركز الثالث عندما تقدمت إيطاليا مرتين لكن الأوروغواي عادت وأدركت التعادل بفضل هدفين من أدينسون كافاني، ثم احتكم الطرفان إلى التمديد الذي بقيت فيه النتيجة 2 - 2 رغم طرد ريكاردو مونتوليفو من إيطاليا التي حسمت اللقاء في نهاية المطاف بركلات الترجيح.

وستكون المواجهة الثالثة بين الفريقين في كأس العالم بعد عام 1970 حين تعادلا صفر - صفر في دور المجموعات، و1990 حين فازت إيطاليا 2 - صفر في الدور الثاني.

والتقى الفريقان بالمجمل في ثماني مناسبات على الصعيدين الرسمي والودي وفاز كل منهما بمباراتين وتعادلا في أربع، لكن «الآزوري» يتفوق في البطولات الرسمية بفوزه مرتين مقابل تعادل من أصل ثلاث مواجهات.

ومن المؤكد أن مهمة الأوروغواي ستكون أصعب من إيطاليا لأنها مطالبة بالفوز من أجل التأهل إلى الدور الثاني للمرة الثانية على التوالي ومواصلة مشوارها نحو تكرار إنجاز 1950 حين توجت بلقبها الثاني والأخير على الأرض البرازيلية بالذات وعلى حساب صاحب الضيافة، وهذا ما اعترف به تاباريز الذي عد أن الضغط سيكون على أبطال أميركا الجنوبية.

وقال تاباريز الذي نجح في جنوب أفريقيا في قيادة الأوروغواي إلى نصف النهائي للمرة الأولى منذ 1970: «من الواضح أننا سنكون تحت الضغط لأنه من النتائج الثلاث المحتملة (الفوز أو التعادل أو الهزيمة) لا تفيدنا إلا نتيجة واحدة، لكننا لن نلعب كيائسين. أملك مجموعة معتادة على مقاومة الضغط وعلى التجاوب معها بشكل إيجابي. الضغط كان أسوأ في مباراتنا ضد إنجلترا، أليس كذلك، أم تعتقدون أننا كنا نتسوق؟».

ويعرف تاباريز الكرة الإيطالية كما حال عدد كبير من لاعبيه، إذ درب ميلان (1996) لفترة وجيزة وكالياري في مناسبتين (1995 - 1996 و1998 - 1999)، وذلك في عز أسلوب «كاتيناتشيو» الدفاعي الذي عرف به المنتخب الإيطالي والأندية الإيطالية على حد سواء.

لكن المدرب الأوروغواياني البالغ من العمر 67 عاما والذي يخوض غمار النهائيات للمرة الثالثة مع بلاده (قادها إلى الدور الثاني عام 1990 في إيطاليا ونصف النهائي في 2010)، استبعد أن يكتفي الإيطاليون بالدفاع ضد فريقه وقال: «الأمر منوط بنا، أي تحقيق الفوز. سنبالغ إذ قلنا إننا نتوقع إيطاليا في موقف مدافع ونحن في الهجوم (طيلة المباراة). إنهم أبطال العالم أربع مرات ونحترمهم كثيرا. سيكون تحديا صعبا بالنسبة لنا لكني أعتقد أننا سنحظى بفرصنا».

* كوستاريكا - إنجلترا وعلى ملعب ستاديو مينيراو في بيلوهوريزونتي وفي نفس التوقيت، تخوض كوستاريكا مباراتها مع إنجلترا الجريحة دون أي عقد أو ضغط بعد أن حققت إنجاز بلوغ الدور الثاني للمرة الثانية في تاريخها. وكررت كوستاريكا إنجاز عام 1990 في إيطاليا حين بلغت الدور الثاني للمرة الأولى بقيادة مدربها السابق الصربي الفذ بورا ميلوتينوفيتش، وذلك بحلولها ثانية في المجموعة الثالثة خلف البرازيل وأمام أسكوتلندا والسويد، قبل أن تودع بخسارة مذلة أمام تشيكوسلوفاكيا 1 - 4. وتدين كوستاريكا بتأهلها إلى قائدها براين رويس الذي سجل هدف المباراة الوحيد ضد إيطاليا. وتأمل كوستاريكا أن تخرج بالتعادل على أقله من مباراتها ومنتخب «الأسود الثلاثة» من أجل ضمان صدارتها للمجموعة لكن المهمة لن تكون سهلة ضد الإنجليز الساعين إلى تحقيق ثأرهم منها لأنها كانت السبب بخروجهم بعد فوزها على إيطاليا. ولا تقف حدود المنتخب الكوستاريكي عند التأهل إلى الدور الثاني وحسب، بل أكد مدربه الكولومبي لويس بينتو: «لن نقف عند الإنجازات التي حققناها حتى الآن، فكأس العالم بالنسبة إلينا لم تنته بعد». وبدوره، يبحث المنتخب الإنجليزي الذي ودع النهائيات من الدور الأول للمرة الأولى منذ 1958، إلى إنهاء مشاركته البرازيلي بفوز شرفي يبدأ فيها حقبة جديدة مع جيل شاب واعد أظهر أنه يتمتع بإمكانيات مميزة جدا خلال المباراتين الأوليين رغم خسارتهما. وخلافا لما اعتقد الكثيرون بعد الخسارة أمام الأوروغواي وتأكد الخروج من الدور، لن تكون مباراة كوستاريكا الأخيرة للمدرب روي هودجسون مع «الأسود الثلاثة» سهلة إذ أكد رئيس الاتحاد الإنجليزي غريغ دايك استمرار الأول في منصبه حتى نهاية عقده. وقال دايك لشبكة «سكاي سبورتس» البريطانية إن «هودجسون يحظى بدعم الاتحاد المحلي وسيبقى مدربا لمنتخب الأسود الثلاثة حتى انتهاء عقده في كاس أوروبا 2016».

وقال دايك: «ندعم هودجسون وطلبنا منه البقاء في منصبه. لم نتعرض للإذلال في الخسارتين وكانت النتيجة متقاربة. نواصل ندعم المدرب لأربع سنوات ونحتاج لتحقيق نتيجة أفضل في 2016».

وعما إذا كان لا يزال على رأيه حول إمكانية فوز إنجلترا بكأس العالم 2022، رد دايك: «نعم، لكن أعتقد أن الكرة الإنجليزية بحاجة لتغييرات كثيرة».