الموسم السياحي يصارع التفجيرات.. وترجيحات بانطلاقه بزخم بعد شهر رمضان

وزير السياحة اللبناني قال لـ («الشرق الأوسط») إن «الدينامية موجودة وتأثير المستجدات الأمنية محدود»

TT

لن يكون صيف لبنان واعدا سياحيا كما كانت كل المعطيات توحي قبل نحو أسبوع، بعدما تبين أن التوافق الداخلي على وجوب فرض الاستقرار وتسيير أمور البلد، ليس كافيا لصد التفجيرات المتنقلة التي عادت تضرب في العاصمة بيروت وفي أرجاء أخرى من البلاد. ويعول المعنيون في القطاع السياحي على فترة ما بعد شهر رمضان وعلى الحجوزات التي لم تتأثر بشكل كبير بعد تفجيري منطقة ضهر البيدر شرقا يوم الجمعة الماضي وتفجير منطقة الطيونة في بيروت ليل الاثنين الماضي، فظلت انعكاساتهما محدودة بحسب وزير السياحة ميشال فرعون الذي أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «الدينامية السياحية لا تزال موجودة، كما أن نجاح الموسم الصيفي ممكن».

وينطلق في 26 يونيو (حزيران) الحالي مهرجان «بيت الدين» الدولي الذي يستضيف ككل عام عددا كبيرا من النجوم العالميين، على أن تكر تلقائيا سبحة المهرجانات الأخرى وأبرزها مهرجان «بعلبك»، و«بيبلوس» و«اهدنيات» و«جونية». وبعكس العام الماضي، لا يبدو أن أيّا من هذه المهرجانات متأثر بتجدد التفجيرات الانتحارية، باعتبار أن الإجراءات التي شهدها الموسم الماضي لجهة نقل موقع مهرجانات «بعلبك» من القلعة التاريخية شرق البلاد إلى إحدى مناطق بيروت، غير حاصلة حاليا.

ولا ينفي الوزير فرعون تعرض القطاع لـ«تأثيرات محدودة» جراء التفجيرين الأخيرين، «لكن وبعد أن اتضحت الأمور لجهة نجاح الأجهزة الأمنية بإفشال المخططين الإرهابيين، عاد نوع من الطمأنينة إلى نفوس المعنيين خاصة بعد تكثيف جهودنا للتأكيد على وجود اتفاق استراتيجي داخلي للحفاظ على الاستقرار».

ولفت فرعون إلى أن «خطر الإرهاب يهدد كل دول المنطقة دون استثناء، وبالتالي ليس لبنان وحده المهدد، كما أن الوعي واليقظة لدى الأجهزة الأمنية والتنسيق الدائم مع الأجهزة الخارجية كلها عوامل تسهم أكثر فأكثر في بناء ثقة السائح، وهو ما تبين في عدم تأثر الحجوزات رغم التفجيرين وأزمة الاستحقاق الرئاسي المستمرة».

وتحركت عجلة السياحة اللبنانية بعد تشكيل حكومة الرئيس تمام سلام في فبراير (شباط) الماضي، وكان توافد السياح العرب والأجانب إلى لبنان تراجع من مليونين و300 ألف في عام 2010، إلى مليون و300 ألف في عام 2013 بعد إسقاط حكومة الرئيس السابق سعد الحريري في عام 2011، وتشكيل حكومة الرئيس الأسبق نجيب ميقاتي، التي لم تشارك فيها قوى «14 آذار» ووصفت حينها بأنها «حكومة حزب الله»، لأنه كان الطرف الأقوى فيها.

وقد تحرك سلام والوزراء المعنيون أخيرا باتجاه دول الخليج لحث مواطنيها على اعتماد لبنان وجهتهم السياحية في الموسم الحالي. وفي هذا الإطار، قال مصدر دبلوماسي خليجي لـ«الشرق الأوسط» إن «عددا كبيرا من الخليجيين باتوا أصلا في لبنان».

وتمنى سلام خلال زيارته لدولة الكويت يوم الأحد الماضي، من دول الخليج المساهمة في «مداواة جروح لبنان»، ليعود لاستقبال ضيوفه الخليجيين الذين عدهم جزءا من بلدهم لبنان، مؤكدا أن «الوضع الأمني مستقر حاليا».

ويرد أمين عام اتحاد المؤسسات السياحية جان بيروتي بعدم تأثر السياح الموجودين في لبنان حاليا بالتفجيرين الأخيرين كون «معظم هؤلاء من العرب والخليجيين واللبنانيين المغتربين الذين يعرفون لبنان وتركيبته وتطور الأوضاع فيه حتى أكثر من اللبناني المقيم نفسه».

وقال بيروتي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «التفجيرات الأخيرة كانت محدودة بالموقع والنتائج، وكما هو معلوم، هي نتيجة مباشرة للصراع المحتدم في المنطقة»، داعيا «لانتخاب رئيس جديد للجمهورية وتحييد لبنان عن الصراعات الخارجية لتحسين الوضع اللبناني وبالتالي إنقاذ الموسم السياحي».

وتوقع بيروتي أن ينطلق الموسم «بزخم وقوة بعد شهر رمضان وانتهاء مباريات كأس العالم لكرة القدم»، مؤكدا أن «كل الحجوزات لا تزال قائمة، ومعظم السياح من العراقيين والخليجيين وكذلك من اللبنانيين المغتربين في كندا وأوروبا وأميركا».

وتلقى تطمينات المعنيين بالقطاع السياحي صداها في شركات الطيران التي يجزم موظفوها أن حجوزات القادمين إلى لبنان في الأشهر المقبلة لم تتأثر. ويشير رئيس الدائرة التجارية في شركة «طيران الشرق الأوسط» (ميدل إيست) نزار خوري لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الوقت لا يزال مبكرا لكي يكون لدينا أي أرقام تشير إلى تأثر الحجوزات»، معربا عن أمله في أن «لا يكون هناك تأثير سلبي يذكر ليبقى هذا الصيف صيفا واعدا».

وتؤكد مصادر معنية في شركة «الطيران التركي» في بيروت لـ«الشرق الأوسط» أن «التفجيرين الأخيرين لم يتركا أي انعكاسات تذكر على الحجوزات»، لافتة إلى أن «معظم الرحلات إلى بيروت مكتملة».

وكانت السفارة الفرنسية في بيروت طلبت من رعاياها بعيد تفجير ضهر البيدر الذي أدى لمقتل عنصر أمني وجرح آخرين، قصر تحركاتهم في لبنان على التنقلات الضرورية، فيما حثت الولايات المتحدة ودولة الإمارات مواطنيهما على تحاشي السفر إلى لبنان.

وعلق رئيس اتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة في لبنان محمد شقير على التفجير الذي استهدف منطقة الطيونة في بيروت أول من أمس، عادّا أن تجدد التفجيرات قبل موسم الصيف «ليس بالصدفة».

وعدّ شقير في تغريدات له على موقع «تويتر» للتواصل الاجتماعي أن «لبنان يدفع ثمن الفراغ الرئاسي»، وقال: «كنت أحضر للمؤتمر (عقد في العاصمة الفرنسية باريس أمس لدعم اقتصاد لبنان) منذ نحو شهرين باعتبار أن مئات الشركات الفرنسية شاركت فيه.. وما قلته لهم بعيد التفجيرين الأخيرين إن لبنان يضعف ولكن لا يموت».